الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سوف لن يرميكم الشعب الفلسطيني بالخيانة جزافا

عماد صلاح الدين

2007 / 11 / 8
القضية الفلسطينية


ربما ليس لأنكم في حينها ؛أي في وقت توقيعكم وقبولكم لاتفاقيات العار والتنازلات في أوسلو وطابا وواي ريفر التي لم تجلب للشعب الفلسطيني أي خير ، بل زادت في تكريس احتلاله وقتله واغتياله وتجويعه وحصاره ، ارتكبتم خطيئة كبرى بحق الشعب الفلسطيني وحقوقه وثوابته ومستقبله ، فلربما وجد في تلك الفترة من العقد الأخير من تسعينيات القرن الماضي من يبرر لكم تلك الحماقات الكبرى بحق الشعب والقضية تحت غطاء ومسمى الواقعية السياسية والظروف الدولية الراهنة والسائدة ، رغم أنها - في كل الأحوال والظروف- ليست مبررا لارتكاب خطيئة وجريمة تقديم التنازلات المجانية فيما تعلق بالحقوق والثوابت الأساسية للشعب الفلسطيني ، الذي لم تعيروه أي انتباه أو مجرد استشاره ،وانتم توقعون على اتفاقات شرعنة الاحتلال وتجريم الشعب اتفاقا وراءه اتفاق .

لكن أن تصل الأمور فوق درجة الحماقة ،وارتكاب الخطايا بحق الشعب الفلسطيني وقضيته الوطنية العادلة ، فهذا مما لا يطيقه أو يحتمله من كان في عقله وقلبه ذرة من قدرة تمييز وبقية من وطنية ، فضلا عن أن يقبل الشعب الفلسطيني بالصفح عنها كما صفح وتفهم في البداية تلك التنازلات التي قدمت مع مشروع مدريد، وما تمخض عنه من اتفاقات وعلى رأسها أوسلو . فالقيادة التالية للمرحلة "العرفاتية" تبين ومع تسلسل الأحداث والوقائع أن الأمر بالنسبة لها لا يتعلق على الإطلاق بمسألة الواقعية السياسية والظروف المحيطة، أو انكشاف النوايا الإسرائيلية والأمريكية الحقيقية تجاه ما يسمى بمشروع السلام كما حصل مع الراحل عرفات في كامب ديفيد الثانية 2000 ، أو من باب الاتعاظ والاحتياط والتوخي والحذر من حقيقة التجربة التفاوضية العبثية والفاشلة، ومن ثم تحكيم منطق مقولة " الذي يجرب المجرب عقله مخرب " .ولكن من شهادة واقع حالهم وتصرفاتهم على الأرض، تبين أن تلك القيادة السياسية والأمنية هي بالفعل متساوقة تمام التساوق ،وفي كل الظروف مع المشروع الأمريكي والصهيوني تجاه القضية الفلسطينية ،القائم على فكرة التصفية وليس الحل العادل المؤدي إلى سلام ،كما يصفه مروجوه من أعراب وأعاجم .

فالقيادة التفاوضية هذه المسيطرة فعليا على فتح ومنظمة التحرير ،هي من تلقفت خارطة الطريق الأمريكية والإسرائيلية بالقبول ، والتي لا تلبي الحد الأدنى من حقوق الفلسطينيين ،فضلا عن أنها مشروع لحرب أهلية داخلية ،من خلال البند الأول فيها ،والداعي إلى ما يسمى بمكافحة "الإرهاب" الفلسطيني . وهذا يعني أن قبولهم لخارطة الطريق إنما هو التفاف وتجاوز للتطلعات الشعبية الفلسطينية، التي من اجلها قامت الانتفاضة الثانية " انتفاضة الأقصى " ،وهي لاشك كانت خطة لمواجهة وإجهاض تلك الانتفاضة .
وهذه القيادة التفاوضية هي نفسها من باركت دخول حركة حماس في العملية السياسية في مطلع 2006، ليكون هذا القبول، بإشراك حماس في النظام السياسي للسلطة، مدخلا لتبرير القبول بالطرح الأمريكي والإسرائيلي لدولة "الكانتونات" المعزولة والمجردة السيادة في كل اتجاه ، وهي القيادة نفسها بشقيها السياسي والأمني من رفضت نتائج العملية الديمقراطية في (يناير) كانون الثاني 2006 ،عندما جاءت النتائج مخالفة للتمنيات السابقة بوجود حماس بأقلية، لا تعطل مشاريع التسوية المنوي تنفيذها .

وهي القيادة التفاوضية الرسمية ،التي تساوقت مع الحصار الذي فرض على الشعب الفلسطيني اقتصاديا وسياسيا، بعيد فوز حماس بانتخابات المجلس التشريعي الماضية. وهي التي قبلت لنفسها الدخول في مشاريع فوضى أمنية ،كان نتيجتها القتل والجرح والدمار في قطاع غزة ،بإشراف المنسق الأمريكي "كيث دايتون" ، وكل ذلك من اجل إزاحة حماس ولو بالقوة، من اجل إتاحة الفرصة لرؤية الحل التصفوية الأمريكية والصهيونية للقضية الفلسطينية . ولعل خروجهم عن كل الاتفاقات والحوارات الفلسطينية الداخلية من وثيقة الوفاق الوطني إلى اتفاق مكة ومن قبل اتفاق القاهرة في (مارس) آذار 2005 ،لأكبر دليل على ذلك .

