الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المصداقية ...الموضوعية.. في الممارسة السياسية

ثائر سالم

2007 / 11 / 10
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


معيارية قيمية

للممارسة السياسية، منظومة قيمية تستند اليها وتجسدها مواقف وسياسات ، تدعي التزام معيارية قيمها، او تفعل ذلك حقا، وان بدرجات او اشكال مختلفة. الا ان التزام تلك القيم ومراعاتها بشكل مطلق ، يبدو افتراضا وتجريدا ، لا يتوفر الا على المستوى النظري، فالقيم لاتمتلك خصائص وملامح، هبطت عليها من السماء، او تكون بعيدة عن ظروف انتجتها او استدعتها. ظروف المجتمع العامة والخاصة. بهذا المعنى المجتمعات التي تشابهت ظروفها الاجتماعية، لابد لها من التشارك في القيم السياسية المنظمة للحياة السياسية وسلوك انظمتها.
والتباين الذي يحصل في اشكال الممارسة السياسية والنظام السياسي، والمعايير القيمية للثقافة السياسية ، يجري اختبار حقيقتها ومصداقيتها في الممارسة. اما مدى واقعية السياسة المتبعة فذاك امر يحدده ، اعتمادها معيارية، المنجز والممكن من المشاريع والاهداف ، وجدية العمل على تحرير الخطاب السياسي من الاحلام والاوهام ، ومن سطوة الايديولوجية ، بالتخلي عن الوعود المستحيلة التحقيق، او الاهداف الصعبة المنال، والقدرة على ممارسة الموضوعية في الحكم على مواقف الاخر ، المختلف او المعارض او المعادي.

الخصم

واقوى ادلة الموضوعية في الممارسة السياسية ، واصعب تحدياتها، القدرة على ممارسة معيارالتجربة وقياس الانجاز، وتطبيقها مع الخصم ، وعلى مواقفه وسياساته خصوصا العدو ( الذي اختلف واتناقض معه ، مصلحة ورؤية وثقافة وقيما). وذاك في الواقع دليل ثقة بالاختيار والموقف وبالذات وبحقيقة الرؤية او الطريق. فالاعتراف بمزايا ايجابية او مواقف للخصم ، يضيف للممارسة السياسية، نقطة لرصيد مصداقيتها، وعلامة جديتها، ويمنح العمل على خلق ثقافة، تحترم الحقيقة، وتحتقر التعصب، وترفض التحامل والكذب والتاويل،وسيلة لبلوغ الاهداف، تاثيرا اكبر حتى في محاصرة مواقع، ثقافة التعصب، وتوسيع نزعة العدل والاستضاءة بنور المعرفة والحقيقة والعلم من اجل بناء الانسان والاوطان. بهذه الالية والمنهج حكم التاريخ والناس، على السياسات والافكار، قيميتها وواقعيتها، انسانيتها وموضوعيتها .

حقيقتان متناقضتان

كون النوايا والاطماع الاقليمية والدولية الاستعمارية، في العراق، قد استفزتها او حفزتها عمليات تاميم النفط ، ونجاحات عمليات التنمية والتطور الاقتصادي والعلمي... حقيقة يصعب الجدال فيها ، تدعمها شواهد تاريخية وسياسية، مثلما يصعب الجدال في حقيقة ان نجاحات التنمية تلك ، ما لبثت ان ابتلعتها الحروب، ومشاريع بناء قوة عسكرية ضخمة ، اثبتت فيما بعد عدم قدرتها على حماية البلد، وصون سيادته واستقلاله، بسبب من خلل في السياسة وفي العقيدة العسكرية للنظام، لا في تلك القدرات التكنولوجية والطاقات العلمية والروح الوطنية العراقية.

وان المخاوف الاقليمية والدولية من العراق، جراء تنامي القوة العسكرية والاقتصادية والعلمية للبلد ، قد منحتها مغامرات حروب النظام السابق، الفرصة للتعلل بها واستعادة الامل بالكثير من اطماعها ، وان تظهر او تكتسب شيء من المشروعية او الوجاهة. اما ارتهان البلد فقد تم منذ : بدء حروبه مع الجوار، وحروبه التي فرضها على العالم او فرضها العالم عليه، ومنذ ان جرى استثمار مناخ القمع الارهاب والخوف، السجون والتعذيب جرائم القتل الجماعي ، او جرائم قطع الاذان وجدع الانوف ، ووشم الجباه بعبارات مهينة لادمية البشر. التي اشاعتها دكتاتورية نظامه السياسي، التي عاشها البلد والناس.

