الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أهل الخير يمارسون الشر في دارفور

محمد عثمان ابراهيم

2007 / 11 / 10
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


آرلين غيتز*
جلب النشطاء قضايا مثل قضية دارفور إلي غرف المعيشة لكنهم ربما كانوا يفعلون شراً أكثر من الخير...
كانت ضمادات الأطفال للعرض فقط ، فقد لف عاملو المنظمة الخيرية المغمورة ( لو آرش دي زو ) رؤوس أسراهم الصغار بالشاش لتسريع خروجهم من المعابر لكن الخطة أخطأت بشكل كارثي فقببل فجر الخامس و العشرين من أكتوبر ( الماضي ) رصد الجنود التشاديون 103 من الصبية – وصفوا علي إنهم يتامي من دارفور – قبل صعودهم إلي طائرة مستأجرة في رحلة إلي فرنسا.
و تم اعتقال ستة نشطاء من المنظمة و ثلاثة صحفيين إضافة إلي سبعة من طاقم الطائرة و وجهت لهم تهمة الإختطاف و تساءل العاملون بالمنظمات الإنسانية عما إذا كان الأطفال بالفعل قد فقدوا ذويهم أو حتي عما إذا كان الأطفال هم حقيقة من السودان.
و وصف الرئيس التشادي إدريس ديبي العملية بأنها إختطاف فيما أصرت ( لو آرش دي زو ) علي أن أهدافها كانت حسنة و قال متحدث باسمها الأسبوع الماضي " إنه لا يمكن التخيل بأن شكوكاً تطلق علي هؤلاء الناس الطيبين".
و من عدة جوانب فإن ما فعلته لو آرش دي زو كان عرضاً جانبياً فقد حدثت التطورات الأهم بالنسبة لدارفور في ليبيا حيث أخفقت محادثات السلام عقب غياب القادة الرئيسيين للتمرد و قال يجيي بولاد المتحدث باسم عبد الواحد النور أحد المتمردين الغائبين " الآن هذه محادثات غير رسمية ، و المحادثات غير الرسمية علاقات عامة فقط " .
لكن الحادثتين أثارتا نفس السؤال الأخرق و هو ما إذا كانت الحركة الدولية من أجل دارفور أمراً جيداً بالنسبة لدارفور.
بالتأكيد كان تحالف إنقذوا دارفور ( Save Darfur Coalition) و هي حركة تزعم أنها تمثل 130 مليون شخص عبر تحالف أكثر من 180 منظمة دينية و مدافعة و إنسانية ، فعالاً بشكل مثير للإعجاب فقد حولت أزمة أفريقية بعيدة إلي قضية دولية تحظي بالإهتمام و هذا ما ساعد الوكالات الإنسانية في الحصول علي تمويل من واشنطن و ساند الجهود من أجل دخول قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة للإقليم.
و مع كل نجاحهم في رفع مستوي الوعي العام فإنه لم يحدث سوي تحسن ضئيل علي الأرض و يقول المنتقدون إن التأثير المتنامي للنشطاء لم يكن أمراً مساعداًً علي الدوام " فبساطة رسالتهم غالباً ما تلاقي إستجابة " كما يقول الباحث المرموق في شئون السودان بجامعة هارفارد ألكس دو فال.
و في وقت سابق من هذا العام غضبت المنظمات الخيرية حين أطلقت (إنقذوا دارفور) حملة إعلانات عدوانية لأجل منع الطيران في سماء الإقليم و جادلت المنظمات بان ذلك من شأنه إعاقة جهود توصيل الإعانة للاجئين كما إن تلك المنظمات ادعت بأن الإعلان الآخر لإنقذوا دارفور الذي يزعم بأن منظمات الإغاثة العالمية قد اتفقت علي إن وقت المفاوضات قد انتهي ، و هو ما دفع الحكومة في الخرطوم إلي منع التأشيرات و التأثير بأشكال أخري في مقدرة تلك المنظمات علي العمل.
