الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أحلام السلام والحرية

رحيم العراقي

2007 / 11 / 13
سيرة ذاتية


مؤلف كتاب أحلام السلام والحرية هو رئيس جمهورية فرنسا الأسبق فاليري جيسكار ديستان، ومعلوم أنه انخرط بعد تركه للرئاسة في كتابة مذكراته وهذا آخر جزء منها يصدر مؤخرا، وفيه يتحدث الرئيس الفرنسي عن علاقاته مع غريمه ومنافسه الأكبر على عرش السياسة الفرنسية: جاك شيراك وقد أصبح رئيسا سابقا بدوره الآن بعد انتخاب ساركوزي وهكذا صارت فرنسا تمتلك رئيسين سابقين لا رئيسا واحدا هما: جيسكار ديستان وشيراك.
ومعلوم أن الحياة السياسية الفرنسية كانت خاضعة طيلة عشرات السنين لتنافس هذين الزعيمين وقد عانى اليمين الفرنسي كثيرا من هذه الظاهرة ويرى الرئيس جيسكار ديستان أن لولا خيانة شيراك لما وصل فرانسوا ميتران إلى سدة الحكم عام 1981 فانقسام اليمين الفرنسي على نفسه هو الذي أتاح وصول شخص اشتراكي إلى قصر الاليزيه.وهنا يدخل المؤلف في التفاصيل ويقول بما معناه: عندما اقترب موعد الانتخابات الرئاسية عام 1980 كانت كل الدلائل واستطلاعات الرأي العام تشير إلى أني سأنتصر فيها على المرشح الاشتراكي أيا يكن وبالتالي فقد ابتدأت سنة الترشيح بشكل جيد بالنسبة لي ولم يكن عندي أي قلق على المستقبل.ولكني بعد أن أعلن شيراك ترشيحه وأخذ يهاجمني بعنف أصبح موقعي حرجا أمام فرانسوا ميتران فالحزب الديغولي الذي يقوده شيراك يمثل أكبر حزب في جهة اليمين وإذا كان لا يستطيع أن يوصل زعيمه، أي شيراك، إلى سدة الرئاسة آنذاك فإنه يستطيع أن يفشّل المرشح اليميني الآخر ذي الحظ في النجاح: أي أنا بالذات.
وعلى هذا النحو ابتدأ شيراك مؤامراته عليّ لإسقاطي وإخراجي من قصر الاليزيه بعد أن أمضيت فيه سبع سنوات وحققت إصلاحات ونتائج لا يستهان بها وبخاصة في ظل رئيس وزرائي آنذاك ريمون بار ومعلوم أنه من أشهر علماء الاقتصاد في فرنسا بل إن الصحافة لقبته بأفضل اقتصادي في البلاد.
ولكن كل ذلك لم يشفع لي لدى الرأي العام لأن شيراك استخدم كافة الوسائل لإضعافي بما فيها مساعدة عدوّه ميتران عليّ وقد أصبح شيراك يخطط على النحو التالي: ما دام جيسكار ديستان في الحكم فإني لن أصل أبدا إلى قصر الاليزيه وبالتالي فأفضل طريقة للوصول هي أن أعمل على تنجيح ميتران الذي لن يدوم في الحكم طويلا لأن الاشتراكيين فاشلون من الناحية الاقتصادية ولم يدوموا في الحكم سابقا إلا لفترات قصيرة.
وعندما يفشل ميتران ويسقط يصبح طريق الاليزيه مفتوحا على مصراعيه أمامي على هذا النحو كان يفكر شيراك حوالي عام 1979-1980 وقد استطاع أن يقنع حزبه بالمخطط ونجح في إسقاط جيسكار ديستان .
ولكن المشكلة هي أن ميتران كان ثعلبا ماكرا فلم يسقط بعد سنة أو سنتين من حكمه كما كان يتوقع شيراك وإنما ظل في قصر الاليزيه مدة أربعة عشر عاما متواصلة: أي أكثر من ديغول نفسه وهذا ما لم يكن يتوقعه جاك شيراك المستعجل جدا للوصول إلى قمة الحكم والسلطة.
ويتهم جيسكار ديستان جاك شيراك بأنه شخص مغامر لا يفكر إلا بالسلطة والنفوذ والتحكم بمصير فرنسا إنه يريد السلطة من أجل السلطة وليس من أجل خدمة فرنسا والدليل على ذلك هو أنه استطاع لاحقا أن يصل إلى قصر الاليزيه ويبقى فيه اثني عشر عاما متواصلة قبل أن يخرج مؤخرا ومع ذلك فإن حصيلة حكمه مخيبة للآمال.
فالزعيم الحقيقي هو ذلك الشخص الذي يريد السلطة من أجل أن ينقذ البلاد أو أن يفعل شيئا ما أو أن يحقق لشعبه إنجازات إيجابية وإضافية وهذه هي حالة الجنرال ديغول مثلا فقد رفض السلطة بل ولبطها برجله أكثر من مرة عندما شعر بأنه لا يستطيع أن يخدم المصلحة العامة بها.
