الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


على الأقتصاد العراقي آثار قانون الأستثمار الأجنبي رقم (39) لسنة 2003

خالد عيسى طه

2007 / 11 / 19
دراسات وابحاث قانونية



1- ماله وما عليه
2- أسباب تشريعه وموجبات التطبيق
3- هل المقصود من اصداره خير العراق أم مصلحة المستثمر الأجنبي.
لا نريد الأرتجاع لقراءة تاريخ العراق على أكثر من مدى ذاكرة قارئ في عقده السابع.
العراق كان ضمن حكم الدولة العثمانية وكان أقتصاده مرتبطا عضويا بالعثمانيين المحتلين بحجة الدين وتحت مظلة الأسلام والخلافة مما يعطي للسلاطين العثمانيين الحق في أن يسوق جميع أقتصاديات الولايات التابعة لبني عثمان بأتجاه المصلحة العثمانية، لذا كان الولاة هم الجباة القساة لجمع المال ( الخاوة ) لتكلأ صناديق المال في اسطنبول، وكان ما يجمع من مالا وماشية وطعام ما يمول الحروب الكثيرة التي خاضها الجيش العثماني ذلك أوائل التاسع عشر بعد خسر العثمانيين الحرب العالمية الثانية وأصبح الرجل المريض ( الدولة العثمانية ) وليمة يتقاسم عليها الدول المنتصرة وهكذا انسلخ العراق عن الدولة العثمانية وبدأ الأحتلال ما بين سنتس 1914-1917، ثم جاءت مرحلة الحرب ضد الأحتلال الأنكليزي وثورات الجنوب وأخصها معارك الرارنجية والعارضيات حول نهر الفرات والتي أبلى بها رجال عراقيون وطنيون شيوخ العشائر، حتى أنهم أجبروا الجيوش الأنكليزية على قبول بعض مطاليب قادة حرب التحرير من أمثال جعفر أبو التمن ورجال الدين أمثال الخالصي. لقد بدأ الأنكليز عن وعي في ترتيب ملامح وحدود الدولة العراقية التي تتلائم مواصفاتها بدخول عصبة الأمم تحت عرش الهاشميين الملك فيصل الأول فقاموا بالخطوات التالية:
1- انشاء جيش يضم أفراد العشائر وأبناء الشيوخ مع شرطة محلية.
2- البدأ في هيكلة المحاكم وخلق قضاء مستقل وفق الدستور الدائم الذي يفصل بين السلطات الثلاث، وعمل الأنتداب على تحقيق الكثير ولكن الذي يهمنا هي الخطوات الأقتصادية، وبدا أنشأوا شركة نقل نهرية تحت أسم ( شركة بيت لنج).
3- شجعوا البنوك البريطانية والعربية على فتح فروع لهم في بغداد وخاصة البنك الشرقي (East Bank ) والبنك البريطاني (British Bank ) مما حفز بعض مكاتب الصرافة، وأول من تعاطى مهنة الصرافة هم أهل النجف بأعتبارهم مركزا للتجارة في جنوب العراق وبعضا من يهود العراق، وهكذا تنامى الأقتصاد العراقي واشتد عوده حتى أصبح في الخمسينات من الأسواق العربية الأوسطية المهمة وأحد ركائز الأقتصاد الأقليمي مدعوما بأنتاجه الزراعي ومصادر نفطه.
ان هذه الحالة التي وصل اليها العراق لم تكن من فراغ بل ان الأستقرار السياسي واستتباب الأمن وقوة القضاء وعدالة الأحكام القضائية تشجع الطبقة البرجوازية التي هي المحرك الوحيد للتطورات الأقتصادية التي حصلت في العالم بأستثناء الدول الماركسية، حتى وجدنا رواجا تجاريا وتصاعديا صناعيا وتوسعا في السياحة الدينية التي كانت من ميزات الخمسينات في العهد الملكي، وهكذا أصبح هذا العهد متميزا في الأستقرار السياسي حتى على دول الجوار ومنها الكويت التي تأخرت كثيرا بعد العراق في تطوير أقتصادها.
واكب النظام الملكي في فترة حكمه النهضة الأقتصادية التي تركزت على ايجاد صناعات خفيفة جعلت العراق أقرب الى الدول المتقدمة منها دول العالم الثالث، فتجد في العراق الكثير من المصانع الصغيرة من مصانع طابوق ومصانع بلاستك وأثاث ومعجنات وكثير منها تدخل في الصناعات الخفيفة.
