الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عن فتح وحماس

جبريل محمد

2007 / 11 / 15
القضية الفلسطينية


ليس ما جرى في ميدان الكتيبة بغزة جرحا في الكف حتى لو كان غائرا، بل جريمة يندى لها جبين كل من يحترم عقله وانتماءه لهذا الشعب ولهذه الامة، ما جرى كان عدوان على حق انساني قبل ان يكون حقا سياسيا، وبغض النظر عن كل التصريحات التي تحاول لي عنق الحقائق وتقديم التصريحات كفتاوي جاهزة ومعدة سلفا، وبغض النظر عن محاولة بعض الفضائيات تجريم الضحية لانها رفعت صوتها واحتجت.
الاصل ان يربط الثور الهائج لا ان تحبس الناس وتمنع من الحركة، لان ثورا هائجا يجوس الشوارع ويتطح بقرنه القاتل كل من يلاقيه. والاصل هي الحرية فهي من تراث عمر الذي قال "متى استعبدتم الناس وقد ولتهم امهاتهم احرارا".
من حق كل فرد مهما كان دينه او معتقده او جنسه او حزبه ان يعبر عن رأيه وبالوسائل الحضارية المشروعة، وما دام من حقه ذلك فمن حق القانون والحكم ان يحمي هذا الحق ويفر البيئة المناسبة لممارسته، هذه هي الديمقراطية وليست مجرد كومة اوراق في صندوق اقتراع تتحول الى ارقام. وبهذا فان من حق كل جماعة مشروعة ان تعبر عن موقفها وبنفس السبل ومن واجب الحكم ان يوفر البيئة الملائمة لذلك. فكيف اذا كان الاجتماع هو تذكر لشخصية تاريخية قادت الشعب الفلسطيني عقودا، طالما كان مخل اختلاف لكنه لم يكن ابدا محل تخوين، وكانت محصلة قيادته ايجابية جعلته رمزا وطنيا وقوميا وانسانيا اختلفنا معه او اتفقنا.
هل كان يجب ان تعمد ذكرى الراحل بالدم ومن قبل من ؟ اخوة في السلاح، واخوة في القيد، واخوة تحت نير الحصار والاحتلال؟ هل صدق بعضهم نفسه انه يحكم فاستطاب له الحكم؟
لقد اجرمت حماس، بحق شعب لا بحق فتح وحدها، حين استسهلت الضغط على الزناد وقتل وجرح مواطنين عبروا عن رأيهم سلميا، ولا يعذر لها ان صدرها بات ضيقا حرجا من الوضع الذي اوجدت نفسها فيه، فقديما قيل " يداك اوكتا وفوك نفخ".
حماس الان تتمركز حول ذاتها ولا ترى حتى ظلها، قتلتها النرجسية السياسية، وضيق الافق، وبالتالي فهي تمشي خبط عشواء، باتت ثورا هائجا لا لجام ولا قيد على تصرفاته، واصبحت كالفيل الذي دخل الى مصنع للفخار.
حين تسوق حماس المبررات لفعلتها القاتلة، تظهر سطحية وممجوجة وتذكر بالخطاب الامني الرسمي العربي الذي تعتبر السلطة الفلسطينية ايضا نسخة عنه، وبالتالي فهي لم تأت بجديد ولم تف بعودها، لانها وعود متناقضة مع طبيعتها، او انها وعود ديماغوجية، فما معنى الرد بالنار على من قذفوا الحجارة؟ وما معنى التذرع بوجود مسلحين في الاجتماع؟ اليست كتائب القسام حرة الحركة لا بل وتمارس القمع؟
حين كنا نحتج على السياسة الاسرائيلية والاستخدام المفرط لاطلاق النار، كان الاسرائيليون يردون ان هناك تعليمات تحدد للجندى متى يضغط على الزناد ومتى يحجم عن ذلك، وكنا نقول انها تعليمات بالقتل المقنن، فهل كان افراد شرطة داخلية الحكومة المقالة يحملون مثل هذه التعليمات ام ان الامر ترك وفق تقدير ومزاج حامل آلة الموت؟
