الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الوحدة الوطنية واشكالية الصراع على السلطة

ساجد شرقي المشعان

2007 / 11 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


من المعروف ان كل دولة تتميز بالتعددية الاجتماعية ذات الطبيعة العرقية او الدينية او الثقافية ، تكون معرضة لتفاقم مشكلة الصراع على السلطة الذي يؤثر سلبا على الاستقرار السياسي ما لم ياخذ النظام فيها مسعا جادا لتحقيق اسس راسخة تحول هذه التعددية الى عامل ربط بين افراد المجتمع بدلا من تجزئته ، وهنا ياتي دور السلطة ومدى كفاءتها والاسس النظرية لبرامجها في ادارة شؤون الحكم ، وفي هذا لاطار يبرز نوعان من السلطة ، السلطة التي ترفع شعار الوحدة الوطنية وتحتكر السلطة ، وسلطة تمارس حق الاجبار الشرعي باسم المجتمع وتسيره كوحدة متكاملة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا ، وهنا علينا ان نحلل الاداء لكلا المسارين لنتمكن من الادراك للاثار التي يمكن تلمسها في واقعنا العراقي للوصول الى الحلول من خلال امكانية تقييم فعالية كل نوع .
ان الذي يتعلق في الجانب الاول يقود بالضرورة الى ان يصبح الولاء للوحدات الصغرى (الطائفة ، العشيرة ،المذهب ...الخ ) اكبر من الولاء للدولة ونظامها السياسي ، وهذا بطبيعة الحال يولد نظام سياسي غير قادر على اداء وظائفه وغير قادر على تحقيق الرضا للشرائح الاخرى خارج اطار مجموعة السلطة ، مما يقود هذا الى تناقض وخلل في شرعيته (اي النظام ) وبالتالي تثار القلاقل ضده ومن ثم يتصدع البنيان الاجتماعي خاصة عندما تلجا الهويات الفرعية الى ممارسة العنف ضد هذه السلطة ، وكثير من الاحيان تلجا تلك الهويات الفرعية الى تحويل ولائها عن الدولة امام سياسة الاحتكار الذي يمارس ضدها لتتحالف مع قوى خارجية لطلب الحماية والدعم ويصبح هناك منفذا للتدخل والسيطرة على مقدرات البلد من خلال دعم تلك الكيانات التي تدين بالولاء لتلك القوى ويصبح هناك تاجيج للعنف المسلح كحالة مستمرة مما يمهد لاندلاع حرب اهلية وبالتالي تهديد السلطة ذاتها وربما تهديد الكيان السياسي للدولة نفسها عندما تصبح هناك مطالب للانفصال في حالة (الفدراليات المذهبية ) المطروحة في الساحة العراقية الان !!
اما ما يتعلق في المستوى الاخر من السلطة فان القوى السياسية المختلفة تتنازع على تسيير المجتمع وفق ثلاثة مستويات : فالمستوى الاول هو المستوى السياسي - وهذا يتم من خلال تنافس الاحزاب السياسية ديمقراطيا ويمكن للحزب الذي يستلم الحكم عن طريق القوة بمعنى ( انه يقول انني امثل الشعب ولا احد يستطسع ان يقول الراي الاخر ) وهذا اجراء شكلي عند حسم الصراع ليجعل من المعارضة تتراجع الى الخلف ، وربما يلجا الى تدمير المعارضة بالتفتت والتشتت والابادة ، الا ان هذا الحال غير ناجح وغير ناضج خاصة اذا كانت هناك ضروف موضوعية قد تتضائل اهميتها بعد زوال تلك الظروف . اما المستوى الثاني فهو المستوى الاقتصادي – فالاقتصاد هوعصب ادارة المجتمع كون المجتمع لادتديره السياسة حسب، بل هوايضا مصالح مادية وعليه فالقوى تدخل حالة صراع اقتصادي ، وهنا يتحقق امتزاج الجانب السياسي والاقتصادي ، فالسلطة الحاكمة المسيطرة سياسيا عندما لا تستطيع ان تسيطر اقتصاديا سوف يتحقق في ظلها وجود اكثر من سلطة ( اي وجود سلطة سياسية توازيها السلطة الاقتصادية ) وعليه تضعف ومن ثم تسقط السلطة السياسية ، وتعتبر هذه ازمة عدم التطابق ، ومن اجل تجانس المجتمع بشكل طبيعي ، لابد من القضاء على السلطة الاقتصادية ، وبهذا يجب ان لاتتاح للحكومات المحلية قوة اقتصادية تتيح لها حرية الاداء للدرجة التي تمتزج هذه القوة بفعلها السياسي ومن ثم المنافسة للدولة الاتحادية ( المركزية ) التي قد تؤدي الى عدم قدرة الاخير بتنفيذ قراراتها ، وهذا ما يفسر ( الاداء السياسي للمحافظات الجنوبية وخصوصا محافظة البصرة!!)، وعلية فان الصلاحيات التي يجب ان تعطى للحكومات المحلية هي صلاحيات محددة ، لتوزيع الاختصاصات الاساسية لتصريف شؤون المجتمع التي تحتاجها كل محافظة او اقليم ويترك باقي الصلاحيات للدولة لاتحادية . اما بالنسبة الى المستوى الاخير اي المستوى الاجتماعي –هنا ينطوي الصراع على القيم والافكار والمباديء والايدلوجيات فعلى السلطة هنا تحسم الصراع لصالحها والا فان هناك فئة اخرى تتنازع معها تجعل ولاءات لها بدلا من الولاء للسلطة ، ومن هنا تاتي ضرورة تدخل السلطة في حسم الصراع ...
