الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اليسار البحريني‮ ‬أين‮ ‬يمضي‮.. ‬وما هي‮ ‬آفاقه؟

فاضل الحليبي

2007 / 11 / 6
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية


تساؤلات لا زالت محيرة للعديد من الاصدقاء قبل الرفاق،‮ ‬ما هو مستقبل اليسار في‮ ‬البحرين؟،‮ ‬وهل هناك أفق مستقبلية للنهوض باليسار البحريني‮ ‬من جديد،‮ ‬عندما كان هو الابرز في‮ ‬الساحة السياسية في‮ ‬الستينات والسبعينات،‮ ‬وهل‮ ‬يخرج من ازمة التشرذم السائدة في‮ ‬صفوفه،‮ ‬وهل‮ ‬يستطيع توحيد جهوده من خلال تشكيل التيار الوطني‮ ‬الديمقراطي‮ ‬من اطرافه المختلفة فكرياً‮ ‬ومعه شخصيات وطنية ديمقراطية؟
مثلما هو موجود في‮ ‬الساحة الأردنية،‮ ‬وهل‮ ‬يستطيع تحديد اهدافه بوضوح في‮ ‬ظل التجاذبات الطائفية في‮ ‬بلادنا،‮ ‬وهل‮ ‬يتعلم الدرس من انتصارات احزاب اليسار في‮ ‬امريكا اللاتينية،‮ ‬ام الواقع هناك‮ ‬يختلف عن بلداننا العربية والاسلامية،‮ ‬وهل تيارات الاسلام السياسي‮ ‬سوف تظل تستحوذ على قطاعات واسعة من الجماهير،‮ ‬بسبب توافر المال وسهولة الوصول للجماهير من خلال المساجد والحسينيات والاستفادة من المناسبات الدينية لتنشر برامجها واهدافها وسط الناس في‮ ‬الوقت التي‮ ‬تواجه قوى اليسار البحريني‮ ‬معوقات وصعوبات عديدة،‮ ‬بعضها مجتمعي‮ ‬والآخر ذاتي،‮ ‬كما اتسعت الهوة بين الاجيال المنتمية لليسار بسبب الضربات المتتالية على قوى اليسار في‮ ‬السبعينات والنصف الثاني‮ ‬من الثمانينات،‮ ‬لم تتواصل الاجيال مع بعضها البعض في‮ ‬جدلية مترابطة ومتأصلة في‮ ‬الفكر والتنظيم،‮ ‬كان التباعد واضحاً‮ ‬بين الاجيال،‮ ‬اضافة لكل هذه التغيرات الكبرى التي‮ ‬حدثت بانهيار الاتحاد السوفيتي‮ ‬ودول المنظومة الاشتراكية في‮ ‬بداية التسعينات من القرن الماضي،‮ ‬وبروز فكرة نهاية الايديولوجية وانتصار المبادئ الرأسمالية،‮ ‬مثلما روج إليها مفكرون على شاكلة فياكوهاما وغيره من منظري‮ ‬الرأسمالية العالمية‮.‬
والجدل الذي‮ ‬لا زال دائراً‮ ‬في‮ ‬اوساط ماركسية عديدة،‮ ‬أين‮ ‬يكمن الخطأ،‮ ‬هل في‮ ‬النظرية او التطبيق،‮ ‬فالماركسية هي‮ ‬علم وليس كتاباً‮ ‬مقدساً،‮ ‬فالعلم‮ ‬يتطور مع تطور الانسان ذاته،‮ ‬مثلما درس ماركس الفلسفة الألمانية،‮ ‬لهيغل وفورباخ،‮ ‬وطور افكاره الفلسفية في‮ ‬منتصف القرن التاسع عشر،‮ ‬طور لينين افكار ماركس في‮ ‬بداية القرن العشرين وخالفه في‮ ‬بعض آرائه حول كيفية انتصار الثورة وقيام الاشتراكية،‮ ‬حيث حقق الانتصار التاريخي‮ ‬المعروف في‮ ‬اكتوبر ‮٧١٩١‬م،‮ ‬من خلال القيام بالثورة البلشفية وإعلان جمهورية العمال والفلاحين في‮ ‬روسيا الزراعية أضعف الحلقات في‮ ‬اوروبا الرأسمالية،‮ ‬ونصح لينين شيوعيي‮ ‬الشرق في‮ ‬مؤتمر الكومترن المنعقد في‮ ‬العشرينات من القرن الماضي‮ ‬للأحزاب الشيوعية والعمالية والثورية،‮ ‬بأن لا‮ ‬ينقلوا مبادئ الثورة الروسية إلى بلدانهم بشكل ميكانيكي،‮ ‬كما عليهم النظر للواقع الملموس في‮ ‬بلدانهم،‮ ‬وساهم شيوعيو بلدان عديدة في‮ ‬تطوير الافكار الماركسية،‮ ‬ولا زالت مبادىء العدالة الاجتماعية،‮ ‬وتوزيع