الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من أجل دولة ديموقراطية علمانية

عمار ديوب

2007 / 11 / 14
ملف: الدولة الديمقراطية العلمانية في فلسطين


يطرح الواقع الفلسطيني تأزماً مفتوحاً يعادل في خطورته تأزمات الواقع العربي برمتها ، ولكنه يأتي في القلب منها . فهي أرض عربية – فلسطين- أُحتلت من قبل استعمار استيطاني بربري وعبر مجازر بالجملة طالت الفلسطينيين وغير الفلسطينيين ، وعمل هذا الكيان على تشريع نفسه إنطلاقاً من بداية هذا القرن مستفيداً من ضعف مرتكزات المشروع الوحدوي العربي ومدعوماً من الامبرياليات العالمية بل هو هو مشروع هذه الامبرياليات من اجل إبقاء عالمنا العربي عالماً مجزءاً تابعاً مناطقياً في السياسة والاقتصاد والاجتماع.
الواقع الفلسطيني الحالي وبعد فشل حركة التحرر الخاصة فيه-منظمة التحرير الفلسطينية وحماس- وتحولها إلى مشروع حكم ذاتي بدون صلاحيات لم يحصد سوى المزيد من الاندحار والتشتت والتبعية للامبرياليات العالمية وتفتيتاً داخلياً وصل في أراضي ال67 إلى دولتين متقاتلتين في غزة والضفة الغربية المحتلتان . وبالتالي يشهد هذا الواقع تصدعاً لا محدوداً للحركات السياسية التي تقود الواقعية السياسية أو العقلانية السياسية البائسة . وتأكيد ثابتاً على أن حل الدولتين أمر غير ممكن ويأتي تدعيماً لدولة واحدة هي هي الدولة الصهيونية وسيبقى المر نفسه ما دامت المشاريع السياسية القائدة للمشروع السياسي الفلسطيني مشاريع طائفية أو دولتية . وهذا ما يطرح ضرورة الإقلاع عن أية أوهام حول حل الدولتين المتجاورتين أو الدولة ثنائية القومية . ويستدعي القول أن حل الدولة الواحدة هو الحل الضروري وذلك بعد تفكيك كل بُني في إطار الدولة الصهيونية ولخدمتها . فدولة واحدة احتمال ممكن ولكن خارج الصهيونية أو الطائفية أو المشروع السياسي البرجوازي الفلسطيني .
السؤال البديهي : هل يمكن بناء هذه الدولة في سياق فلسطيني ، طبعاً هذا غير ممكن . وبالتالي لا يمكن تصور هذا الحل خارج الحل العربي لمشكلة الاستعمار الصهيوني في فلسطين والاستعمار الأمريكي في العراق وبالضد من الأنظمة العربية التي تخدم وتؤبد تلك الاستعمارات بتأبيد نفسها أنظمةً مسيطرةً وناهبةً للشعوب العربية .
هذا يعني أن حل المسألة الفلسطينية يأتي ضمن حل مشكلات العالم العربي والتحول نحو مسائل الثورة الصناعية وتطوير الزراعة وتحديث الوعي بوعي علماني مدني وديمقراطي وبدور اقتصادي واجتماعي ووطني وقومي وازن للدولة العربية الواحدة واسترجاع أراضيها المغتصبة ومنها فلسطين إعتماداً على الطبقات الشعبية وتحديداً على الطبقة العاملة والفلاحين الفقراء وبتحالف واسع مع فئات اجتماعية أخرى متضررة من الشرط الامبريالي والصهيونية والرأسمالية التابعة في منطقتنا العربية ولها مصلحة في التخلص منها ..
هذا الطرح يتطلب تحديد المهمات المراد التصدي لها وقبل ذلك علينا التأكيد أن هذه المهمات لن تستطيع التصدي لها إلا القوى الماركسية العربية مع تحالفاتها نظراً للأسباب التي شرحناها أعلاه وبسبب الفشل المتكرر لكل أشكال البرجوازية في التصدي للمهام الملقاة على عاتقها على مدى قرنين من الزمن . ونحدد المهمات :
- مواجهة المشاريع الامبريالية والصهيونية في منطقتنا العربية واعتبارها الحاضنة التي ولدت منها رأسماليتنا المحلية التابعة.
- مواجهة الرأسمالية التابعة واعتبارها فئات تابعة للرأسماليات العالمية في تكوينها الاقتصادي والسياسي والاجتماعي وغير متبنية لا من قريب ولا من بعيد بحكم تكونها التاريخي المغلق والتابع إحداث التطور الاقتصادي والاجتماعي والسياسي بما يقلع بالأمة العربية إلى مصاف الدولة المدنية الحديثة.
- اعتبار تحقق العلمنة والديموقراطية والمواطنة والدستور الحديث من مهمات الماركسيين حصراً بعد أن انعدمت أية إمكانية أن تكون البرجوازية العربية طبقة مهيمنة وبالتالي برنامج الماركسيين الآن هو تحقق المهمات الديمقراطية وليس بناء الاشتراكية أو تدعيم سلطة الحكم الذاتي أو العمل مع الاتحاد الأوربي أو غير ذلك من المهمات غير العملية في تطور الصراع الفلسطيني وأما المهمات الاشتراكية فهي تأتي في سياق التحولات المستمرة وبعد تحقيق المهمات الديمقراطية بقيادة الماركسيين العرب .
