الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأزمة العراقية‮ - ‬التركية‮: ‬شيء من التاريخ

عبد الرزاق الصافي

2007 / 11 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


من المفروض ان‮ ‬يكون رئيس الوزراء التركي‮ ‬رجب طيب اردوغان قد التقى بالرئيس بوش‮ ‬يوم امس،‮ ‬للبحث في‮ ‬الازمة العراقية‮ - ‬التركية،‮ ‬الناجمة عن التهديدات التركية باجتياح اقليم كردستان العراق،‮ ‬بذريعة ملاحقة مقاتلي‮ ‬حزب العمال الكردستاني‮ (‬ب ك ك‮) ‬الذين‮ ‬يتخذون من الجبال الوعرة في‮ ‬المثلث العراقي‮ ‬الايراني‮ ‬التركي‮ ‬قواعد لهم لشن‮ ‬غارات على مواقع الجيش التركي‮ ‬في‮ ‬المناطق التركية المحاذية للعراق‮. ‬
واللقاء الذي‮ ‬تم أمس‮ ‬يستهدف،‮ ‬من الجانب الامريكي،‮ ‬على الاقل،‮ ‬حل الاشكال الناجم عن طريق الدبلوماسية بعيداً‮ ‬عن تجييش الجيوش واجتياح الحدود العراقية،‮ ‬كما تريد المؤسسة العسكرية في‮ ‬تركيا‮. ‬هذا الاجتياح الذي‮ ‬يشكـّل انتهاكاً‮ ‬سافراً‮ ‬للقانون الدولي،‮ ‬واعتداءً‮ ‬فظاً‮ ‬على سيادة العراق ووحدة اراضيه،‮ ‬اللتين طالما ورد ذكرهما في‮ ‬البيانات،‮ ‬التي‮ ‬كان‮ ‬يصدرها وزراء خارجية تركيا وايران وسوريا في‮ ‬اجتماعاتهم الدورية،‮ ‬على مدى سنوات عديدة،‮ ‬منذ خروج اقليم كردستان عن سيطرة الحكومة في‮ ‬بغداد في‮ ‬العام ‮١٩٩١ ‬بموجب القرار الدولي‮ ‬الذي‮ ‬اعتبر اقليم كردستان العراق منطقة ملاذ آمن‮. ‬هذه الاجتماعات التي‮ ‬تواصلت حتى سقوط نظام صدام حسين في‮ ‬العام ‮٣٠٠٢. ‬ومن المعروف ان الحكومة التركية التي‮ ‬كانت تخضع لما‮ ‬يريده الجيش،‮ ‬توصلت الى عقد اتفاقية مع نظام صدام في‮ ‬العام ‮٨٧٩١ ‬تبيح لها التوغل في‮ ‬العراق الى مسافة عشرات الكيلومترات لملاحقة المتمردين الاكراد‮ (‬الاتراك‮)‬،‮ ‬تحسباً‮ ‬من الجانب التركي‮ ‬لما‮ ‬يمكن ان تتطور اليه الامور من جانب المناضلين الاكراد المطالبين بحقوقهم القومية المشروعة،‮ ‬ولجوئهم الى الكفاح المسلح لنيل هذه الحقوق‮. ‬وهو ما حصل فعلاً‮ ‬في‮ ‬العام ‮٤٨٩١‬،‮ ‬عندما بدأ حزب العمال الكردستاني‮ ‬الكفاح المسلح‮. ‬
وها قد مر ما‮ ‬يقارب الربع قرن على بدء الكفاح المسلح من دون ان‮ ‬يستطيع الجيش التركي‮ ‬القضاء على حزب العمال الكردستاني،‮ ‬رغم تمكنه من اعتقال رئيس الحزب عبدالله اوجلان والحكم عليه بالسجن مدى الحياة‮. ‬الامر الذي‮ ‬يعني‮ ‬ان اللجوء الى القوة والحملات العسكرية لا‮ ‬يمكن ان‮ ‬يكون الطريق لحل المسألة القومية الكردية في‮ ‬تركيا‮. ‬ويكشف من الناحية الاخرى ان التحجج بوجود بضعة مئات من مقاتلي‮ ‬حزب العمال الكردستاني‮ ‬في‮ ‬منطقة المثلث العراقي‮ ‬الايراني‮ ‬التركي‮ ‬الوعرة جداً‮ (‬وهي‮ ‬منطقة اعرفها بشكل جيد،‮ ‬إذ عشت فيها عدة سنوات مع المقاتلين العراقيين عرباً‮ ‬وكرداً‮ ‬وكلدو آشوريين،‮ ‬أيام الكفاح المسلح ضد نظام صدام،‮ ‬حيث كانت مواقعنا في‮ ‬مرمى مدفعية نظام صدام،‮ ‬دون ان تستطيع قواته التقدم لاحتلال تلك المواقع‮).‬
