الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تناول الحركة العمالية البحرينية في كتاب عبدالله مطيويع

عبدالرحمن أحمد عثمان

2007 / 11 / 11
الحركة العمالية والنقابية


إن معايير تقدم الشعوب والأمم تتجسد بماهية تاريخها ومفاهيم حضارتها، وتنعكس بمدى تضحيات أبنائها، ونضالات مناضليها، من سياسيين وطنيين، ونقابيين مهنيين، وحزبيين معارضين، وما يتمخض عن تجارب هذا السياسي الوطني الحزبي، او ذاك الناشط النقابي العمالي المهني، وسعي هذا او ذاك في الحفاظ على حقائق تلك التجارب في الذاكرة الإنسانية، وفي أذهان المجتمع والأجيال المتعاقبة، وحفر تداعياتها في ذاكرة الوطن، وصخرة الزمن، وتدوينها في صفحات التاريخ، وذلك من خلال تدوين مذكراتهم الشخصية وتجاربهم النضالية عبر مؤلفاتهم وكتاباتهم وبحوثهم، سواء القضايا السياسية بتناول تاريخ الحركات الوطنية، او القضايا العمالية بتناول الحركات النقابية .

ولعل من الأهمية بمكان القول: ان كلتا الحركتين الوطنية الحزبية والنقابية العمالية، هما مكملتان لبعضهما بعضا، او بالأحرى تمثلان وجهين لعملة واحدة بحيث تنصهر مفاهيمهما وأهدافهما في بوتقة واحدة، إزاء الهدف الواحد والمصير المشترك والمصلحة الوطنية العليا. وبحسب ما تمثل تلك المذكرات او المؤلفات (المنبع) الثري والمتسم بالتجارب النضالية والمكتسبات السياسية والنقابية والتنموية، وتعتبر مصدر إلهام بالنسبة إلى الإرادة العامة، الذي يستنهض من معين مغازيه ودلالاته، شتى فئات الشعب البحريني ومختلف طبقاته ومشاربه الهمم والعزائم، ومثلما يستلهم الدروس العظيمة من قدسية تضحيات أولئك الذين تجلوا بروائع المواقف الوطنية والنقابية والمبدئية طوال أعوام خلت، توجت بتدوين مذكراتهم وإصدار مؤلفاتهم، التي هي بمثابة الكنز الذي لا يقدر بثمن إذا ما قورن بتلك الانجازات المتراكمة بمقاييسها النوعية. لعل هذه المقدمة الموجزة لمقالتنا هذه هي رغبتنا التطرق إلى ما جاء في المؤلف الذي أنجزه المواطن البحريني البار المناضل (عبدالله محمد راشد مطيويع) مؤخراً والمعنون بـ «صفحات من تاريخ الحركة العمالية البحرينية« الذي رُخص بإصداره من قبل وزارة الإعلام وأجيز بنشره.. هذا الكتاب المهم والجميل، وبمحتوياته الأجمل والأكثر أهمية، قد جاء موضع اهتمام ومحط انظار افراد المجتمع البحريني، وخاصة منهم العمال والنقابيين والطبقة العاملة البحرينية بشكل عام، لكون مغازيه ومضامينه قد جاءت تجسيدا لتضحياتهم ومجهوداتهم وعرقهم ودمائهم، وتعبيراً عن أهدافهم وطموحاتهم وأحلامهم، وانعكاساً لمنجزاتهم ومطالبهم ومكتسباتهم، وبحسب ما جاء هذا المؤلف ايضا مبعث فخر النخبة الانتلجنسيا من الصحفيين والكتاب والسياسيين، انطلاقاً من أحكامهم وقناعاتهم بأن هذا المؤلف جاء ليسد ثغرة في جدار تاريخ الحركة العمالية البحرينية، بقدر ما أثرى هذا الكتاب المكتبة العربية سواء محلياً او خليجياً او عربياً. ولعل ما يبعث على القول فخراً واعتزازاً، هو ان مؤلف الاستاذ (عبدالله مطيويع) «صفحات من تاريخ الحركة العمالية البحرينية« جاء ليعبر عن تسجيل اول وثيقة تاريخية مهمة تصدر في فترة مفصلية تاريخية قد لا تقل أهمية.. في فترة يمثل هذا المؤلف من خلالها (المرجعية) للعمال والنقابيين والمهتمين بشئون وقضايا العمل العمالي والنقابي والمهني، مثلما تظل الطبقة العاملة البحرينية أحوج ما تكون الى هذا المؤلف سواء من الجيل الراهن او جيل المستقبل بل الأجيال القادمة. وحينما أسلفنا القول: ان مؤلف المناضل مطيويع، يمثل (المرجعية للعمال) فإن صاحب هذا الكتاب يعد أحد الشهود الأساسيين الذين التصقوا بالحركة العمالية البحرينية ولازموها عن قرب وكتبوا مدادها بالممارسة والتعايش والمعايشة قلباً وقالباً وخاصة خلال فترة السبعينيات من القرن الماضي التي هي كانت تمثل بالنسبة إلى مؤلف الكتاب الضرورة المجتمعية والحتمية التاريخية بمخاض العملية العسيرة بمعاناة النفس الأبية بآلامها العظيمة، وذلك كله من أجل تحقيق الآمال الكبيرة للطبقة الكادحة. من هنا