جرائم قطع الاذان ، ووشم الجباه بعبارات مهينة ، ممارسة كانت كافية لوحدها ، ان تشكل دليلا على قروسطية الثقافة التي تحكم البلد وعقل الحاكم، ولان تدلل على استثنائية ، التخلف والوحشية التي يعالج بها راس النظام ، مشاكله السياسية . وبدرجة اكبر كانت من الذرائع الهامة التي استخدمت ، في خلق راي عام واسع لايمكنه قبول هذه الثقافة، المنهج مهما كانت التبريرات او الاسباب. تطابقت اجندات الدول الطامعة وليبراليتها الكاذبة ، التي قدمت جرائمها في التجربة العراقية الدليل على حقيقة الحرية والديموقراطية التي تريدها للعراق ، تطابقت مع اجندات تلك القوى التي شاركتها المصلحة في تمزيق العراق ، وهدف ازالته من الخارطة السياسية للمنطقة ، اذا لم يتم تدميره اومنع تطوره الى الابد ، تحقيقا لاجندتها في العراق.

الليبرالية في الاختبار

الاجندة الليبراللية ، التي اتضح اليوم ، انها خارج بلدانها الام ، وحاضنتها الاجتماعية الثقافية ، ليست الا اجندة استعمارية محظة. قد تاخذ شكل الاحتلال المكشوف ، تحت مسمى التحرير وفرض او تصدير الديموقراطية، او تقبل بضمان انظمة سياسية تابعة، ومحتلة من داخلها ، في بنيتها السياسية والنتظيمية، فاقدة للقرار السياسي واحيانا حتى السيادي . حينها ستكون الاتفاقيات الامنية الطويلة الامد ، المقيدة لاستقلال وسيادة البلد ، كافية لتحقيق ذات الاهداف ، بتكلفة اقل ، وربما مردود افضل.
ان الليبرالية اليوم ، تستلهم تراث اجدادها الاستعماريين ، وتعيد على مسامع الناس ، ذات الاسطوانة المشروخة ، التي لاتذكرهم الا ، بايام استعبادهم وذلهم واحتقار حقوقهم وكرامتهم، التي تمت تحت ذات الشعار التي لاتخجل من تكراره " الحرية والديموقراطية ".

ومع ذلك، وبسبب من وحشية الدكتاتوريات، العشائرية او القومية او الدينية، الحزبية او الفردية ، التي مارست الظلم والقمع والاعتداء ، على حقوق الناس الفردية ، وحقوقهم الادمية ، تمكنت نظم الليبرالية ، الاستعمارية ، ان تعيد الكرة الى ملعب الدول والشعوب التي استقلت عنها سابقا، ان تستغل وحشية ولا انسانية القمع والدكتاتورية ، بكل الوانها الفكرية، لتعيد الى ذات الشعوب ذات البضاعة ، التي رفضتها سابقا.

وقد نجحت فعلا في ان تجعل قضية الديموقراطية وحقوق الانسان ، قضية تفرض نفسها على اجندة كل الايديولوجيات والسياسات والاحزاب، حتى بات من المتعذرعلى اي موقف جدي تخطيها او القفز عليها، او تجاهل زحف موجتها القادم لامحالة ، دون ان تفضي به الى البقاء خارج التاريخ والعصر، والعزلة عن المجتمع العالمي، وعملية التطور الجارية فيه. وهذا بالضبط ما حصل في تجربة النظام السابق تحديدا.

اجندة الليبرالية اليوم ، هي على راس اجندة كل التيارات السياسية ، الشيوعيين، والاسلاميين ، والقوميين ، واي تيار سياسي فاعل او يريد ان يبقى او يغدو فاعلا. انها اجندة المرحلة التي تتقدم على اجندة اي مشروع ايديولوجي او سياسي آخر التي لايمكن تخطيها ، وتجنب شرورها ، الا بتعامل يحتوي موجتها ، بخلق مستلزمات تطور، لايسلم قياده للاخر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصير مفاوضات القاهرة بين حسابات نتنياهو والسنوار | #غرفة_الأ


.. التواجد الإيراني في إفريقيا.. توسع وتأثير متزايد وسط استمرار




.. هاليفي: سنستبدل القوات ونسمح لجنود الاحتياط بالاستراحة ليعود


.. قراءة عسكرية.. عمليات نوعية تستهدف تمركزات ومواقع إسرائيلية




.. خارج الصندوق | اتفاق أمني مرتقب بين الرياض وواشنطن.. وهل تقب