الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حلم جبار

ابتسام يوسف الطاهر

2007 / 11 / 11
الادب والفن


قصة قصيرة
تحية لروح الشاعر طه الطاهر

لم يفكر جبار بمغازلة ابنة الجيران السمراء الجميلة، التي منعها اهلها من مواصلة الدراسة بعد اجتيازها الصف الخامس الابتدائي، ولم يرها بعد ذلك سوى بضع مرات فوق سطح الدار حين يختلي بنفسه ليدرس هناك، وهي تنشر الملابس كل ظهيرة، تبقى هناك لعله يصعد ليصلح انتيل التلفزيون أو يطعم حماماته.. احيانا تجمع الملابس ثم تعيد نشرها على أمل ان تراه أو يراها ويرفرف عصفور قلبه الصغير لمرأى عينيها الكحيلتين وشعرها الليلي تداعبه الريح.
لكن جبار لايملك اهله تلفزيون، ولايملك حمام ليطعمه بل هو يحب رؤيته محلقا بالفضاء ويبتسم كلما رأى أسرابه تحلق جماعات فوق المباني المتعبة. فلم يصعد للسطح منذ بداية عطلة الصيف. لكنه يفرح لرؤياها تقف بالباب مع امها ليلمح طيفها فيلقي التحية عليهما. فكثير ما تتبعه عيون النسوة والبنات حين يمر بشارعهم الضيق، كعيون ضيفات زوجة العزيز حين مر بهن يوسف أبن يعقوب.
هو يحلم ان يشتغل ليشتري لأمه ثوبا ازرق بورود صغيرة لتخلع ثوب الحداد الازلي، وشالا كالذي رآه على كتف امينة رزق في احد الافلام التي رآها بالسينما في تلك المرة اليتيمة التي ذهب بها مع اصدقائه.. يحلم أن يشتري لأخته الصغرى لعبة بعينين زرقاوين بدلا من لعبة القطن التي أخاطتها لها امه.

طلب من جارهم الذي يصنع المشروبات الغازية في بيته ليساعده على بيع قناني السينالكو والسفن اب في عطلة الصيف، غير مبال بجحيم الصيف القاتل.
في الاسبوع الاول إشترى لأمه الشال الاسود ولم يبق له غير درهم واحد اعطاه لأخته الكبرى "شكرا لك سأضيفه على ماجمعت لاشتري كتاب نقرأه معا" قالت فرحة وهي تعانقه.
في الاسبوع الثاني قرر ان يشتري الثوب الازرق لأمه. جسده النحيل يتصبب عرقا وهو يدفع العربة الخشبية بصعوبة. الشوارع كأنها افران مفتوحة الأفواه تنفث جحيمها صوبه.. قليل من العمال العائدين من عملهم اشتروا منه ليطفأوا لهيب العطش والحر.
شعر ببرودة تسري بجسده الذي انتابته ارتعاشة حين رآها تقف باسمة بوجهها المضئ من بين عباءتها السوداء.. مد يده المرتعشة لقناني المشروات الباردة ليقدم لها احداها.
اشارت له على فراشة تطير فوقهما بأجنحة سماوية اللون.. ركض خلف الفراشة ليصطادها ويقدمها لها هدية.. ركض طويلا لم يعبأ بساقيه الملتهبتين ولا العرق المتصبب من جبينه.. عيناه تتبعان الفراشة فلا يرى الارض المشتعلة تحت قدميه الحافيتين.
تعالى لهاثه وهو يسمع انين ساقيه.. فتح عينيه فوجد امه قرب رأسه تضع قطع الثلج على جبينه المشتعل، وعيون اخوته تحيط به قلقة، لمح بينها عينا ابنة الجيران تضيئان المكان، يملئهما القلق والدموع.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم السرب للسقا يقترب من حصد 28 مليون جنيه بعد أسبوعين عرض


.. الفنانة مشيرة إسماعيل: شكرا للشركة المتحدة على الحفاوة بعادل




.. كل يوم - رمز للثقافة المصرية ومؤثر في كل بيت عربي.. خالد أبو


.. كل يوم - الفنانة إلهام شاهين : مفيش نجم في تاريخ مصر حقق هذا




.. كل يوم - الفنانة إلهام شاهين : أول مشهد في حياتي الفنية كان