من خلال ماتقدم يمكن الوصول الى رؤية مفادها ، ان السلطة الحقيقية هي التي تستطسع حسم الصراع على المستويات الثلاث سياسيا واقتصاديا واجتماعيا من خلال اجهزة الدولة ومؤسساتها ، عن طريق الدستور وتشريع القوانين التي تعد مرجعية القواعد للسلطة السياسية لتسيير شؤن المجتمع ، وعلى هذا الاساس فالقانون يحمل الاطر التي تحدد هيكل الوحدة الوطنية لانه يعبر عن الصفة الملائمة لتنظيم العلاقات بين المناطق السكانية في المجتمع ، وهو اداة السلطة السياسية ووسيلتها لغرض التنظيم المطلوب تحقيقه على صورة العلاقات بين شرائح المجتمع في اطار الدولة الواحدة ، ومن هنا فكلما كان القانون قادر على على التعبير عن النظام الاجتماعي كلما كان قادرا بشكل كبير وفعال على تحقيق اهدافه في فرض الحلول المناسبة والمعالجات الملائمة للشرائح والطبقات المختلفة التي تحدث في اطار القييم وبالتالي تحقيق الاندماج الوطني الشامل في اطار الدولة ، والقانون لايقف على حدود تنظيم الروابط المجتمعية وانما يقدم الاطر اللازمة لادامة هذه الروابط وتعزيزيها وياتي في مقدمة هذه الروابط رابطة المواطنة .
ان الضمانات الدستورية هي التي تعزز هذا الاتجاه في تعزيز الوحدة الوطنية ، وبقدر ما يتعلق الامر بالسلطة السياسية ، لابد ان تكون هناك مشاركة سياسية للاقليات في السلطة وتتخذ هذه المشاركة اشكالا عديدة منها المشاركة في صنع القرارات وصياغة السياسة العامة واختيار المسؤولين الحكوميين والتاثير على صنع القرار السياسي من خلال تعبير كل فئة او طبقة اوجماعة عن مصاحها او مراقبة فعل الحكومة من خلال قنوات تتيح التقويم والضبط ، وبطبيعة الحال ان ذلك لايمكن ان يتحقق من خلال الاعتماد على نظام المحاصصة من اجل توزيع مراكز السلطة والمناصب الهامة في الدولة ، فهذا النظام يعتبر خطرا على البناء الاجتماعي وعلى ترسيخ التعددية الاجتماعية في الجانب السياسي ، ونعتقد فشل نظام المحاصصة في الحفاظ على الوحدة الوطنية نموذجا ملموسا ، واذا ما استمر الحال كذلك سيهدد كيان الدولة . ان النظام الانتخابي المعتمد يسهم في تكريس الاتجاه نحو المحاصصة وابعاد الاقليات من المساهمة في صنع القرارات والسياسة ، لذا لابد من تغير هكذا نظام ولاتجاه نحوالاخذ بالنظام النسبي الكامل بدلا من نظام الانتخاب بالقائمة ، التي تركت اثرا سلبيا على الحياة السياسية في المجتمع العراقي ، فنحن نعتقد لابد من ايجاد نظام انتخابي بواسطته يحدث توازنا بين متطلبات المجتمع السياسي ومتطلبات الكفاءة والخبرة بغض النظر عن الهوية الفرعية التي ينتمي اليها ، وبالتالي ربط الفرد (كمواطن ) كامل الحقوق في النظام و (كأنسان) لمقوماته الشخصية وانتماءاته الفرعية ، فالفرد (كمواطن ) له حقوق وعليه واجبات في اطار الدولة الى جانب ان لهذا الفرد (كانسان) حقوق اساسية يتمتع بها ولايوجد تعارض بين الصفتين ، بمعنى لابد من المساواة بين اعضاء المجتمع السياسي بغض النظر عن الانتماءت الفرعية ، فليس من المعقول ان نصنف الفرد وفقا (لانتماءاته المذهبية ، العرقية ، القومية ... الخ ) ونؤطره بهذا الاطار ونحرمه من حقه في التفكير اوتكريس مبادئه خارج هذا الاطار ومن ثم نلغي ممارساته ومهاراته وقابلياته ما لم تكون داخل اطار التصنيف !! ، فلا بد ان نتيح للفرد حق المشاركة الحقيقية كونه مواطن في دولته ، وهذا يعزز من ركيزة الوحدة الوطنية ويقلل من حدة التوتر ازاء هوية الاغلبية في المجتمع وبالتالي تزداد ولاءائه للدولة وارتباطه بها ، في الوقت الذي يكون فيه متمتعا بحقوقه في العيش وفقا لخصوصية الهوية التي تناسبه .













التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تركيا: السجن 42 عاما بحق الزعيم الكردي والمرشح السابق لانتخا


.. جنوب أفريقيا تقول لمحكمة العدل الدولية إن -الإبادة- الإسرائي




.. تكثيف العمليات البرية في رفح: هل هي بداية الهجوم الإسرائيلي


.. وول ستريت جورنال: عملية رفح تعرض حياة الجنود الإسرائيليين لل




.. كيف تدير فصائل المقاومة المعركة ضد قوات الاحتلال في جباليا؟