ثم يدعم من الحكم الملكي تطورات صناعة الأسمنت والزيوت النباتية والصناعات التحويلية الأخرى والصناعات التي تختص في تجميع صناعات نتجتها الدول الغربية مثل الثلاجات والمبردات والمكيفات والعشرات منها.
ان هذا التطور الصناعي دفع العراق في أن يفكر في ضمان أوليات هذه الصناعة وأهمها الكهرباء والمواد الخام بعد أن الأستقرار والعدالة وأصدر عام 1954 قانون مجلس الأعمار وهو أجرأ قانون يحقق نقلة أقتصادية للعراق في ذلك الوقت اذ احتوى على ما يلي:
1- صدر نظامه بهيكلية تبعد عن التفرد بالقرار، فمجلس الأعمار له هيئة عليا هي صاحبة القرار ورئيس المجلس له نفس الحقوق للعضو في ذلك المجلس، كما رتب سلاسة القرار والأبتعاد عن الروتينية والبيروقراطية، وأنشأ هيئات اختصاصية تشكل الروافد الأستشارية لتكوين القرار للزراعة والري والسدود والصناعات والطرق، وكانت تضم أكثر العراقيين كفاءة.
2- ان تخصص لتمويل هذا المجلس 70 % من واردات النفط وقد تراكم في صندوقه المال الكثير رغم قلة انتاج النفط وتدني أسعاره العالمية مع أنخفاض حقوق العراق لدى شركات النفط العالمية (K.O.C ) و( B.B.C).
3- وفعلا ان المجلس استطاع أن ينجز ثلاث مشاريع غيرت السياسة الأروائية للعراق وأغنت زراعته بما توفره من ماء وجنبت مدنه وأراضيه ومزارعيه آثار الفيضانات المدمرة.
نعم أنشأوا سد دوكان وهو سد عظيم يروي الكثير من الأراضي ويوفر الكهرباء لمساحة واسعة في الشمال وكذلك سد دربندخان وهو أكبر من الأول ويزيده في الطاقات الأنتاجية للكهرباء والأرواء للأراضي، وأخيرا بحيرة الثرثار وتعتبر من المنجزات الأروائية ذات التقنية العالمية، ولم يستطع مجلس الأعمار أن ينجز هذه الأعمال الكبيرة الا بالعمل المتواصل والحس الوطني والحرص المهني على انجاز ما يجب انجازه لتقوية الأقتصاد بل أكثر من هذا فقد أقدم على طرح مشاريع كثيرة بالعشرات بعد أن قامت شركات متخصصة استشارية على دراستها وبشكل المشروع الجاهز (Turen Key JOB) وللتاريخ بعد ثورة 14 تموز ويوم أطلق سراحي مع فؤاد الركابي أمين سر حزب البعث القطري واستيزاره الأعمار من قبل الزعيم عبد الكريم قاسم أوصلني الى الباب وهو يقول ( يا أخي لدينا الكثير من العمل لأكمال ما تركه لنا مجلس الأعمار من مشاريع، فعلينا بالوحدة الوطنية والألتفاف حول الزعامة المخلصة ). علما أن فؤاد الركابي كان مهندسا للري في احدى هيئات المجلس.
أما مرحلة ما بعد عبد الكريم قاسم بأنقلاب البعثيين فألخصه في جملة واحدة (لو استثمر حزب البعث الموارد النفطية بأعمار العراق وبدون تبديد أو شن الحروب وللمصالح الخاصة لكان العراق اليوم أكثر الدول العربية تقدما أقتصاديا وصناعيا).
لم يصرف حزب البعث طول مدة حكمه الا نسبة ضئيلة من المليارات المتوفرة في عمليات وحروب عبثية وبرمجة القتل الجماعي وانشاء المقابر الجماعية، هذا ناهيك عن الخطأ الذي وقع به حكم عبد السلام عارف اذ أعلن بقانون مفاجئ على زمن طاهر يحيى تأميم الشركات والمصانع، وقد تفنن مشرعوا هذا القانون بتوسيع شموله حتى لأصغر المعامل وبمشاريع نقل عن رأس مال عن مائة ألف دينار مثل معامل الشخاط والطحين، واندفع القائمين على تنفيذ هذا القانون بقسوة التطبيق وعدم عدالة التعويض، اذ أحتسب المال والموجودات على القيمة الدفترية لها وليس على واقع التقييم بتاريخ التأميم.
الا ان هذه التأميمات وما رافقها من تسبب في الأدارة وعدم جدوى استمرارها حذا بنظام صدام بأصدار قانون آخر وهو خصخصة أكثرية شركات القطاع العام وبيعت بمزايدات صورية كان المستفيد منها هو أزلام النظام.