الثروة والمساواة في‮ ‬الحقوق بين المرأة والرجل وعدم استغلال الانسان لاخيه الانسان،‮ ‬مبادئ تستقطب الآلاف والملايين من الفقراء والعمال والكادحين وفئات واسعة من المثقفين والكتاب‮.. ‬وهي‮ ‬مبادىء تستند عليها افكار الاشتراكية العملية وتعمل الاحزاب العمالية والتقدمية في‮ ‬العديد من بلدان العالم على تجسيدها على واقع بلدانها من خلال برامجها السياسية والفكرية،‮ ‬هذا ما‮ ‬يحدث اليوم في‮ ‬فنزويلا على‮ ‬يد رئيسها شافيز وبعض بلدان أمريكا اللاتينية‮.‬
ان المرء‮ ‬يسرد تلك الحقائق ليؤكد على ان فكر الانسان القائم على احقاق العدل والمساواة بين الناس،‮ ‬بعيدا عن التعصب للعرق او الجنس او المعتقد الديني‮ ‬هو طريقه لانتزاع حقوقه وتحقيق أحلامه في‮ ‬حياة‮ ‬يسودها الرفاه والتقدم،‮ ‬وبقدر ما هي‮ ‬حقوق‮ ‬يجب ان‮ ‬ينالها الانسان في‮ ‬مجتمعه،‮ ‬فالعلم والمعرفة العلمية هي‮ ‬نتائج عقول بشرية تعمل على تطويرها وأغنائها من خلال البحث والتنقيب عن الحقيقة،‮ ‬لهذا تتطور الافكار والنظريات التي‮ ‬تهدف الى رقي‮ ‬وعظمة الانسان،‮ ‬لكي‮ ‬يعطي‮ ‬ويقدم أفضل الانجازات والابتكارات والدراسات والبحوث العلمية والمعرفية،‮ ‬بعكس الذين‮ ‬يقومون بأعمال‮ ‬يهدفون من ورائها القضاء على البشرية وفنائها،‮ ‬يعمل الفكر الانساني‮ ‬من أجل الحياة واستمرارها وتطورها وتقدمها،‮ ‬وهذا لا‮ ‬يتحقق في‮ ‬المجتمعات التي‮ ‬يستغل فيها الانسان لأخيه الانسان،‮ ‬ولا في‮ ‬مجتمعات تسود فيها فئة أو طبقة على اخرى،‮ ‬بامتيازات وعطاءات لا حدود لها،‮ ‬فهل توجد فكرة العدالة الاجتماعية في‮ ‬غير ذلك النسق،‮ ‬تكون فكرة متناقضة ومتضاربة مع مفهوم المساواة والحق‮.‬
نستخلص من هذا،‮ ‬بأن لا‮ ‬يخلط البعض في‮ ‬المفاهيم بين ما هو تكتيك واستراتيجية،‮ ‬فالتكتيك هو هدف مرحلي،‮ ‬تعمل به في‮ ‬مكانه وزمانه،‮ ‬والاستراتيجية هي‮ ‬هدف بعيد تعمل على تحقيقه بأهداف وخطط وبرامج واضحة،‮ ‬ولا‮ ‬يمكن ان تلعب بالالفاظ وتستغفل عقول الناس لتحقق أهدافاً‮ ‬آنية وذاتية تتناقض مع الفكرة‮.‬
انطلاقا من هذا الفهم كان اليسار الماركسي‮ ‬البحريني‮ ‬واضحاً‮ ‬مع الجماهير في‮ ‬فكره وعمله لم‮ ‬يلبس في‮ ‬يوم من الايام ثوباً‮ ‬غير ثيابه،‮ ‬ولم‮ ‬يساير هذا وذاك لأهداف آنية،‮ ‬وقد‮ ‬يتفق ويختلف،‮ ‬ويمارس النقد والنقد الذاتي،‮ ‬النقد الهادف البناء ويتعظ من الدروس والتجارب،‮ ‬ويحاول ان‮ ‬يتجاوز الثغرات والاخطاء،‮ ‬يخاطب الناس بواقعية،‮ ‬يعارض وفق منهجية علمية،‮ ‬يؤمن بالتغيرات الاجتماعية التي‮ ‬تحدث في‮ ‬المجتمع،‮ ‬عندما تصل إلى الذروة في‮ ‬الصعود تحصل تغيرات كبيرة تؤدي‮ ‬بها إلى تشكيلات نوعية متقدمة‮.. ‬بمعنى أدق بأنها لا تحدث دفعة واحدة بل على مراحل،‮ ‬هكذا نقرأ علم الاجتماع في‮ ‬التاريخ وفي‮ ‬التحولات المجتمعية،‮ ‬وكيفية تفكك العلاقات الاجتماعية القديمة،‮ ‬ونشوء علاقات مجتمعية جديدة متطورة نتجية لتطور الانتاج المادي‮ ‬والوعي‮ ‬الاجتماعي‮ ‬لدى الافراد والجماعات وابتعادها عن الافكار والمفاهيم القديمة البالية التي‮ ‬كانت سائدة في‮ ‬المجتمع،‮ ‬تتفتح أمامها آفاق جديدة من الوعي‮ ‬والمعرفة،‮ ‬ربما‮ ‬يقوم قائل بأن واقع مجتمعنا والمجتمعات العربية،‮ ‬لا‮ ‬يبشر بخير،‮ ‬فتبقى هذه فقط أحلام،‮ ‬مثلما كانت في‮ ‬الماضي‮ ‬القريب،‮ ‬العبرة ليست في‮ ‬احداث التغيرات اليوم،‮ ‬بقدر ما هي‮ ‬في‮ ‬كيفية توصيل برامج اليسار البحريني‮ ‬للناس لتتعرف على أي‮ ‬مستقبل تريد لهذا الوطن،‮ ‬وان لا‮ ‬يكون هناك رهان على خيارات طائفية تمزق البلاد الى طوائف وقبائل،‮ ‬واطلاق الجمل الثورية هنا وهناك ودغدغة عواطف الجماهير الفقيرة بترداد ما‮ ‬يطرب لها سماعها،‮ ‬والادعاء بالمعرفة الفلسفية بأطروحات ايديولوجية تتغنى بالشكل وترفض المضمون في‮ ‬سياسات التغيير الاجتماعي‮ ‬والسياسي‮ ‬الذي‮ ‬لا‮ ‬يقبل القسمة،‮ ‬تارة تعلن بأنك تتخلى عن الايديولوجية،‮ ‬وتارة أخرى تقوم باسقاطات ايديولوجية،‮ ‬وبانتقاء جمل فكرية لتغلف مقالك بمفاهيم وأقوال،‮ ‬طالما رددت من قبل على شاكلة‮ »‬التحريفية والاصلاحية‮« ‬عندما جاء اليسار العربي‮ ‬الجديد من رحم الحركة القومية في‮ ‬الوطن العربي‮ ‬بعد حرب حزيران،‮ ‬ليقذف الاحزاب الشيوعية والعمالية العربية بكل النعوت والاوصاف،‮ ‬فأين هو اليوم بعد أربعين عاماً،‮ ‬لا نريد اجترار الماضي‮ ‬واعادة تلك الصفحات السيئة في‮ ‬تاريخ العلاقات ما بين القوى التقدمية العربية،‮ ‬ولكن على المرء ان‮ ‬يتعلم من الماضي‮ ‬ويتعظ،‮ ‬والحزب السياسي‮ ‬الذي‮ ‬لا‮ ‬يستطيع ان‮ ‬يحدد خطه الفكري‮ ‬والسياسي‮ ‬والتنظيمي‮ ‬وفق منهجية علمية‮ ‬يرسم معالمها الفلسفية بمعناها الايديولوجي‮ ‬وليس بعبارات فضفاضة وغامضة‮.. ‬وعلى الكاتب ان‮ ‬يصدق القول مع الناس بحقيقة فكره وهدفه،‮ ‬وان لا‮ ‬يكون مثل النعامة التي‮ ‬تضع رأسها في‮ ‬الرمال،‮ ‬ام فكرة المصالح تتقدم اليوم على الايديولوجيا،‮ ‬وتتغلب على مفهوم الفكر والثقافة فهذا توجه خطير،‮ ‬يذكرنا بمقولة هنري‮ ‬كسنجر وزير خارجية أمريكا الاسبق،‮ ‬عندما قال بأن لنا مصالح دائمة في‮ ‬الخليج وليس أصدقاء دائمين،‮ ‬بعد حرب أكتوبر عام ‮٣٧٩١‬،‮ ‬كان‮ ‬يعبر بصدق عن ايديولوجية المصلحة والمنفعة في‮ ‬مبادىء الرأسمالية،‮ ‬فاذا كان هذا خياركم،‮ ‬فهو تعبير عن مصلحة نفعية بصورة انتقائية،‮ ‬وهو أيضا‮ ‬ينطلق من وعي‮ ‬ايديولوجي‮ ‬اي‮ »‬مفهوم المصالح‮«‬،‮ ‬انه الهروب الى الامام فيقع صاحبه في‮ ‬فخ الايديولوجية من حيث‮ ‬يعي‮ ‬ذلك أولا،‮ ‬فلماذا الضبابية في‮ ‬الطرح،‮ ‬فهذا‮ ‬يدل على تأزم فكري‮ ‬وفلسفي‮ ‬ينحدر نحو الهاوية والضياع،‮ ‬فالماركسية علم من العلوم الانسانية،‮ ‬فاذا انجب الفكر الانساني‮ ‬علماً‮ ‬آخر أكثر تقدما وتطورا على صعيد الفلسفة المادية‮ ‬يكون طريقاً‮ ‬جديداً‮ ‬لرقي‮ ‬البشر في‮ ‬العالم‮.‬










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. احتلال يمتد لعام.. تسرب أبرز ملامح الخطة الإسرائيلية لإدارة


.. «يخطط للعودة».. مقتدى الصدر يربك المشهد السياسي العراقي




.. رغم الدعوات والتحذيرات الدولية.. إسرائيل توسع نطاق هجماتها ف


.. لماذا تصر تل أبيب على تصعيد عملياتها العسكرية في قطاع غزة رغ




.. عاجل | القسام: ننفذ عملية مركبة قرب موقع المبحوح شرق جباليا