الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مفارقات تركية

محمد سيد رصاص

2007 / 11 / 14
كتابات ساخرة


يجد رجب طيب أردوغان نفسه في موقع لايوجد فيه الإسلاميون العرب الآن من حيث العلاقة مع الغربين الأميركي والأوروبي،فيما يقع حكام تركيا التقليديون،أي الأتاتوركيون العلمانيون في الجيش والأحزاب والإدارة،في مكان هو مختلف حالياً عن مكان معظم الحكام العرب في خريطة العلاقات الدولية.
بدأ هذا المشهد المفارق،على صعيد العالم الإسلامي،منذ اليوم الأول من شهر آذار2003،عندما أجرى البرلمان التركي تصويتاً على اقتراح قدمته حكومة(حزب العدالة والتنمية)للسماح للجيش الأميركي باستخدام الحدود التركية لفتح جبهة شمالية قبيل ثلاثة أسابيع من عملية غزو العراق،حيث تمرد أكثر من نصف أعضاء كتلة الحزب على زعيمهم أردوغان وضموا أصواتهم إلى برلمانيي (حزب الشعب الجمهوري)الأتاتوركي،المدعوم من المؤسسة العسكرية،ليشكلوا أكثرية رفضت الإقتراح.
منذ ذلك الحين،كان السيد أردوغان،في مواضيع(قبرص)و(الجماعة الأوروبية)و(العراق)و(الأكراد)و(اصلاح الداخل التركي)،أقرب إلى واشنطن والأوروبيين من الأتاتوركيين المدنيين والعسكريين،الذين يجدون أنفسهم الآن أقرب إلى مواقع الرئيس الروسي في المواضيع الدولية والنظرة للغرب،بعد أن كانوا من أشد المتحمسين الأتراك للتحالف مع الغرب ضد موسكو في فترة الحرب الباردة.
يمكن تفسير هذه المفارقات التركية جزئياً بتبدلات عالم مابعد الحرب الباردة،أوبالتناقضات التي وجدت أغلب الدول الإقليمية نفسها فيها مع واشنطن بعد أن أتت الأخيرة بقواتها إلى قلب منطقة الشرق الأوسط- أي بغداد - وأصبح لها نظرة أخرى للمنطقة ولأدوار دولها الإقليمية،لنجد في هذا المجال تناقض نظرة الأتاتوركيين إلى دور أنقرة مع النظرة الموجودة في واشنطن،إضافة للصدام غير المعلن بينهما- ولكن الواضح – في الموضوعين القبرصي والكردي.
حيث يجب البحث في هذا المجال ، لتفسير هذه المفارقات التركية،عن الجذور الإجتماعية التي تدفع حزباً،مثل(العدالة والتنمية)،نحو هذا الموقع ليقدم نظرات مختلفة،غير تقليدية تركياً وأيضاً على صعيد الإسلاميين،إلى الداخل التركي وللمحيط الإقليمي وللعالم: عبَرحزب السيد أردوغان عن مصالح فئتي رجال الأعمال والصناعيين اللتان اغتنتا ونشأتا مع الطفرة الاقتصادية التي قادها رئيس الوزراء(ثم رئيس الجمهورية)تورغوت أوزال بين عامي1987و1993،وعن الطبقة الوسطى التي نمت كثيراً في المدن الوسطى و الصغرى- وخاصة في منطقة الأناضول - منذ تلك الطفرة،وقد أتت تلك الفئتين ومعظم الطبقة الوسطى الجديدة من أوساط متدينة تقليدية،بخلاف البرجوازية التركية القديمة في مدن استانبول وإزمير وأنقرة التي وجدت نفسها منذ العشرينيات في حالة تطابق مع نزعة الأَوربة الأتاتوركية العلمانية .
هؤلاء يجدون مصالحهم الآن في الدخول للإتحاد الأوروبي والإلتزام بمعاييره تركياً،ويرون أنفسهم في حالة تقارب مع النظرة الأميركية للإقليم والعالم ويرون مصلحة في الإنسجام معها،وهم يجمعون عبر ذلك بين (اسلامية معتدلة)وبين نزعات للإنفتاح على(الغرب)وللإندماج في (العولمة)،تقتصر على مجالات الإقتصاد والتقنية والعلوم،من دون أن يصل هذا إلى نزعات ايديولوجية غربية أوأنماط العيش والزي الغربيين،كالتي كانت عند الأتاتوركيين.
قاد هذا لأن يشكِل (حزب العدالة والتنمية)تمرداً على مواقع البرجوازية القديمة المتمركزة في المدن الثلاث الكبرى،التي كانت أتاتوركية الهوى ونمط الحياة- ومازالت -،لصالح المدن الصغرى والوسطى،في الأناضول وسواحل البحر الأسود،ليترافق معه الصدام- إضافة لمواضيع الإصطدام في القضايا الإقليمية والدولية وفي موضوع أكراد تركيا - في مسائل(الحجاب)والممنوعات الأتاتوركية المتعددة المفروضة على المجتمع التركي منذ العشرينيات.كما قاد ذلك حزب أردوغان نحو تشكيل قاعدة قوة كبيرة في الوسط الكردي الاجتماعي،لتقفزأصواته هناك من 30 % في انتخابات عام2002إلى 50 % من المقترعين الأكراد في انتخابات تموز الماضي.
هل حذر وتردد رئيس الوزراء التركي من اجتياح شمال العراق هما ناتجان عن حسابات بأن اجتماع تصلب وتصعيد حزب العمال الكردستاني مع لهفة الأتاتوركيين،في المؤسسة العسكرية وفي الأحزاب،لضرب الأكراد،ستؤدي – إن حصل ذلك- إلى تقويض المشهد التركي الجديد لصالح الأتاتوركيين والأوجلانيين،وإلى نسف الجسور المقامة من قبل أردوغان مع الأميركان والأوروبيين؟..................
================================================









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قضية دفع ترامب أموالا لممثلة أفلام إباحية: تأجيل الحكم حتى 1


.. بايدن عن أدائه في المناظرة: كدت أغفو على المسرح بسبب السفر




.. فيلم ولاد رزق 3 يحقق أعلى إيرادات في تاريخ السينما المصرية


.. مصدر مطلع لإكسترا نيوز: محمد جبران وزيرا للعمل وأحمد هنو وزي




.. حمزة نمرة: أعشق الموسيقى الأمازيغية ومتشوق للمشاركة بمهرجان