أنا مع الذين أن الخطأ لا يستوجب قيام خطأ آخر، فاذا كان التأميم خطأ في الستينات فالخصخصة أكثر خطا في الثمانينات وليس لكلا المدرستين العذر بوجود الخسارة للمشاريع العامة أو المختلطة أو بعدم جدوى بقائها أقتصاديا أو انها تغطي على بطالة مقنعة بأعتبار أن منتسبي هذه المشاريع الزائدين عن الحاجة يستلمون الرواتب دون انتاج، فالتأميم غير المدروس خسارة لأقتصاد العراق والخصخصة المتسرعة هي أيضا غير صالحة للعراق.
الآن ومن المفيد أن نجري قراءة محايدة في الأسباب القانونية الموجبة لتشريع قانون الأستثمار الأجنبي المرقم 39 لسنة 2003.
جاء في ديباجة الحاكم المدني بول بريمر انه استنادا على السلطات المخولة له بصفته المدير الأداري لسلطة الأئتلاف المؤقتة، وبموجب القوانين والأعراف المتبعة في حالة الحرب وتمشيا مع قرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة بما فيها العراق رقم 1483 لسنة 2003 والرغبة في ضمان تحقيق التغيير الأقتصادي على النحو المقبول للشعب العراقي وحسب رغبة مجلس الحكم في احداث التغيير في الأقتصاد العراقي واصرارا منا على تحسين ظروف معيشة جميع العراقيين وتحسين مهارتهم التقنية والفرص المتاحة لهم وكذلك مكافحة البطالة في العراق وما يرافقها من آثار تضر بالسلامة العامة.
برأينا ان هذه الديباجة الا مقدمة مقال صحفي انشائي لا يقنع من عايش الواقع العراقي الذين يملكون حسا وطنيا وقدرة على التحليل لخبرتهم الأكاديمية، وقد ساهموا في كتابة الكثير عن جدوى الأستثمار الأجنبي في بلد مثل العراق بوضعه الحالي وقد انقسموا فيما بينهم من مؤيد ومعارض وهذا يشجعنا بأن ندلوا بدلونا بأبداء ملاحظات نعتقد بجدواها.
في التوقيت لأصدار مثل هذا القانون وهل ان هذا التوقيت لمثل هذا القانون خطوة صحيحة وهل هذا القانون مناسب لتحقيق ما جاءت به المقدمة.
1- العراق الآن لا يملك الحد الأدنى من المقومات التي تجعل شعبه يتجاوز حد خط الفقر بأكثرية نتيجة الحصار ونتيجة القصف والأحتلال وما تزامنه من ارهاب ومقاومة للجيش المحتل، فلا أمن في العراق ولا أمان ولا قرار ولا استقرار، ولا سلطة ولا محاكم، فكيف نريد من الأجنبي وهو صاحب رأس مال جبان أن يخاطر في أن يأتي العراق ويستثمر ملايينه طمعا لا حبا ولا سوادا لعيون العراق بل وراء الربح المتوقع، بل وجدنا ومنظار احترامنا المهني للمحاماة اننا بالتعاون مع شركات محاماة كبيرة أسسنا مكتب استشاري سرعان ما تخلى عنا شركائنا نتيجة عدم الأستقرار، وهذا لم يشارك برأس مال وانما بفكر وجهد قانوني بحت.
2- ان حالة عدم الأستقرار والأرباك الأمني لم تأتي فجأة وانما نتيجة الحصار الذي بدأ عام 1992 ولم ينتهي الا بسقوط النظام والقصف الذي نال منه العراق ما قصف به اليابان طوال الحرب العالمية الثانية رغم قصر المدة. هذا الحصار الذي أنهك الأقتصاد العراقي وأوشكه أن يعلن الأفلاس التام ليس من الأنصاف أن يعلن بول بريمر أن البقية الباقية من الهيكل المنهار أن تجري عليه مزايدات ويباع لمستثمر أجنبي.
3- ان فئة التجار والطبقة البرجوازية هي الآن أضعف من أية مرحلة من مراحل التاريخ المعاصر فهي لا تقوى على النزول في منافسة عادلة مع رأس مال أجنبي متمكن أو مع رجال أعمال عراقيين كونوا ثرواتهم من الأستفادة من نظام صدام وأنشأوا شركات خارج القطر بالملايين من رؤوس الأموال. فستكون المعادلة غير متكافئة وسيتم شراء بأسعار رخيصة رغم أنف الوطنيين وتجار العراق وأصحاب المصالح، وهذا ليس في مصلحة العراق ولا عدالة في تطبيقه.