وهي القيادة التفاوضية التي جعلت المجرمين من أتباع تيار دايتون ،الذين أشاعوا في غزة القتل والإجرام والفساد والاتجار بالمخدرات والممنوعات الأخلاقية والوطنية، شهداء عظام بعد اضطرار حماس لعملية الحسم العسكري في 14( يونيو) حزيران من هذا العام . وهي نفسها من جرمت الذين وقفوا لتيار الخيانة هذا واتهمتهم بالانقلابين والظلمة والمجرمين، وغيرها من أقذع الصفات والتهم . وان دل هذا على شيء، فإنما يدل على انه لا فرق بين مستوى سياسي أو امني ، بالنسبة لأولئك الذين تساوقوا بالكلية، مع ما يطرحه الأمريكيون والإسرائيليون من حلول . ومن هنا يأتي تشبثهم العجيب بخيار غضن الزيتون ألسلامي الذي لن يسقط أبدا ،على حد قول الرئيس عباس ،في وقت سابق من هذه السنة، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة .

والقيادة التفاوضية اليوم، ترفض كل دعوة للحوار، واضعة الشروط التعجيزية غير المقبولة أخلاقيا ووطنيا . وهي في نفس الوقت تمعن في الذهاب بعيدا مع ما تقتضيه متطلبات المشروع الأمريكي والإسرائيلي تجاه الفلسطينيين، وتجاه عموم المنطقة برمتها ؛ فهي هنا في الضفة تلاحق المقاومة ،وتعمل على استئصالها ،وربما اجتثاثها نهائيا ،من خلال تدمير الحواضن الوطنية الاجتماعية والثقافية لها . وليس أدل على ذلك ،من الحملة الأمنية الشعواء ،ضد مئات من المؤسسات الأهلية والخيرية ،التي تتناوب عليها أجهزة رام الله الأمنية وأجهزة الاحتلال ، بالإضافة إلى التنسيق الأمني الظاهر جليا لابن الضفة الغربية ،في تبادل عملية ملاحقة ناشطي المقاومة وبالتحديد ناشطي حماس ، والذريعة هنا ضبط الأمن والنظام . ولا يدري المرء ما علاقة هذا بذاك؟

تعلن كونداليزا رايس ،في شهادتها أمام اللجنة السياسية في الكونغرس الأمريكي مؤخرا ،أن الغرض من لقاء انابوليس ،هو الحصول على مزيد من التنازلات الفلسطينية ،والتي ترجمت بالفعل من خلال الاتفاق السري المشبوه بين نائب الكنيست الإسرائيلي يوسي بيلين وياسر عبد ربه، والمسمى باتفاق جنيف 2 الذي تم التنازل فيه عن حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى إسرائيل . وهذا اعتراف صريح وفصيح من المفاوض الرسمي بيهودية دولة إسرائيل، وهو ما نقلته صحيفة معاريف الإسرائيلية بحسب تقرير الصحفي الإسرائيلي "أوري يبلونكا " . وتعلن في الوقت نفسه الحكومة الإسرائيلية أن لقاء انابوليس لن يتناول القضايا الجوهرية في الصراع ،ولن يكون هنالك جدول زمني ، وتؤكد على ذلك الإدارة الأمريكية ،بأنها لن تفرض أي شيء على إسرائيل . ومع ذلك كله، نجد هذا الإصرار الغريب العجيب من الرئيس عباس وطاقمه التفاوضي، بان انابوليس هو فرصة ثمينة لا ينبغي إضاعتها .

يأتي مؤتمر انابوليس كجزء من مجمل الحراك الأمريكي والإسرائيلي في المنطقة، في إطار الاستعدادات الجارية دبلوماسيا وسياسيا لتوجيه ضربات عسكرية ضد المحور المقاوم والممانع للمشروع الأمريكي في المنطقة العربية الإسلامية، وهذا يشمل بطبيعة الحال غزة وحزب الله وسوريا وإيران ، هذا ما يؤكده العديد من البحاثة الاستراتيجيين . وليس معقولا ولا مقبولا عند الشهادة التاريخية مستقبلا أن توصف الأطراف التي تساوقت مع المخططات الأمريكية والإسرائيلية، بغير الوصف الحقيقي الذي تستحقه . فهلا أدرك المفاوض الفلسطيني في مقاطعة رام الله، خطورة وفداحة أمر الطريق الذي يصر على سلوكه حتى النهاية؟؟ .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. توقعات بتسليم واشنطن قنابل نوعية للجيش الإسرائيلي قريبا


.. غالانت: لا نسعى إلى الحرب مع حزب الله لكننا مستعدون لخوضها




.. حشود في مسيرة شعبية بصنعاء للمطالبة بدعم المقاومة الفلسطينية


.. فايز الدويري: الاحتلال فشل استخباراتيا على المستوى الاستراتي




.. ساري عرابي: رؤية سموتريتش هي نتاج مسار استيطاني طويل