الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
شاعرة تتدثر بعريها ( 1 )
فراس عبد المجيد
2007 / 11 / 11الادب والفن
إذا كان الحديث عن أدب نسائي يثير نقاشا بين مستنكر لهذا المصطلح ومتبن ٍ له ، فان الخصائص الأنثوية في الأدب أمر لا يمكن الاختلاف حوله . إذ يبقى للمرأة ذلك العطر الأنثوي الذي لابد أن يفوح بين فواصل وسطور النص الأدبي بهذه الدرجة أو تلك . وإذا حددنا تلك الخصائص الأنثوية في جنس الشعر ، فان هذا العطر يصبح أكثر انتشارا وأشدّ تأثيرا. ونصوص فتيحة النوحو الشعرية تدخل في هذا الإطار .
يلمس المتطلع إلى هذه النصوص ، للوهلة الأولى ، معجما خاصا يتضمن مفردات ذات إيحاءات ايروتيكية كالشهوة والجسَد والعري والشبَق ، وغيرها من المفردات . إلا أن النص الشعري المتميز لا يتوقف ، كما نعلم ، عند حدود المفردات . فالكلمة هي بوابة الدخول إلى رحاب المعنى . هذا إذا استثنينا الحروف المجردة ومعانيها ودلالاتها الشكلية واللفظية . فالحرف ، كما يرى ألنفّري : " دليل العلم والعلم معدن الحرف " . وإزاء مثل هذا المعجم ، لابد لنا من تقصّي الأبعاد الزمنية والمكانية والاستعارية لدلالات الكلمات ومعانيها وإيحاءاتها ، حيث أن تأمل مفردات ذلك المعجم لابد أن يتخطى صدمة الوهلة الأولى ، لتتكشف أمامه تداعيات لا حصر لها ، تخرج بالحال من مضمونه الحسي المجرد ، والمرتبط باللحظة الآنية ( حيث يتجمد الزمن في فعل التوتر وارتعاش اللحظة ) إلى مضمون أعلى ، يأخذ فيه الزمن بعدا صوفيا يخرج ذلك التوتر والارتعاش إلى مَدَيات لا محدودة :
دعيني
أسائل عنفوان
الانفلات
بعيدا
لعل زهوي
يهمس لي بعبق
المفردات
دعيني
أداعب غفوة
الاشتهاء
بعيدا
لعل انخطافي
يسبي
ألق الافتتان
دعيني
يا أبديتي أستل ّ
من خدر
السهو
سمَرا
يعمد نصبا لنحيبي
في هذا المقطع نجد أن المخاطبَة هنا ، المرتبطة ب " عنفوان الانفلات " و " عبَق المفردات " و " غفوة الاشتهاء " ليست كائنا بعينه ، أو امرأة بعينها . بل هي أبعد من هذا وتلك بكثير . إنها الأبدية . وهذه المديات التي تحلق فوقها الشاعرة تجعل من العري دثارا يخبئ تحته عوالم ومجرّات لا متناهية . ( قصيدة : عارية إلا من عريي )
بالاضافة الى ما تقدم ، فان اللافت في تجربة الشاعرة فتيحة النوحو ، أنها توظف حتى الفضاء البصَري للتعبير عن عالمين يكمل بعضعهما الآخر ، برغم تناقضهما المفترض :
- عالم التوتر واللهاث المحموم ، المعبّر عنه شكليا بتقطيع أوصال النص إلى مفردات تتواتر متصالبة بشكل عمودي ، كما في قصيدة " لوعة " :
صليني
بشجون
الصمت
تدفئني
صليني
بنهود
القصيد
تذوي
هوسي
لأزمنتي
الملعونة
بالكشف
- عالم المدى المفتوح ، عالم المطلق المرسوم بالبياض . وعلى القارئ أن يتوصل ، بحسّه المرهف ، إلى إدراك العلاقة الجدلية بين هذين العالمين ، وآفاق ارتباطهما ، تبعا لدلالات مفردات حسية ظاهريا ، إلا أنها ميتا فيزيقية جوهرا .
مما تقدم ، يمكننا أن نعتبر فتيحة النوحو شاعرة تبحث عن الاختلاف بشكل مدروس ، وليس منفعلا أو مفتعلا البتة . الاختلاف الذي يجعل منها شاعرة تتدثر بعريها ، لتخفي عراء أكثر صميمية ، عراء مختلفا لا يظهر منه شيء من مديات المطلق .والباقي تتركه للقارئ لكي يكتشفه ويتلمس ، بنشوة ، تضاريسه المشتعلة .
( 1 ) مقدمة لديوان تحت الطبع للشاعرة فتيحة النوحو بعنوان " إليك أيها الظمأ كلّ هذا الارتواء"
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض
.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب
.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع
.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة
.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