الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أحذر الديموقراطية القادمة !

عصام عبدالله

2007 / 11 / 11
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات



ربط أرسطو بين " حب الذات " وحب الخير ..فذهب إلى أن خير صداقة إنما تقوم على أساس سليم من " حب الذات " ..
ولعل هذا ما حدا به إلى القول بأن " الصديق الآخر هو أنت " أو " إن الصديق هو أنت ..إلا أنه بالشخص غيرك " ..وهنا تثار مشكلة الصلة بين " حب الذات " و " حب الغير " ....
ويذهب بعض الفلاسفة إلى أن ما يميز الحب بمفهومه العام إنما هو هذه الحركة الانطلاقية التي تنسلخ فيها " الأنا " عن ذاتها لكي تنشد " الآخر " .. وليس " الصديق " كما يزعم أرسطو " أنا آخر " بل هو " آخر غيري أنا " .
ومعنى هذا أن المحبة بطبيعتها أبعد ما تكون عن النرجسية والتمركز الذاتي لأنها تعبر عن وجود رابطة أو علاقة ..وتحاول في كل حين أن تجسر الوشائج بين " الذوات " المتعددة....

لم يعالج أرسطو إذا الصداقة كمفهوم كوسمولوجي أو ميتافيزيقي وإنما كمفهوم أخلاقي . فالصداقة في نظره فضيلة، وهي تنتمي لأهم الأشياء في الحياة. إنها صداقة مشروطة. لأن الصداقة الحقة ترتبط أساسا بالفضيلة. أي أن الصداقة عند أرسطو يحكمها أيضا "منطق الشبيه"، حيث تمتلك الفضيلة معنى أحاديا ومطلقا وحيث الأصدقاء يملكون نفس التصور عن الفضيلة ونفس الفهم للصداقة. مثلما رأي الفيتاغوريين تماما ، حيث أن الصداقة عندهم تقوم على التماثل أو التشابه في الأفكار homonoia، فالصديق هو أنا أخرى، أنا مشابهة . . أول من دشن النقد الجذري لمفهوم الصداقة وفكرة الشبيه " منطق الشبيه والمثيل إيمانويل ليفيناس – Levinas ( 1906 -1995 ) ومدرسة مابعد الحداثة ، ذلك ان تحويل الذات الي موضوع أو في التعامل مع الاخر كموضوع يعد عملا تعسفيا . وسبق لإدوارد سعيد في كتابه " الاستشراق " الصادر عام 1978 ان نبه الي ان هذا التحويل للذات الي موضوع ، يحط من انسانية الآخر ، وهو رفض لحقه في الوجود كانسان له تاريخه وثقافته وطريقته الخاصة في الحياة .
ويري انه إذا ما كانت هناك من أخلاق خالصة فهي تلك الاخلاق التي لا تبغي إمتلاك الآخر لان كل معرفة هي سيطرة . وهي نفس الفكرة التي دافع عنها " ليفيناس " حين تحدث عن ضرورة الحفاظ علي مسافة أو قطيعة بين الأنا والآخر ، فكل معرفة سلطة وكل سلطة عنف .
من هنا دعا الي أخلاق تتأسس علي " الآخر " وعلي المسئولية تجاه الآخر ، وبلغه ليفيناس نفسه : علي علاقة " وجه – لوجه " وليس " كتف – لكتف " التي تسود المجتمعات الأخواتية .
وهي نفس الفكرة التي عمل دريدا علي تفكيكها سواء في قراءته لأخلاق نيقوماخوس عند أرسطو أو لصداقة شيشرون أو في نقده لكتاب مفهوم السياسة للفيلسوف كارل شميت أو للمقال الافتتاحي لهيدجر إبان تسلمه عمادة جامعة فرايبورج .وهي فكرة أو تقليد لا يسود الفلسفة الغربية وحسب ولكن أيضا كل المجتمعات الأخواتية والقبائلية والعشائرية التي تمجد "الاخ" وتعلي من شأن "الاخوة".
فقد حذر دريدا في كتابه " سياسات الصداقة " كما في كتابه " مارقون " من الديمقراطية القادمة ، ودعا الي نبذ منطق الأخ والشبيه . يقول " لا خطر علي الديمقراطية القادمة إلا من حيث يوجد الأخ ، ليست بالضبط الأخوة كما نعرفها ، ولكن حيث تصنع الأخوة القانون ، وتسود دكتاتورية سياسية بأسم الأخوة " ....فالدعوة الي الأخوة العالمية اليوم قد تلغي الغيرية وكل حق في الاختلاف ، وهو ماتنبهنا إليه الفلسفة ".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. النموذج الأولي لأودي -إي ترون جي تي- تحت المجهر | عالم السرع


.. صانعة المحتوى إيمان صبحي: أنا استخدم قناتي للتوعية الاجتماعي




.. #متداول ..للحظة فقدان سائقة السيطرة على شاحنة بعد نشر لقطات


.. مراسل الجزيرة: قوات الاحتلال الإسرائيلي تكثف غاراتها على مخي




.. -راحوا الغوالي يما-.. أم مصابة تودع نجليها الشهيدين في قطاع