الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ولايات من ورق !!

حافظ سيف فاضل

2003 / 11 / 9
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


أعجب دوما عندما تتعرض الولايات المتحدة الامريكية الى نكبات او ازمات,  من ردة فعلها البطيئة وهلع مواطنيها من جراء الاحداث.  ففي الحادي عشر من سبتمبر كانت ردة الفعل لجهازالدولة بطيئ وغير مصمم للدفاع والهجوم المضاد السريع بحسبها دولة عظمى. لقد شاهدنا الخلل في عدم مركزية الاستخبارات وصعوبة انتقال المعلومة بين الاجهزة الامنية والاطالة في عدم التعرف على  نوع الحدث الطارئ وتعسر اٍمكانية حل الشفرات المتداولة, وكذلك  قلة العدد الكافي  لوجود المختصين  في نقل الترجمة من العربية الى الانجليزية في جهازي المباحث الفيدرالية "اف بي اي" ووكالة الاستخبارات  المركزية "سي اي اية", وبالرغم من سرعة نشر اسماء وصور"المشتبة بهم" العرب الشرق اوسطيين حينذاك المتهمين بالعملية الارهابية الانتحارية في ثاني يوم من الحدث الرهيب,  مع ذلك فقد استغرق وقتا طويلا حتى تم استيعاب وفهم ماجرى والتعامل معه,  وأخذ وقتا قرابة الشهر, حتى تم الرد وضرب موطن الارهاب في افغانستان.  كذلك ماحدث مؤخرا من انقطاع للتيار الكهربائي الذي شل حركة البلاد والعباد, ومن خلال متابعتي للشاشة الفضائية كنت اتوقع عملا ارهابيا جديدا قد حدث, كما كان يتوقعه ايضا مواطني الولايات المتحدة وكندا على السواء لان الارهاب عودنا على ضربات غريبة ونوعية مفاجئة وبأسلوب بسيط وبأرخص ثمن وبحلة " شرق اوسطية جهادية".  ان دولة عظمى احادية القطب كالولايات المتحدة يتمكن انقطاع التيار الكهربائي من هز كيانها وشل حركتها ويسبب لها ازمات حادة من هذا النوع والى هذا الحد. قد تكون نوعية الازمات هذه  لبلدان نامية مجرد "راحة".  فاليمن على سبيل المثال لا الحصر ينقطع فيها التيار الكهربائي  في الشتاء مرة واحدة كل يوم واحيانا كل يومين اما في الصيف فكل ثلاثة ايام مرة تقريبا (وجه الي نقد حول عدم طرحي للرقم الصحيح في عدد مرات انقطاع التيار الكهربائي واوعزت جهلي بعدم احاطتي بالظروف كوني اعيش خارج البلاد)  لقد اعتاد المواطن في اليمن على هذا الانقطاع دون ان يعكر له بال او يتجمهر او يصاب بالهلع اويتذمر عند دفع الفاتورة,  وامور الدولة ومؤسساتها تسير على البركة والسبحانية وكذلك الرحلات الجوية والبرية.                                                                
 اعتقد انه لابد للولايات المتحدة ان تعود مواطنيها على انقطاع التيار الكهربائي من خلال "كورسات" تدريبية متفرقة تبدأ بساعة في الاسبوع وتتدرج لمستوى اعلى. ليتحصن بذلك المواطن الامريكي ضد نوبات الهلع ويطرد الخوف والجزع وتتلاشى وساوس العمليات الارهابية عند كل ازمة..  وليتأسوا ببلد مثل اليمن على صغر حجمه وامكانياته, ولاشك سيستقبل اليمن السياح والمبتعثين الامريكيين ليعيشوا الحدث وانقطاع التيار على ارض الواقع ويلصوا الشمع ولابد في نهاية المطاف من جولة لهم في دهاليز مؤسسة الكهرباء (مؤسسة طفي لصي) لتكن ختامية.  حدث مرة ان انقطع التيار الكهربائي عن نيويورك لعدة ساعات فنهبت المحلات التجارية وساد الشارع هرج ومرج وتوسعت الجريمة, ولكن الامر المستجد في انقطاع التيار الكهربائي هذه المرة  ومؤخرا والذي يستدعي الاشادة به ان المواطن الامريكي والكندي تولد فيهما حس وطني وانساني واصبح ينظم السير ويقود الصفوف للمشاة والعابرين ويساعد رجال الشرطة وحس كهذا لم يكن ليتبلور الا تحت ظرف التهديد الخارجي الارهابي الذي خيم في ظلمة السماء,  فتعاضد الناس وساعد بعضه بعضا وهذه قيم حسنة علينا ان نتعلمها من المجتمع الامريكي  والكندي عند الشدائد.                                                                                                    
 أتسائل؟ كيف لوهوجمت الولايات المتحدة الامريكية بضربة اٍستباقية نووية كارثية كم سيستغرق من الزمن حتى تفيق من هول العاصفة والصدمة وكم من الوقت سيستغرق للملمة الجراح ودفن القتلى واٍستبيان الامر وكم من الجهد يتطلب لتحديد الهدف وبالتالي الرد؟!  الحدث كان عن  مجرد مجموعة ارهابية في عدة طائرات حققت هدفها في الحادي عشر من سبتمبر(العجيب, تحدث نوستراداموس في نبؤاته الشهيرة عن سقوط البرجين واسمى نيويورك بمدينة الله...) وكذلك عن انقطاع تيار كهربائي اثار كل هذا الخلل في النظام الدفاعي الداخلي والاستخباراتي الخارجي الامريكي فكيف سيكون عليه الحال بالهجوم الجرثومي او بالقنابل "القذرة" التي خف حملها ورخص ثمنها؟! اعتقد انه لابد  للولايات المتحدة ان تتمرس على الجلد والصبر وتتعلم هذه الصفة من بلد عروبي ثوري قومجي  فقد سبق وان حلقت طائرات حربية اسرائيلية (حسب ناطق التلفزيون الاسرائيلي) فوق قصر رئيس البلاد  وكان وقتها في قصر بعيد عن العاصمة, دون ان يجزع أويفزع, وتعدى الامر مؤخرا الى قصف موقع يقال انه للاغراض الارهابية قريب  من عاصمة البلاد, فكانت صفة الجلد والصبر شيمة حميدة من شيمات ذلك البلد الذي يكثر فيه رفع الشعارات القومية" وبالروح بالدم نفديك يابوالجماجم". كل خصلات هذا الصبر والجلد على الولايات المتحدة الامريكية ان تكتسبه وتتعلمه منا نحن العروبيون.  نحن ندين للولايات المتحدة كونها شريك فاعل في صنع الحضارة الانسانية المعاصرة في شتى المجالات الصناعية والعلمية والطبية.. والخ. ولكن لكي تغير اميركا جملة الخطاب"لماذا يكرهوننا؟!", لابد لها من ان تحقق نوعا من العدالة الانسانية المفقودة  في العالم بحكم كبر حجمها وثقلها السياسي والاقتصادي والعسكري وان لاتكون مجرد ولايات من ورق.                                                                                                             








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو: إسرائيل لن تخرج من قطاع غزة قبل إعادة جميع المختطفي


.. مراهقون أوكرانيون يتدربون لخوض حرب طويلة ضد روسيا في ناد عسك




.. البيت الأبيض: تصريحات نتنياهو عن تسليم الأسلحة الأميركية -مه


.. وول ستريت جورنال: التوترات بين نتنياهو والمؤسسة العسكرية بلغ




.. هل باتت الولايات المتحدة عاجزة عن الضغط على إسرائيل؟