الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هنية والتورية في اللغة السياسية

أحمد زكارنه

2007 / 11 / 8
القضية الفلسطينية


التورية في اللغة هي أسلوب الإيهام والتوجيه والمغالطة والإشارة والتخيير، وهي بحسب الإختصاصيين أن يذكر المتكلم لفظا يحتمل معنيين احدهما قريب ظاهر غير مراد والآخر بعيد غير ظاهر، وهو أسلوب محمود في اللغة والأدب والمصلحة الشرعية..أما إذا ما دخلت التورية في السياسة فإنها تصبح الكذب بعينه، إذ أنها تخلط الحابل بالنابل، وتقلب الحق باطلا، والباطل حقاً كأداة تعمية للقلوب والأبصار، ومصدر لغط وهروب من التعاطي مع الاستحقاقات، فتبات جبناً يسميه البعض " هندسة لفظية ".
وبالتدقيق في خطاب السيد إسماعيل هنية رئيس الحكومة المقال يوم الأحد الماضي، نرى انه استخدم أسلوب التورية، إذ حمل الخطاب بين طياته العديد من القضايا التي تؤكد عزم حركة حماس على الاستمرار في انقلابها على الشرعية الفلسطينية، ما بدد التفاؤل الذي تسرب إلى نفوس العديد من أبناء الشعب الفلسطيني عشية الخطوة المتقدمة التي أقدم عليها عدد من قادة ورموز حركة حماس في الضفة الغربية بأدئهم صلاة الجمعة الماضية إلى جانب رأس الشرعية الفلسطينية الرئيس محمود عباس.
إن حركة حماس وإدراكا منها للمكاسب التي ستجنيها عشية انتهاء مؤتمر الخريف تنتظر إحدى نتيجتين إما نجاحه أو فشله والحالتان بالسواء تصبان في مجرى مصلحتها، حيث إن نجاحه يتطلب معالجة الوضع الفلسطيني الداخلي ما يعني ضرورة التوجه بأي ثمن نحو الحوار لقطف ثمار النجاح على المستوى الفلسطيني، بينما يعني فشل المؤتمر صوابية قراءة الحركة للمشهد الفلسطيني وعلاقته بالمحتل والأسرة الدولية، وهو أيضا ما يدفع الرئاسة باتجاه حل الأزمة الداخلية عبر الحوار.. وانطلاقا من هذا الإدراك أقدمت الحركة ممثلة في شخص السيد هنية على اتخاذ عدة خطوات استباقية في محاولة بائسة لتوفير مظلة شرعية لما قامت به الحركة من انقلاب على الشرعية عبر ترسيخ نظام سياسي فاعل على البقعة الجغرافية المسيطر عليها عسكريا، علما بأن النظام السياسي بمفهومه العملي ليس متوفرا أصلا في الحالة الفلسطينية الراهنة، ومن المتعارف عليه أن هنالك لأي نظام سياسي ركائز أساسية ومبادئ جوهرية من الضروري توفرها لإعلان الدولة وفقا لتعريف ماهية الدولة والنظام السياسي وشكل الحكومة التي تباشر السلطة على المجتمع "الشعب" وهي أسس تتلخص في ركائز ثلاث " التشريع والاقتصاد والأمن" أما على صعيد التشريع فالسيد هنية وتحت ما يسمي الحفاظ على مصالح العامة حسب قوله أعلن عن عقد اجتماعات المجلس التشريعي عبر الأخذ بتوقيع توكيلات للإنابة من الإخوة أعضاء المجلس التشريعي الحالي المعتقلين في سجون الاحتلال، وولج باتجاه القضاء معلنا عن تعيين نائب عام مساعد ووكلاء نيابة، وتشكيل مجلس العدل الأعلى، وإعادة عمل المحاكم عبر تعيين قضاة في محكمة الصلح.. وثانيا على الصعيد الاقتصادي فقد أعلن هنية عن تغطية رواتب سبعة عشر ألف موظف وإعفاء الطلبة من الرسوم المدرسية كخطوة على طريق مجانية التعليم وتوفير مستلزمات الوزارات.. ثالثا وعلى صعيد الأمن فقد أعلن عن دمج القوة التنفيذية في جهاز الشرطة ليصبح جهازا شرطيا واحدا، وتشكيل دائرة الأمن الداخلي والأمن والحماية والقضاء العسكري وإعادة تفعيل الدفاع المدني.
وعبر هذه الخطوات تكون حركة حماس قد وضعت كافة فصائل العمل الوطني وعلى رأسها حركة فتح والرئاسة الفلسطينية والمشروع الوطني برمته أمام خيارين أحلاهما مر، إما القبول بالحوار على خلفية الانقلاب، وإما الإعلان عن قيام كيان منفصل كدولة داخل الدولة.. فما جاء به السيد هنية لا يعدو إلا كونه أسلوب تورية في اللغة السياسية، والسؤال هنا هل ستنجح حركة حماس في فرض رؤيتها على المشهد الفلسطيني الراهن أم سيكون للرئاسة الفلسطينية وفصائل العمل الوطني مجتمعة رأي أخر؟؟..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة تقتحم جامعة كولومبيا لتفريق المحتجين| الأخبار


.. مؤشرات على اقتراب قيام الجيش الإسرائيلي بعملية برية في رفح




.. واشنطن تتهم الجيش الروسي باستخدام -سلاح كيميائي- ضد القوات ا


.. واشنطن.. روسيا استخدمت -سلاحا كيميائيا- ضد القوات الأوكرانية




.. بعد نحو 7 أشهر من الحرب.. ماذا يحدث في غزة؟| #الظهيرة