ولكن عندما شعر بأن البلاد بحاجة إليه لإنقاذها، فإنه سعى إلى السلطة وامتلكها وأنقذ فرنسا مرتين وعندما شعر بأن مهمته قد انتهت غادر قصر الاليزيه معززا مكرما على الرغم من أنه كان يستطيع أن يظل فيه فترة أخرى إنه لم يتمسك بالكرسي كما يقال على عكس ميتران وشيراك ولكن هل يمكن أن نقارن الأقزام بالعمالقة؟
مهما يكن من أمر فإن جيسكار ديستان يعتبر شيراك سبب انحطاط فرنسا في السنوات الأخيرة ثم يعيب عليه شيئا آخر ألا وهو نزعته الزبائنية الهادفة إلى التحكم بكل المناصب العليا في البلاد وإعطائها لجماعته فالسلطة في نظره هي غنيمة وعندما يصل إليها ينبغي أن تصبح مسخّرة ليس لخدمة الشعب الفرنسي (هذا كلام للاستهلاك المحلي) وإنما لخدمة عصابته وحزبه وجماعته فقط.
وهذا أخطر شيء يمكن أن يصيب البلاد الديمقراطية، فالرئيس الحقيقي ليس هو ذلك الذي يضع جماعته في كل مناصب الدولة للاستفادة الشخصية منها وإنما هو ذلك الذي يضع الرجل المناسب في المكان المناسب وعلى هذا النحو تنجح البلاد اقتصاديا وسياسيا وتنمويا وكل شيء أما شيراك فعنده مفهوم آخر للسلطة مختلف تماما إنه مفهوم انتهازي بالخالص .
ولذلك تأخرت فرنسا في عهده ولم تحقق شيئا والآن أصبح ملاحقا من قبل المحاكم في عدة قضايا تخص الرشوى واستغلال المنصب لأهداف شخصية والثراء غير المشروع ولا أحد يعرف فيما إذا كان ساركوزي سيسمح بملاحقته إلى أقصى حد ممكن أم أنه سيوعز للقضاء بعدم إزعاجه أكثر من اللزوم.
ثم يحمل جيسكار ديستان على غريمه السابق حملة شعواء عندما يتهمه بالخيانة والغدر فعندما اقترب موعد الانتخابات الحاسمة عام 1981 اكتشف جيسكار أن شيراك أعطى أوامر سرية لجماعته ليس لكي يمتنعوا عن التصويت.
وإنما لكي يصوتوا للمرشح الاشتراكي ميتران بالطبع فإنه صرح ظاهريا بأنه سيصوت للرئيس جيسكار ديستان، ولكنه سريا أعطى أوامر معاكسة كما قلنا وعندما سمع جيسكار بالنبأ جن جنونه ولم يكد يصدق في البداية.
ولكنه ولكي يقطع الشك باليقين راح يتصل شخصيا بمقر الحزب الشيراكي في باريس ولكيلا يعرفوا صوته أو يكتشفوه فإنه وضع منديلا على سماعة التليفون لتغيير الصوت لأن صوت جيسكار متميز ومعروف في كل أنحاء فرنسا وقد ردت عليه في البداية سكرتيرة في الحزب قائلة: ماذا تريد؟ قال لها: أنا عضو في الحزب من منطقة الشانزليزيه وأريد أن أعرف لمن ينبغي أن أصوت.
فقالت له: ألم تسمع بالأوامر؟ قال: لا قالت: ليس لجيسكار على أي حال ثم طلبت منه أن ينتظر قليلا لكي يتكلم معه أحد المسؤولين الكبار في الحزب وبالفعل فقد أمسك هذا الأخير بسماعة التليفون وقال له بغضب: يا أخي أما قلنا لكم صوتوا لميتران؟ نريد إسقاط هذا الرجل، أي جيسكار فقال له جيسكار: شكرا على هذه المعلومة وأغلق الخط.
لم يكشف الرئيس الفرنسي السابق عن هذا الخبر إلا بعد مرور ربع قرن أو أكثر على مغادرته لقصر الاليزيه وقد كشفها في الوقت الذي كان فيه شيراك على أبواب الرحيل لتبيان مدة سوء نيته وميله إلى الخيانة والغدر.
ولكن جيسكار نسي الحقيقة التالية وهي أنه لولا خيانة شيراك لجان شابان ديلماس المرشح الديغولي عام 1974 لما وصل هو شخصيا إلى سدة الرئاسة الفرنسية وبالتالي فشيراك مستعد لفعل أي شيء من أجل تحقيق مآربه والوصول إلى السلطة ولكن لماذا كل هذا الركض المحموم وراء السلطة؟ فقط من أجل الأبهة والمظاهر والاستمتاع بها إلى أقصى حد ممكن.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل تحرك تصريحات بايدن جمود مفاوضات الهدنة في غزة؟| #غرفة_الأ


.. ممثلة كندية تتضامن مع غزة خلال تسلمها جائزة




.. كيف سترد حماس على بيان الوسطاء الذي يدعوها وإسرائيل لقبول ال


.. غزيون يستخدمون مخلفات جيش الاحتلال العسكرية بعد انقطاع الغاز




.. صحيفة الغارديان: خطاب بايدن كان مصمما للضغط على إسرائيل