وكان على الأستشاريون العراقيون ممن ساهموا في صياغة هذا القرار أن يشرحوا للمشرع هذه النواحي المهمة والمؤثرة. العراق الآن برأينا لا قدرة له على تطبيق مثل هذا القانون، وان بتطبيقه وبأي شكل كان الا وهو سرقة علنية وبقوة السلاح لثروة العراق الأقتصادية التي بناها على مدى عشرات السنين وسيأتي الكثير من المستثمرين الذين يحملون جنسية مزدوجة فيهم مالا يصلح أن يكون مستثمرا في العراق لما بين بلاده والعراق من أطماع وطموحات سواء كانت تاريخية أو دينية.
اننا نقترح انه كان على الأمريكان أن يصدروا مثل هذا القانون بل يصدروا قانونا يعمل على اعادة نشاط القطاع العام والمختلط بقوانين جديدة وبدعم مالي لا محدود وبأنتاجية لها جدوى اقتصادية مثل يعطى لهذا القطاع مهلة مناسبة ويصار الى خصخصة ما لا فائدة من اصلاح رغم كل الدعم وابقاء المشاريع التي لها قوة الأستمرار والمراوحة مع العمل على القيام بطرح مشاريع كبيرة صناعية يسن لها قانون جديد يسمى بتشجيع الأستثمار الأجنبي للمشاريع الجديدة وليس لشراء شركات عامة قائمة ويعطى لها امتيازات منها على وجه التحديد لا الحصر:
1- الأعفاء لمدة خمسة سنوات من ضريبتي الدخل على رأس مال الشركة وعلى مدخولات ورواتب الموظفين.
2- اعفاء رأس المال من أي ضريبة في تلك الفترة مع تقديم تسهيلات مصرفية في تنفيذ مشاريع استراتيجية حيوية وتقديم المال لقاء رهن المكائن والمعدات التي ستعمل في ذلك المشروع (Down payment ).
3- تخصيص أرض بالمجان للشركة التي ترغب في تنفيذ مشروع حيوي.
4- اعطاء سمات خروج ودخول مفتوحة للمدراء والعاملين.
5- صلاحية الشركة بتحويل الأرباح السنوية دون روتين أو تعقيد بل يجوز تحويل قسم من رأس المال العامل المدور حسب الأتفاق مع رب العمل وغيرها من المشجعات والحوافز التي استطاع صدام حسين أن يحقق الكثير من المشاريع بواسطة الشركات الأجنبية حسب قانون تنفيذ المشاريع الكبرى ( سوف نقوم بشرح هذا القانون مستقبلا).
نحن لا نريد أن نخطأ كما أخطأنا في السابق، فأني وان كنت اشتراكي النزعة يساري الأتجاه لأصبحت نادما على اصدار قانون الأصلاح الزراعي الذي صدر زمن عبد الكريم قاسم والذي حدد الحد الأعلى لما يستطيع الأقطاعيون ابقاءه بالنسبة للأراضي بأنواعها وهي الأميرية والممنوحة باللزمة والمفوضة بالطابو على اعتبار ان هذا القانون لم يكن مناسبا للواقع الزراعي في العراق وان في العراق الكثير من الأراضي الصالحة للزراعة ممكن توزيعها على الفلاحين والعاملين بالزراعة ليزيدوا من قدرة النتاج الزراعي ولا سبب في ضرب الزراعة وتحديد الملكية، الا ان جدلا سياسيا جرى معين مع وزير الزراعة آنذاك حيث أكد صحة من أذهب اليه ولكن القانون ضروري من تحجيم قوة الأقطاع السياسية الممثلة بسيوفها ومنعها من الردة الرجعية ضد عبد الكريم قاسم، وهذا يكفي حسب قناعتنا السابقة ان نتبنى القانون رغم الكثير من الأخطاء في تشريعه وطريقة تطبيقه غير العادلة.
نرى من الضروري أن يطلع القارئ على قانون الأستثمار الأجنبي وسنتابع تقديم الدراسات القانونية بما يخص القوانين الجديدة في ظل الأحتلال.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلمة الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي في الجمعية ا


.. موجز أخبار السابعة مساءً - الأونروا: غارات الاحتلال في لبنان




.. لبنانيون ولاجئون هجّرتهم الغارت الإسرائيلية يروون معاناتهم و


.. طلاب جامعة السوربون بفرنسا يتظاهرون من أجل غزة ولبنان




.. شاهد| دبلوماسيون يغادرون قاعة الأمم المتحدة بعد بدء خطاب نتن