الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


طفلى . . دميتى

نادية المفتي

2007 / 11 / 12
العلاقات الجنسية والاسرية


أنا لم أكن أما فى يوم من الأيام، بالرغم من حبى الشديد للأطفال و قدرتى على التواصل معهم و قيادتهم لما فيه صالحهم دون أوامر مباشرة فى معظم الأحوال، حالت الظروف دون إنجابى لللإبنة/الصديقة/الأخت/الأم/القوية/الحرة/الضحوكة/الفنانة التى تمنيتها طوال حياتى و الإبن الرقيق/اللطيف/الحساس/القوى/ الناضج/الرحيم/المستنير/الضحوك/الفنان الذى حلمت به و بأن يتمتع بكل صفات أبيه، الذى حلمت به بدوره و لكن للأسف لم يتقاطع طريقانا فى هذه الحياة، ربما فى حياة أخرى. و عندما سنحت الظروف لللإنجاب كنت قد نضجت بما فيه الكفاية لأدرك أن هذا ليس هو العالم الذى أود لأطفالى أن يربوا فيه، و أن ليست هذه هى الظروف التى ستجعلنى أعطى لأولادى أفضل ما عندى من حنان و حماية و كل الأمان الذى أرجوه لهم، ففضلت أن أظل محتفظة بهم فى قلبى و فى رحمى إلى أن أتمكن من رؤيتهم فى يوم ما، قريبا كان أم بعيد. كانت هذه مقدمة لما أريد أن أكتبه فى هذا المقال عن الحياة الأسرية و تربية الأبناء، ربما لم أكن أما فى يوم ما سوى لأبناء أخى و أطفال العائلة، و لكنى كنت دوما مراقبة جيدة لكل ما يدور حولى و هذا ما يجعلنى أكتب هذه المقالات على عمومها.
لا ينكر أحدا ما فضل الأمهات و الأباء على بناتهم و أبنائهم، فإن الإعتراف بهذا الفضل من ثوابت الحياة، و قد حثت الأديان جميعها على الإحسان للوالدين، و الآيات القرآنية التى تحض على ذلك غنية عن الذكر، و قد ربطت الآيات ما بين مكانة الوالدين و مكانة الإله الخالق مباشرة، "و قضى ربكم ألا تعبدوا إلا إياه و بالوالدين إحسانا"، و إذا ما خاطب أحدهم معظم أرباب الأسر فسيجد معظمهم يتحدث عن دوره أو دورها فى حياة أولادهم الناجحين بفخر و إعتزاز، و لكن هل سمع أحدا ما أحدهم وهو يتكلم عن دوره أو دورها فى فشل أحد الأبناء؟! أنا أعلم أن الكثير من الأباء و الأمهات هم أنفسهم يحتاجون لأباء و أمهات، و لكن ما ذنب الأطفال؟! للأسف رأيت الكثيرين منهم يعاملون أولادهم معاملة الدمى، مصدر للسعادة و الفخر كلما تميزت الدمية و جذب بريقها الجميع، فإن كسرت، أو بدا فيها للأعين عيبا ما، تلقى فى القمامة، أو تهمل، أو على أقل تقدير لا تحظى بقدر الإهتمام العظيم الذى تحظى به الدمية البراقة. للأسف الشديد رأيت هذا المثال فى أكثر من أسرة، و كنت أظن أنه حكر على بعض الأسر التى لم تحظ بقدر عال من الإستنارة العقلية و الخبرة الحياتية، و لكنى وجدته يتكرر فى أسر ذات مستوى عال من التعليم و الثراء معا. وجدت أباء و أمهات يتركون أولادهم و بناتهم يواجهون العالم وحدهم لمجرد غلطة ارتكبوها، و قد ترجع أسبابها إلى أخطاء إرتكبها الأب أو الأم أو كليهما معا فى حق ذاك الإبن أو تلك الإبنة، و وجدت منهم من تركوا بناتهم اللاتى ربين فى حجورهم للطوفان لمجرد إشاعة أطلقها حاقد لم ينل مبتغاه، وقد يهدر دم هذه أو تلك ثم تثبت "برائتها" بعد ذلك، وجدت أطفال تفسد برائتهم من كثرة صريخهم و تحولهم للعنف تجاه أخوتهم أو أقرانهم و تضمحل مواهبهم المتميزة لمجرد إحتياجهم لقدر أكبر من المجهود فى التواصل معهم لم يكلف الأب المشغول بمركزه البراق أو الأم المشغولة بالأطفال الأكثر بريقا أنفسهم عناء بذله و فضلوا بدلا من ذلك إتهام ذلك "الطفل" أو تلك "الطفلة" بأنهم "مولودين كده"! نظرة سطحية غاية فى الخطورة لوظيفة الأب و الأم و دورهم فى حياة أطفالهم، أو دور أيا منا فى حياة من يشاركونه الحياة، ناتجة عن علاقات لا تتعدى القشرة الخارجية و نظرات أعين ترى بالبصر و لكن غابت عنها البصيرة و آذان تسمع و لاتعى و قلوب تنبض و لكن لاتستشف، إن التشبث بمن نحب وقتما قد تطيح بهم العواصف هو ما يميزنا عن أى حشرة تتمتع بنفس قدرتنا على الإنجاب، إن "إهتمامنا" بمن حولنا هو ما يجعلنا جديرين أن نحظى بلقب "إنسان"، إن ما قيل عن حب الوالدين لأولادهم لا يتسع له ألاف المجلدات، لكن نسى الجميع أن المخلوقات ليس لها إلا إله واحد ترجوا منه الحب و الإهتمام، أما الخالق فله بلايين المخلوقات التى تتطلع له كل ثانية بقلب مفتوح ملؤه الحب و لا يبغى إلا العطف و الرحمة، فمن أكثرهم تأثرا بقسوة الآخر؟! لماذا نخلق إن كنا سنتسبب فى تعاسة مخلوقاتنا؟! إن كانت الإجابة أن كما يوجد اللون الأبيض لابد من وجود اللون الأسود فأسألوا اللون الأسود كيف يحتمل العيش فى ظلام دامس لا ينقشع. مجرد تساؤلات.










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف تؤثر وسائل التواصل على نظرة الشباب لتكاليف الزواج؟


.. الصحفية غدير الشرعبي




.. لوحة كوزيت


.. شاعرة كردية الحرية تولد الإبداع




.. اطفال غزة يحلمون بالعودة إلى ديارهم