ومن هنا استطيع الجزم بأن طلب الجيش التركي‮ ‬من الحكومة العراقية باعتقال مقاتلي‮ ‬حزب العمال الكردستاني‮ ‬وتسليم قيادييهم الى الحكومة التركية،‮ ‬انما هو طلب تعجيزي،‮ ‬لا اكثر ولا أقل‮. ‬وليكون تعذر القيام به من جانب الحكومة العراقية او حكومة اقليم كردستان ذريعة‮ ‬يبرر بها الجيش التركي‮ ‬إصراره على اجتياح الحدود العراقية بهدف،‮ ‬ليس القضاء على حزب العمال الكردستاني،‮ ‬بالاساس،‮ ‬بل زعزعة حكومة إقليم كردستان والحكومة العراقية والوضع في‮ ‬العراق ككل‮.‬
فليس سراً‮ ‬ان المؤسسة العسكرية التركية لا تخفي‮ ‬ضيقها بما حققته الحركة القومية الكردية في‮ ‬العراق من نجاحات تجسدت في‮ ‬إقرار النظام الفيديرالي‮ ‬في‮ ‬العراق دستورياً،‮ ‬والاعتراف بإقليم كردستان العراق ومجلسه الوطني‮ ‬وحكومته‮. ‬وما‮ ‬يتركه هذا من تأثير على الحركة القومية الكردية في‮ ‬تركيا،‮ ‬التي‮ ‬تطالب بحقوق قومية مشابهة‮. ‬
لقد ابدت الحكومة العراقية وحكومة اقليم كردستان العراق تفهماً‮ ‬كبيراً‮ ‬لقلق الحكومة التركية من نشاط مقاتلي‮ (‬ب ك ك‮) ‬المسلح،‮ ‬واستعدادهما للقيام بما تستطيعان القيام به للتضييق على هذا النشاط،‮ ‬وتقديم النصح من جانب القادة الكرد العراقيين لحزب‮ (‬ب ك ك‮) ‬بترك العمل المسلح،‮ ‬والاستفادة من الامكانيات المتاحة في‮ ‬ظل حكومة حزب العدالة والتنمية،‮ ‬لتطوير نضالهم السلمي‮ ‬للحصول على مزيد من الحقوق القومية المشروعة،‮ ‬وتجنباً‮ ‬لما‮ ‬يصيبهم من عزلة عن‮ ‬غالبية ابناء الشعب الكردي‮ ‬في‮ ‬تركيا وفي‮ ‬عموم كردستان‮. ‬
كما ان الرأي‮ ‬العام الدولي‮ ‬ومواقف الحكومة الامريكية والاتحاد الاوربي‮ ‬المعلنة هي‮ ‬ضد الاجتياح‮. ‬كما ان بإمكان المراقب السياسي‮ ‬ان‮ ‬يلحظ الفارق بين مواقف الحكومة التركية برئاسة رجب طيب اردوغان‮ ‬غير المتحمسة للحل العسكري،‮ ‬ومواقف المؤسسة العسكرية المتشددة،‮ ‬التي‮ ‬تريد توظيف هذه المواقف لاستعادة تحكمها الذي‮ ‬كانت تمارسه سابقاً‮ ‬على الحكومات التركية المدنية‮. ‬
فهل ستفلح الجهود في‮ ‬الحد من تطرف‮ (‬ب ك ك‮) ‬ولجم جموح المؤسسة العسكرية التركية،‮ ‬وإصرارها على الحل العسكري‮ ‬الذي‮ ‬يلحق اكبر الاضرار ليس فقط بأبناء اقليم كردستان العراق وحكومة الاقليم والوضع في‮ ‬العراق ككل،‮ ‬بل وبالدولة التركية التي‮ ‬تستميت للدخول في‮ ‬الاتحاد الاوربي؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قصة نجاح حلوانية سورية بمدينة غازي عنتاب التركية | عينٌ على


.. إسرائيل ترسل مجددا دبابات إلى شمال قطاع غزة وتزيد الضغط العس




.. السودان: سقوط 27 قتيلا واستخدام - أسلحة ثقيلة- في معارك الفا


.. مصر: التنمر الإلكتروني.. هل تكفي القوانين لردعه؟ • فرانس 24




.. رئيس الوزراء اليوناني في أنقرة في زيارة -حسن جوار-