الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إلى متى تنتظر عوائل أسرى الحرب العراقية الإيرانية عودة أبنائها ؟!!

نجاح يوسف

2003 / 11 / 8
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


منذ اكثر من اثنين وعشرين عاما وفي 19/ 9/1981 فقد شقيقي (فائق) في الحرب العراقية الإيرانية.. هذه الحرب التي لم يكن مؤمنا بها, لا بل معارضا لها وهو المهندس الزراعي ولاعب كرة قدم رائع .. شاب مثله  ترعرع في أحضان عائلة مسالمة عانت من ويلات النظام البائد كغيرها من العوائل العراقية التي لم تحن هامتها للطغاة .... تزوج شقيقي بعد تخرجه من جامعة الموصل – قسم الهندسة الزراعية وبدلا من الاستفادة منه في المؤسسات الزراعية التي هي بحاجة ماسة إلى خبرته, تمت دعوته  ومواليده إلى الخدمة العسكرية ..

في تلك الأيام , كانت طبول الحرب الكلامية بين العراق وإيران تصم الآذان.. وخيوط المؤامرة تحاك في السر لتنسج علاقات حميمة بين نظام صدام  ومخابرات الولايات المتحدة , التي وجدت في صدام ونظامه  أداتها والتي عن طريقها سيتم نشر قواتها وبسط سيطرتها على منطقة الخليج برمتها , إلى جانب وأد الثورة الإيرانية الفتية وهي في المهد..  ومن اجل تحقيق ذلك لا بد من زج الشبيبة العراقية في أتون هذه الحرب المدمرة ..

اندلعت الحرب , ولم يكن للشعب العراقي أي مصلحة وطنية فيها , بل نعتتها كل القوى الوطنية العراقية والعربية والقوى المحبة للسلم آنذاك بالحرب العدوانية , وبأنها قد شنت بالنيابة عن القوى الإمبريالية والرجعية .. ومهما كانت مسميات تلك الحرب وأسبابها ودوافعها , فالشباب العراقي والإيراني على حد سواء خسر أحلى سنوات عمره وهو يعيش في الخنادق وفي سوح المعارك , يحتمي مرة من لهيب المعارك وزمجرة أصوات الطائرات والمدافع , وفي مرات كثيرة يخسر حياته الثمينة , لتصطلي عائلته المنكوبة بنبأ (استشهاده) , أو أسره ..

جاء (فائق) بإجازته الدورية بعد أن عاش أول تجربة مريرة ومؤلمة له في المعركة , ليجد أن زوجته على وشك وضع طفلهما الوحيد , وبعد قضاء أجمل أيام إجازته  مع عائلته , شعر أن مكانه هو بجانب أسرته وليس بعيدا عنها .. فأخبر والدته وزوجته بأنه قرر عدم الالتحاق بوحدته , رغم قوانين الإعدام التي كانت سارية ضد من يتخلف أو يهرب من الخدمة العسكرية.. وتحت إلحاح وتوسلات والدته وزوجته اللتان أقنعتاه بالالتحاق بوحدته في منطقة الخفاجية (سوسنكرد) بالتسمية الفارسية , خوفا من جريمة إعدامه من قبل النظام الفاشي , سافر شقيقي على مضض , وليته لم يسافر!! في تلك المعركة أصيب شقيقي في بطنه وتم أسره من قبل القوات الإيرانية.. أو هكذا سمعه بعض الأقارب وهو يتحدث من إذاعة طهران بعد أكثر من شهرين وقوع المعركة.. علما بأن سلطات النظام المقبور اعتبرته مفقودا!!

لم أجد بابا إلا وطرقتها بحثا عن شقيقي , كما أرسلت العديد من الرسائل عن طريق الصليب الأحمر إلى معسكرات الاعتقال الكثيرة المنتشرة في إيران والتي بنيت لتستوعب الأعداد الهائلة من الأسرى العراقيين.. ولكن دون الحصول على رد منه, أو تأكيدا من السلطات الإيرانية بأنه موجود في إيران,  كما فعلت بالعديد من الأسرى العراقيين الذين ظهروا فجأة, حيث لم تسمح السلطات الإيرانية تسجيل أسمائهم في سجلات الصليب الأحمر الدولي !! بعدها علمت من وجبات الأسرى الذين أطلق سراحهم , بأن الأسرى العراقيين المسيحيين خاصة, كانوا يعاملون بقسوة , وفي بعض الأحيان يجبرون على ترك دينهم , ومن يرفض يحال إلى معسكرات نائية على الحدود الروسية!! لا أستطيع الجزم بأن ذلك حصل فعلا, حتى أسمع من شقيقي ذلك!!

يا ترى لماذا لم يطلق سراح شقيقي وألوف الأسرى العراقيين معه لحد هذه الساعة ؟ ما ذنبهم وما ذنب أسرهم وأطفالهم؟ ماذا تنتظر منظمات حقوق الإنسان والصليب الأحمر والهلال الأحمر الدوليين؟ وماذا تنتظر إيران من عدم إطلاق سراح من تبقى من الأسرى والذين تنكر في كل مرة ان لها أسرى عراقيين , وبعد حين نسمع أنها ستطلق سراح أسرى جدد؟ ما هذا اللعب بمشاعر وعواطف البشر؟ 

لقد انتهت هذه الحرب عام 1988 وبعد خمسة عشر عاما , ما نزال نبحث عن ضحاياها وأسراها.. إنني أطلق هذه الصرخة لكي أسمع بها كل الضمائر الخيرة في العراق وإيران وفي المهاجر , طالبوا بإطلاق سراح الأسرى العراقيين , ضحايا حرب نظام صدام الإجرامي , الذين ما زالوا في معسكرات الاعتقال في إيران ! إن عوائلهم المنكوبة ما زالت تنتظر أن يطلوا عليها بعد فراق طويل زاد عن المعقول واللامعقول !! أيها المحامون والقضاة ومنظمات حقوق الإنسان.. ويا مجلس الحكم المؤقت  لبوا هذه الدعوة الإنسانية وضموا صوتكم إلى صوت ضحايا الحروب العدوانية  وأعملوا من أجل إطلاق سراحهم فورا!!
إنها معاناة شخصية , لكن لها بعد إنساني لأنه ما زال اكثر من خمسة آلاف أسير عراقي ضحايا الحرب العراقية الإيرانية يقبعون في معسكرات نائية في إيران ومنذ أكثر من عقدين.. إنهم ينتظرون ساعة الفرج .. لا تطيلوا انتظارهم !!     








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تظاهرات في إسرائيل تطالب نتنياهو بقبول صفقة تبادل مع حماس |


.. مكتب نتنياهو: سنرسل وفدا للوسطاء لوضع اتفاق مناسب لنا




.. تقارير: السعودية قد تلجأ لتطبيع تدريجي مع إسرائيل بسبب استمر


.. واشنطن تقول إنها تقيم رد حماس على مقترح الهدنة | #أميركا_الي




.. جابر الحرمي: الوسطاء سيكونون طرفا في إيجاد ضمانات لتنفيذ اتف