و ستجتذب عملية (لو آرش دي زو ) بلا شك مزيداً من التركيز علي عمل المنظمات غير الحكومية في المنطقة و هو ما تعلق عليه ميليسا وينكلر من لجنة الإنقاذ الدولية بقولها " إن واحداً من أسوأ نتائجه فقدان المصداقية و الثقة " ، و شاركت لجنة الإنقاذ من قبل في عملية توطين جيدة الإعداد لحوالي 7,000 من ( الأطفال المفقودين ) في جنوب السودان بالولايات المتحدة.
كان جزء من نجاح حملة إنقذوا دارفور هو تصويرها للصراع في دارفور بشكل كامل علي أنه بين الحكومة السودانية و رجال المليشيات العربية المغيرة ضد سكان القري الأفارقة العزل و ساعد هذا بالتأكيد علي توصيف الكونغرس و إدارة بوش للعنف عام 2004 م علي أنه إبادة جماعية و هو ما ساعد من جانبه في دعم جهود جمع التبرعات لكن الحقيقة هي أن المشكلة - و لو حتي بشكل جزئي-ً ناتجة عن قلة الموارد . فقد دفعت مواسم الجفاف الطويلة أعداد كبيرة من القبائل العربية في تشاد و شمال دارفور إلي أرض مأهولة بالسكان.
و لم يخلف القتال بين المجموعتين العرقيتين بمفرده حوالي 600 قتيل هذا العام و إنما كان مقتلهم نتيجة لتصاعد العنف بين القبائل العربية.
و أبعد انصباب كل التركيز علي دارفور الإهتمام و الموارد عن أزمات أخري ، حتي في السودان نفسه فاتفاقية السلام الموقعة عام 2005 م في جنوب السودان و التي كانت انقلاباً دبلوماسياً لإدارة الرئيس بوش بإنهائها لواحد و عشرين عاماً من الحرب الأهلية بدأ طرفاها في التنازع في الأسابيع الأخيرة.
و يشكو المتمردون المسيحيون السابقون من أن الحكومة لم تقم بتنفيذ أجزاء من تلك الإتفاقية بما في ذلك سحب القوات من الجنوب وقاموا ( إثر ذلك ) بتجميد أعمالهم في حكومة الوحدة الوطنية.
و يعتقد ألكس دو فال أن دارفور كانت وبالاً علي جنوب السودان " فلا يمكن أن تجد حلاً لدارفور دون أن تجد حلاً لكل السودان " حسب تعبيره.
بالطبع ، لا يجادل أحد بأن من الأفضل للنشطاء عدم العمل في صراعات مثل دارفور و يعتقد جون برندرقاست أحد مدراء حملة إنقذوا دارفور إن نموذج النشطاء الذي ابتكره التحالف سيساعد في قضايا إنسانية أخري. و بدأ ( برندرقاست ) مجموعة تدعي مشروع ( كفاية ) لتسليط الإهتمام علي أقاليم أخري يائسة مثل الصومال و الكونغو و أشار إلي أن " هذا النوع من الفظاعات لديه جذور متشابهة و حلول متشابهة كذلك ".
إن الأمل هو أن يتم إعادة تطبيق النجاحات التي تحققت في دارفور لكن الخطورة في أن يتم إعادة تطبيق الأخطاء أيضاً.

* محررة و معلقة مرموقة بمجلة نيوزويك الأمريكية و نشر المقال بالتزامن في العدد الأخير للمجلة و في مجلة بوليتين الأسترالية تحت عنوان
( Do-gooders gone bad).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هدنة غزة تسابق اجتياح رفح.. ماذا حمل المقترح المصري؟ | #مراس


.. جنود أميركيون وسفينة بريطانية لبناء رصيف المساعدات في غزة




.. زيلينسكي يجدد دعوته للغرب لتزويد كييف بأنظمة دفاع جوي | #مرا


.. إسرائيليون غاضبون يغلقون بالنيران الطريق الرئيسي السريع في ت




.. المظاهرات المنددة بحرب غزة تمتد لأكثر من 40 جامعة أميركية |