الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أبواب القصر

أسامة صفار

2007 / 11 / 17
الادب والفن


نقلوه إلى القصر طفلاً ، اندهش في البداية من ايقاع الزمن المتسارع فهو يكبر في الشهر كما يكبر الطفل العادي في عام كامل وتظهر آثار الزمن على القصر وحديقته التي تذبل أشجارها ويبدو وردها كما لو كانت الشمس تحرقه.
شئ واحد لفت نظره طول الوقت إنه عدد الأبواب الهائل الذي يحتويه القصر , لكن مرور الزمن كان يعني اغلاق باب كل فترة وهكذا يتقدم به العمر فتغلق الأبواب ويقترب من حالة الإقامة في قصر ، إلى الإقامة في سجن.
الطفل الذي كان أصبح يشبه الكهل بعد أن بقي باب واحد في القصر الفسيح يتحرك خلاله ليلبي احتياجاته البيولوجية وزاد وزنه وأصيب بما يشبه العته فهو لا يفعل شيئا تقريبا سوى انتظار النهاية التي جاءت سريعة – مثل إيقاع الزمن- وأغلق الباب الأخير.
وتساءل لأول مرة لماذا أغلقت كل الأبواب دون أن يحاول منعها ! تساءل ثانية من الذي أغلق الأبواب، من أحرق الزهور ومن قام بتحويل الأشجار إلى خشب للفحم؟!
تساءل الطفل الذي صار كهلا عن أعدائه الذين اغتالوا روحه وجسده وأمله في الحياة ، لكنه في غياهب الأسئلة راح يبحث عن سبيل للهروب ، استخدم التليفون والموبايل والإنترنت فقطعوا الإتصالات كلها وصادروها ، بقي مقطوعا تماما إلا من خيال وروح تسرب إليها الإكتئاب ، كان قد تلقى عرضا عبر الانترنت للهروب من القصر الذي بدأت حوائطه تتهدم ببطء لكن بإيقاع منتظم ونشأ صراعه الخاص في داخله هل يهرب من القصر الذي طالما عاش فيه عمره وشعر أنه جزء منه ؟
هل يبحث عن بيت بديل ؟
كيف يجد ذكرياته التي هي عمره في بيت آخر؟
قرر الهروب ..انسلخ من جسده وصعد من خلال سقف القصر العالي بروحه باحثا عن قصر بلا أبواب مغلقة ، اقتنع أن العراء والتحاف السماء أفضل من ملاين القصور ذات الأبواب الحديدية المغلقة والحراس الرابضين خلفها.
دارت روحه في القارات الست، وجد ما بحث عنه وأكثر لكن شيئا واحدا كان ينقصه دائماً إنها تلك الذكريات التي تعني عمره وتجسد له سنواته التي طالما سعد خلالها وبكي وفرح ومارس نزقه الخاص واحتفظ منها بأجمل ما فيها ، لم يجد ما يمنحه ماضيه وإن عرض عليه مستقبل زاهر.
بكي للمرة الأخيرة وقرر بعدها ألا يبكي أبدا ، عادت روحه إلى الجسد النائم في القصر المغلق ، اتحدت معه وبحث عن أشياء يكسر بها الأبواب المغلقة ، لم يجد سوى قلم وهكذا بدأ بالقلم يحفرفي حديد الأبواب وهو لا يعرف هل سينجح أم لا..؟
لكنها الإمكانية الوحيدة المتوافرة ولا يعرف كم سيستغرق، وهل يكفي العمر الباقي ليثقب باب القصر ويشبع شوقه لضوء الشمس ؟
وهل سحاول الحارس الرابض خلف الباب منعه من الحفر بالقلم؟
بقيت الأسئلة معلقة وظل يحفر بينما يدفعه غضبه من صمته طوال السنوات الماضية إلى السير قدما في الحفر حتى يصل إلى نتيجة ..
( النتيجة ليست هي الأهم ) هكذا قال
المهم شرف المحاولة
فالأبواب المغلقة واقع لكن الصمت عليه عار!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سكرين شوت | الترند الذي يسبب انقساماً في مصر: استخدام أصوات


.. الشاعر أحمد حسن راؤول:عمرو مصطفى هو سبب شهرتى.. منتظر أتعاو




.. الموزع الموسيقى أسامة الهندى: فخور بتعاونى مع الهضبة في 60 أ


.. الفنان محمد التاجى يتعرض لأزمة صحية ما القصة؟




.. موريتانيا.. جدل حول أنماط جديدة من الغناء والموسيقى في البلا