هي اعذار اقبح من ذنوب، فتح استفزت حماس وحكومتها في غزة واستفزت شرطتها، وهل تأخذ الحكومات والدول قراراتها تحت ضغط الاستفزاز؟ وهل اقامة تجمع ليس لاجل ذكرى القائد الراحل بل لاجل الاحتجاج على ممارسات الحكومة المقالة وشرطتها وسدنة المعبد المقدس لحماس جريمة ؟ وهل مسموح لحماس ان تخرج الالاف في مسارات البيعة والتأييد وممنوع على غيرها؟ هل هذه هي الديمقراطية؟ ام ان الديمقراطية هي تقية تستخدم كربطة العنق لغايات العلاقات العامة؟
اما فتح والسلطة الممثلة بالرئاسة، وهنا لا احاول ان اتخذ موقفا وسطا، بل اقدم نقدا لهما معا يبدأ بالسؤال متى تنفض فتح الغبار عن بنيتها، ويجري فطامها عن مؤسسات السلطة ويصبح لها كيانها الخاص المستقل؟ متى تعلن ان عهد الاركان الى الرصيد التاريخي ومؤسسات السلطة قد ولى وان عليها ان تعيد شخذ سكة محراثها وتعيد شق تربة الجماهير ببذار جديد؟ والا ضاعت ضيعة اليسار الذي اتكأ على تاريخ، فتجاوزته الاحداث ليفقد الحاضر ويضيع آفاق المستقبل.
فتح يجب ات تراقب السلطة حتى لو كانت من صلبها، ويجب ان تتقدم للجماهير بما يقتعها، وهو امرا لا زال امنية، في ظل تفتتها وتفككها وغياب الرأس القيادي الموحد الذي يقدر على جمع خيوطها في عقدة واحدة.
فتح ترهلت لانها سمحت للفساد ان ينخر عودها، ورضيت بمظاهر السلطة بدل التفاف الجماهير.
اما السلطة فيجب ان تعي حجمها ودورها سواء كانت بيد فتح او بيد حماس، يجب ان تعي هذه السلطة انها لا تستطيع التحرك دون اذن من الاحتلال، واتها لا تلوي على قرار حقيقي تستطيع به اقناع الشعب بأنها تسير نحو دولة. على هذه الارضية مطلوب منها ان لا تعبء سلال الجموهور بالوهم الذي يتسرب كالرمل بين الاصابع، ولا ان تجد في ممارسات حماس ذريعة لمزيد من الخضوع لاملاءات الاسرائيليين والامريكان، واذا كان ثمن عدم الخضوع هو التخلي عن السلطة، فذلك حمل ثقيل ينزاح عن كاهل شعبنا ويضع المحتل امام تحديات هو في غنى عنها.
ان فتح مطالبة بتصحيح مسار السلطة، ومطالبة ايضا باستعادة عافيتها، كما هي مطالبة بالتخلص من كثير من الادران التي علقت في جسدها، اما حماس فقد كشفت عن وجهها، وهي ليست سوى اعادة مشوهة لتجربة بدأتها فتح التي نطالبها بالاقلاع عنها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بهجمات متبادلة.. تضرر مصفاة نفط روسية ومنشآت طاقة أوكرانية|


.. الأردن يجدد رفضه محاولات الزج به في الصراع بين إسرائيل وإيرا




.. كيف يعيش ربع سكان -الشرق الأوسط- تحت سيطرة المليشيات المسلحة


.. “قتل في بث مباشر-.. جريمة صادمة لطفل تُثير الجدل والخوف في م




.. تأجيل زيارة أردوغان إلى واشنطن.. ما الأسباب الفعلية لهذه الخ