الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حَيْرَةٌ على الكسندر بلاتس

صبري هاشم

2007 / 11 / 12
الادب والفن



شبحُ الشاعرِ حادّ النظرةِ كان
أين ؟
في الميدان ، الكسندر بلاتس وسط برلين ، الذي أوغلَ في تدميرِ الذاكرةِ
متجهماً انبثق من بين الركامِ
ومنه نحوي التفاتةٌ فلتت غاضبةً
لم أتعرّف عليه حين التقيته مصادفةً
وعليّ لم يتعرّف
هكذا قدّرتُ بعدئذٍ
ثمة غربةٌ تفضي إلى غربةٍ
وغيظٌ يأخذُ بتلابيبِ غيظٍ
لكن الشاعرَ إزائي لم يكن ودّيَّ النظرةِ فصرتُ في حيرةٍ وسؤالٍ
مِنْ أين جاء ؟ ومرّةً أخرى مِن أينَ جاء حتى يمرَّ أمامي ؟
في تلك الساعةِ كنتُ أُفضض أحلامَ المارّةِ بأقمارٍ بيضاء على هامتي منذُ الصباحِ هطلت
في تلك الساعةِ كنتُ أُعابثُ نسمةً شبقيةَ الهوى خضلةَ الروحِ حين رمحت قامةُ الشاعرِ في مداري
وتساءلتُ :
هل خرج من فراغٍ ؟
مِن جسدِ الهواء ؟
مِنْ هوّةٍ عاتيةِ الأنفاسِ في أنينِ المساء ؟
مِن أين خرجَ توّاً ؟
مِن أيِّ قافلةٍ غارقةٍ نجوتَ أيها الشاعرُ فاستويتَ بلا ذاكرةٍ ؟
شجناً صار المساءُ
لبس وجهاً كحلياً وذاب
حين نحوي أطلقَ وجهاً ليس ودّياً
وليس عدائياً
وأنا بوجههِ أطلقتُ وجهاً حائراً وسؤالاً
هل هذا الشبحُ الهالكُ أنتَ ؟
هل أنتَ الشاعرُ المنسيُّ ؟
مِن أين أتيتَ ومتى ؟
وأردُّ :
ما الذي يجعلهُ قاسياً هكذا ؟
أنا تركته ، قبل أعوامٍ ، حلوَ المُحيّا ، معافىً
شجنٌ خضِلٌ هذا المساء
وهذا شيخٌ هالكٌ يُخفي لمّته بقبعةِ البحّارين
على كتِفه اليمنى حقيبةٌ صغيرةٌ كالصرّةِ تستريح
تتنفسُ رائحةَ الرحيلِ مِن ثيابِ المنفيّ
غادرها اللونُ ولهفةُ المسافرِ
في الميدانِ
في الثلثِ الأولِ من تشرين الأولِ وأظنه تاريخاً مسبياً
رأيتُ الشاعرَ يمتطي ظهرَ الريحِ ويزأر
فيما الريحُ تصهلُ في بيداء
في الميدان كان الشاعرُ خيطاً من لؤلؤٍ
عليه لم أتعرّف
عليّ لم يتعرّف
أجزم أجزم
حين صار بعد لأيٍ برقاً في سماء
لم أقل فلقَ البحرَ ومات
لم أقل
فالدنيا صحوٌ وعند الصحوِ في العادةِ تنمو الأكوانُ وتبتهجُ كلُّ الأشياء
لم أقل كوكباً غادر المجرّةَ أو نجماً أفل
إنما بعد أيامٍ حاولتُ أنْ أجسَّ نبضَ الدهشةِ في جسدِ الميدان
وحاولتُ أنْ أسألَ المارّةَ وما طال بي السؤال
قيل لي : مرَّ عابراً ولم يترك أثراً في المكانِ ومنه لا ننتظرُ عودةً
أو ربما ضيّع خرائطَ الميدان وفوضى الأشياء في بردِ المدينةِ
سأعودُ ثانيةً لكي أسألَ ساعةً حرست كلَّ لقاءاتِ الدنيا
وعدتُ بعد أيامٍ
لأجدَ شبحَ الشاعرِ متجلياً في رقّةِ الهواء
في صفحةِ الرّيحِ
في الميدان
جلستُ لأخطَّ إليكم دعوةً
لزيارةِ شبحِ شاعرٍ
يجوبُ سماءَ الكسندر بلاتس
يجوبُ سماءَ برلين


6 ـ 11 ـ 2007








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استشهاد الطفل عزام الشاعر بسبب سوء التغذية جراء سياسة التجوي


.. الفنان السعودي -حقروص- في صباح العربية




.. محمد عبيدات.. تعيين مغني الراب -ميستر آب- متحدثا لمطار الجزا


.. كيف تحول من لاعب كرة قدم إلى فنان؟.. الفنان سلطان خليفة يوضح




.. الفنان السعودي -حقروص- يتحدث عن كواليس أحدث أغانيه في صباح ا