تجلت صياغة تداعيات وأحداث وحقائق الحركة العمالية البحرينية بالحتمية التاريخية والضرورة المجتمعية والعمالية والمهنية، توكيدا لقدسية إنجازات الطبقة العاملة في الميادين الانتاجية والاقتصادية والتنموية التي تنهض ركائزها على اكتافها بتكريس التضحيات ومضاعفة العطاءات.. جاءت صياغة المؤلف الذي كشف كاتبه عن احتوائه على ست عشرة وثيقة، حملت في جوهرها خضم النضالات العمالية للطبقة العاملة البحرينية داخل الوطن، مثلما عكست النضالات الوطنية والنقابية لمؤلف الكتاب خارج الوطن.. ناهيك عن احتواء الكتاب على مقدمة جميلة رائعة، تناولت نضالات الحركات الوطنية المطلبية منذ العشرينيات هي انتفاضة الغواصين، مروراً بأول حركة إضراب مطلبية لعمال شركة النفط 1938م، واستمراريتها في عقدي الأربعينيات والخمسينيات، لتمتد فتشمل انتفاضة مارس 1965م المجيدة، والحركة العمالية المطلبية في السبعينيات إلى عقد التسعينيات، هي فترة الحركة الوطنية المطلبية للعريضة الشعبية التي حملت في جوهرها تفعيل الدستور وإعادة الحياة النيابية. لعل عندما أسلفنا الذكر بنضالات صاحب المؤلف الاستاذ عبدالله مطيويع داخل الوطن، فإن الوثائق الخمس المدونة في الكتاب ابتداء من (الوثقية الأولى الى الوثيقة الخامسة) جاءت هذه الوثائق مليئة بتطرقها الى لقاءات واجتماعات قادة اللجنة التأسيسية مع مسئولي مختلف الجهات الرسمية في الدولة، مفعمة باللقاءات مع مسئولي ادارات مختلف الشركات الكبرى كبابكو وألبا وطيران الخليج وومبي ديلونج وتشارترد بنك وغيرها، كما ان هذه الوثائق الخمس هي حافلة بتناولها أحداث الاعتصامات والمسيرات السلمية، والاضرابات والعرائض العمالية المطلبية.. كل ذلك من أجل تحقيق مطالب وأهداف اللجنة التأسيسية والعمال على حد سواء أهمها «تشكيل نقابات عمالية حرة، وتحسين التشريعات العمالية، وحرية العمل النقابي، وبحرنة الوظائف وتحديد ساعات العمل، وتعديل الرواتب بما يتماشى وغلاء المعيشة، وتدريب البحرينيين« وغيرها من المطالب العمالية الأخرى. وبحسب ما ناضل صاحب الكتاب الاستاذ عبدالله مطيويع من أجل تحسين أوضاع وظروف الطبقة العاملة البحرينية وتوفير روافد الحياة الحرة الكريمة لها ولأفراد أسرها، ومثلما ناضل مؤلف الكتاب من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية، والقضاء على الظلم الاجتماعي والاستغلال الطبقي داخل الوطن، فإنه ناضل خارج الوطن بحسب ما ورد في الوثائق الأخرى من الكتاب، بجانب المناضلين والنقابيين البحرينيين الآخرين في إبراز الوجه المشرق المشرف لنضالات الطبقة العاملة البحرينية، وبحسب ما رفعوا أهدافها ومطالبها خلال المؤتمرات الخليجية والعربية والعمالية كالاتحاد الوطني لطلبة الكويت، والاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب، والمؤتمر النقابي العالمي الثامن، والاتحاد العالمي للنقابات، وبقدر ما أبرز هؤلاء المناضلون والنقابيون وعلى رأسهم الأستاذ عبدالله مطيويع مكانة الطبقة العاملة البحرينية على مخلتلف الصعد الخليجية والعربية والعالمية، فإنهم في الوقت ذاته استطاعوا تأصيل تاريخهم في المحافل العربية والدولية، وهو ما يشرف البحرين تلك النضالات العمالية الرائعة، التي اقترنت بالتضحيات الوطنية الرائدة.. فتحية إكبار لهذا المؤلف المميز «صفحات من تاريخ الحركة العمالية البحرينية«.. وهنيئاً لصاحبه على هذا الانجاز الفكري والوطني والنقابي، الذي سيظل في ذاكرة الاجيال المتعاقبة من الطبقة العاملة البحرينية كقدوة عمالية مجتمعية وإنسانية ومرجعية تاريخية لنضالاتها عبر الأزمنة والعصور.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وقفة احتجاجية لطلاب جامعة إدلب دعما للشعب الفلسطيني


.. محتجون يحاصرون وزارة العمال والنقابيين البريطانيين للضغط على




.. عيد العمال بفرنسا: -يجب وضع حد لسياسة تدمير المكاسب الاجتماع


.. تونس.. مئات العمال يحيون عيدهم بمظاهرة في شوارع العاصمة




.. أصوات من غزة| في يومهم العالمي.. العمال يعانون البطالة وقسوة