الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حتى يعودو ...

جاسم الحلفي

2007 / 11 / 9
الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة


تعتبر أزمة اللاجئين العراقيين (أسرع أزمات اللاجئين تصاعدا في العالم) كما وصفتها المنظمة الدولية للهجرة. وقد أشارت مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة الى أن العراق (سجل أكبر موجة نزوح في الشرق الأوسط منذ إنشاء دولة إسرائيل عام 1948). وشكل ارتفاع أعداد اللاجئين بنحو 2000 فرد يوميا حسب تأكيدات منظمة العفو الدولية، بما يعكس جسامة المشكلة التي تعد من اكبر المشاكل التي تواجه العراق، سواء كانت بأبعادها الإنسانية والاجتماعية، أم في ما تخلفها من تداعيات خطيرة، تنعكس سلباً على أوضاع البلاد الداخلية والخارجية.

وتنبغي الاشارة إلى أن الأسباب التي أجبرت الملايين على ترك بيوتهم وأعمالهم، هي أسباب معروفة للجميع، تجدها متشابهة إلى حد غير قليل في قصص المهاجرين والمهجرين المؤلمة، لكن في الاستماع إلى التفاصيل المروعة لكل قصة، يكون الألم اشد، وحين تنظر للمعاناة وقساواتها يتلاشى عندك الفرق بين المهاجرين والمهجرين.
وحينما نسمع بان بلدانا عربية تشدد الإجراءات للحيلولة دون دخول اللاجئين العراقيين أراضيها، وتضع عراقيل عديدة أمام إقامتهم، نسمع أيضا ان هناك محافظات عراقية تمنع دخول المهجرين من محافظات أخرى إليها.

والمهجر (سعيد الحظ!) الذي يتمكن من النفاذ مع عائلته إلى تلك المحافظات، سرعان ما يواجه صعوبات حياتية قاسية تبدأ من العراقيل التي توضع أمام دخول الأطفال الى المدارس، مرورا بعدم الحصول على مواد الحصة التموينية، إضافة الى ارتفاع أجور السكن، وغياب فرص العمل، وأخيرا اضطرار أعداد غير قليلة للعيش في مخيمات مؤقتة على هوامش المدن. ويمكن الاشارة على سبيل المثال لا الحصر الى تقرير منظمة تموز للتنمية الاجتماعية حول مخيم قرية خازر الجديدة، الذي أشارت فيه الى (عدم توفر مواد الإغاثة المهمة التي تكفل المتطلبات الأساسية للحياة من مواد غذائية وماء صالح للشرب وباقي المستلزمات الحياتية الأخرى). كذلك مخيم كاردسن الذي هو واحد من عدة مخيمات للاجئين شيد على ارض مهجورة تلتهب صيفا، بينما تنخفض درجة الحرارة فيها تحت الصفر في منتصف الشتاء.

وحينما تشير الأخبار الى ان هناك أعداداً غير قليلة من العوائل المهجرة عادت فعلا الى بيوتها، يتبادر إلى الذهن، ان سبب ذلك يعود الى التحسن النسبي في الوضع الأمني. ربما يكون الامر كذلك، لكن هناك عوامل أخرى، قد تكون أكثر تأثيرا في عودة تلك العوائل الى مناطق سكناها، ويمكن إيجازها بالصعوبات غير القليلة التي تقف حائلا دون ان يجد المهاجرون ابسط مستلزمات الحياة الطبيعية، والإجراءات الإدارية المعقدة التي يصطدمون بها في بلدان اللجوء، وتكون أحيانا أقسى، في لحظة ما، من الظروف التي دفعتهم الى الهجرة!.

ان مشكلة المهاجرين والمهجرين هي مشكلة كبيرة تواجه الدولة العراقية. فالأسباب التي دفعت الملايين الى الهجرة، ومهما اختلفنا في تحديد جذورها وتشخيص المسؤول عنها، وتباينت الآراء بصددها، تبقى خطيرة. لذا يتعين على الحكومة ان تخطو خطوات كبيرة، وبمستوى المشكلة ذاتها، وان لا تترك هذه الملايين الى مشيئة الأقدار، وان تنطلق الخطوات التي ينبغي اتخاذها، من مسؤولياتها وحرصها على هذه الملايين من أبناء شعبنا. فبينهم النساء والأطفال، وهؤلاء أحوج ما يكونون الى المساعدة والدعم، وليس في ذلك منة او فعل خير، بل هو واجب وطني مقدس. كما تنبغي الاشارة الى الكفاءات العملية والإدارية والفنية، المهاجرة وتأمين سبل عودتها بتوفير المستلزمات الممكنة، وهي طاقات لا يمكن بكل الأحول التغاضي عن أهميتها لما تشكل من ثروة وطنية كبيرة.

فهل يكفي صرف مليون دينار عراقي فقط، لعائلة هاجرت بعد ان فقدت الكثير من مدخراتها، كي تعود؟!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قراءة عسكرية.. القسام تبث مشاهد جديدة من تجهيز عبوات -العمل


.. -مش احنا الي نرفع الراية البيضاء -.. فلسطيني من غزة




.. الباحث السياسي سعيد زياد يحلل مشاهد القسام من تجهيز عبوات -ا


.. تفاعلكم | ليلة المناظرة النكبة للرئيس.. هل تطيح بـ بايدن من




.. سيلين ديون أصيبت به.. معلومات عن أعراض متلازمة -الشخص المتيب