- إعمال النقد المعرفي في النصوص التراثية بما ينفي كل ما لا يخدم قضايا الحاضر ويستدعي ما يخدم قضايا الحاضر شريطة الوضوح المنهجي الكافي الذي يؤكد أن معرفة الماضي تتم بكليته وبما هو قضية معرفة بالتحديد. والعمل على تفكيك بنية الوعي السائد الذي هو هو وعي المشروع السياسي المهزوم وخوض الصراعات من أجل نقلةٍ في الوعي والسياسة والاجتماع والاقتصاد نحو الحداثة والعلمنة والديموقراطية والمواطنة والمساواة الاجتماعية .
- إعمال النقد في البنى المعرفية الأوربية واعتبارها بنى خاصة بحقل معرفي أتى في سياق تطور البرجوازيات الأوربية . وبالتالي عدم نسخ تلك البنى ميكانيكياً وضرورة الاستغراب فيها كما يشير هشام غصيب ، أي استعادة مشروع النهضة والحداثة الأوربية بما هي ثورات متعددة والانطلاق منها كركيزة معرفية وإعادة إنتاجها نظرياً على أرضية واقعنا العربي المميز في وحدة العالم المعاصر .
- نقد الفكر الماركسي والدولة الاشتراكية المتحققة واعتبارهما شيئين منفصلين وكذلك نقد سيرورة تطور الحركة الشيوعية العربية والوصول إلى خلاصات نقدية منهجية ونظرية تؤدي إلى تطلع جديد نحو مشروع ماركسي عربي راهن.
انطلاقاً من المهمات السابقة ، ففي الشرط الفلسطيني الراهن يصبح من الضروري رفض كل إتفاقيات أوسلو وما نتج عنها من دويلات وكذلك العمل على تجديد الصراع الوجودي مع الدولة الصهيونية . وبالتالي العمل على مشروع فلسطيني واحد يجمع كل من فلسطيني ال48 وال67 وكذلك فلسطيني الشتات . هذا المشروع سيصطدم حتماً بالحركات السياسية الراهنة ، وهذا أمر طبيعي ومتوقع ، فهو ينطلق من وعلى أنقاضها وليس من استمراريتها . وبرأينا فقد أطلق التاريخ حكمه بزوالها . فهي لم تستطع قيادة المشروع الفلسطيني نحو الانتصار ولم تصل إلا إلى أمرين إثنين وهما ضد مصلحة الشعب الفلسطيني وبعكس الفيتناميين والجنوب إفريقيين والموزيمبابويين وهما :
- استمرارية الدولة الصهيونية والمساهمة بشرعنتها عالمياً عربياً .
- تشتيت الفلسطينيين بالجدل الفاسد . حول تأييد الحكم الذاتي أم رفضه وأخيراً تأييد حماس أم فتح أبو مازن ..
إذن لا بد من الخروج من العقلانية السياسية التي تأكد على أن الفلسطينيين لا بد أن يختاروا بين حماس أو أبو مازن . والحقيقة أن العقلانية السياسية الموضوعية تستدعي رفض الخيارين السابقين والعودة إلى جذور الصراع الفلسطيني العربي الإسرائيلي . فالمشكلة بين المشروع القومي الديمقراطي العربي وبين المشروع الصهيوني ومن ورائه الامبرياليات العالمية . وبالتالي العمل على استعادة المشروع القومي الديمقراطي هي المهمة الراهنة وكذلك إعادة بناء المشروع الفلسطيني ضمن رؤية هذا الإطار وليس ضمن إطار فسلطنة الصراع أو قطريته وباعتبار ذلك من المهمات الديموقراطية للعرب.
وهذا ما يستدعي منا القول أن المشروع الفلسطيني يجب أن يَجبَّ القول بحل الدولتين أو الدولة ثنائية القومية . وان يتبنى الماركسيين الفلسطينيين مع تحالفاتهم مشروع الدولة الديمقراطية العلمانية الواحدة وتحديد مهماتهم الواقعية في الضفة والقطاع وال48 والشتات ضمن هذا المشروع والذي لن يكتب له النجاح خارج تفكيك الدولة الصهيونية ودولتي الحكم الذاتي الفلسطيني وإنهاء سيطرة البرجوازيات العربية التابعة . وبالتالي هذا الحل سيتضمن بالضرورة رؤية لتعايش العرب الفلسطينيين مع اليهود الذين سيبقون في هذه الدولة والذين يجدون أن وطنهم النهائي في إطار الدولة الفلسطينية الديمقراطية العلمانية. هذه الرؤية تستند إلى أن فلسطين جزء من الدولة العربية الواحدة وأن اليهود ليسوا سوى أقلية يمكن أن تنال حقوقها كأقلية حصراً ضمن حقوق المواطنة كما هو حال كل الأقليات في دول العالم الأوربية.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. طبيب يدعو لإنقاذ فلسطين بحفل التخرج في كندا


.. اللواء الركن محمد الصمادي: في الطائرة الرئاسية يتم اختيار ال




.. صور مباشرة من المسيرة التركية فوق موقع سقوط مروحية #الرئيس_ا


.. لمحة عن حياة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي




.. بالخريطة.. تعرف على طبيعة المنطقة الجغرافية التي سقطت فيها ط