الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ياسر عبد ربة من يمثل؟!

عامر راشد

2007 / 11 / 15
القضية الفلسطينية


كشفت صحيفة معاريف في الخامس من الشهر الجاري عن صفقة جديدة بن ياسر عبد ربة ويوسي بيلين، تحت مسمى وثيقة جنيف 2، واعترف بذلك صراحة بيلين في مقابلة مع التلفزيون الإسرائيلي مباشر 7/11/2007 نشرة السابعة المسائية الرئيسية، وحسب ما نشر تشكل الوثيقة الجديدة امتداداً لوثيقة البحر الميت ـ جنيف سيئة الصيت، التي وقع عليها من جانب السلطة الفلسطينية ياسر عبد ربة ومن الجانب الإسرائيلي يوسي بيلين في 11/10/2003، وتم إشهارها في 1/12/2003 مشمولة برعاية رئيس السلطة ومنظمة التحرير الراحل ياسر عرفات، وأقر فيها عبد ربة والفريق الذي يمثله (ولا نقول يمثل منظمة التحرير الفلسطينية ولا لجنتها التنفيذية) أن حدود الرابع من حزيران 1967 لم تعد ضمن مطالب السلطة الفلسطينية كحدود بين دولتي (إسرائيل) وفلسطين، بل فقط كأساس لهذه الحدود خاضعة للتعديلات حسب اتفاق الطرفين (تبادل أراضي)، واشتملت الاتفاقية على نص متراخ لا يلزم (إسرائيل) بسقوف زمنية لتفكيك مستوطناتها في الضفة الفلسطينية، ونص يقبل بسيادة فلسطينية ناقصة وربط ذلك بتلبية الإدعاءات الأمنية الإسرائيلية، وتجاهلت الوثيقة بشكل تام قضية اللاجئين الفلسطينيين، وتخلت عن غالبية أراضي القدس المحتلة في العام 1967 المقامة عليها المستوطنات الإسرائيلية ومرافقها الخدمية والمناطق الخضراء المحيطة بها (مناطق حراجية طبيعية)، وتنازلت عن السيادة الفلسطينية على الحرم القدسي ومحيطه بإقرار أحقية اليهود بالحائط الشرقي للمسجد الأقصى، الذي يطلق عليه الصهاينة اسم (حائط المبكى) المستمد من الميثيولوجيا التوراتية الملفقة. والفارق الخطير بين وثيقة البحر الميت ـ جنيف (مسودة اتفاقية الوضع الدائم) وبين وثيقة جنيف2 (اتفاق أساس للقاء أنابولس) الموقعة أيضاً من قبل عبد ربة وبلين وبمشاركة ممثل عن سلام فياض، أن الوثيقة الثانية تشكل نقلة نوعية تحول التفاهمات (راجع تنازلات عبد ربة ـ معاريف 5/11/2007) من مجرد مسودة أفكار وبوالين اختبار على الصعيدين الرسمي والشعبي، إلى إعلان نوايا وسقوف تفاوضية مقدمة من الجانب الفلسطيني كأرضية للقاء أنابوليس يلتزم بها الفريق المفاوض عن رئاسة السلطة الفلسطينية، ويعلن فيها استعداده منذ اليوم الأول لبدء العملية التفاوضية بين الفلسطينيين والإسرائيليين التي سيطلقها أنابوليس التخلي عن تطبيق القرار الدولي 194 الخاص بعودة اللاجئين الفلسطينيين، والذي يُحمل (إسرائيل) مسؤولية المأساة التي لحقت بهم. كما يلتزم الفريق الفلسطيني المفاوض بالعمل على إعادة تكييف حق العودة لينصرف إلى حق عودة مشروط للدولة الفلسطينية الموعودة، وتوطين من يرفضون العودة على هذا الأساس في الدول المضيفة لهم، وحيث لا يمكن توطينهم في أماكن إقامتهم الحالية ( لبنان والعراق على وجه التحديد) توضع آلية دولية لإعادة توطينهم في أوطان بديلة، وتستثنى (إسرائيل) من ذلك، حيث سيترك لها تحديد العدد الذي تراه مناسباً في إطار التسوية الدائمة على أساس إنساني (جمع شمل للعائلات). وأيضاً يلتزم الفريق الفلسطيني المفاوض القبول بتقسيم السيادة على القدس (ما تبقى من الأحياء العربية تعود للسيادة الفلسطينية، وباقي الأحياء تبقى تحت (السيادة الإسرائيلية)، وتقسيم الإشراف على الأماكن المقدسة حسب الديانات التي تتبع لها هذه الأماكن، وإقرار تبادل الأراضي بنسبة واحد إلى واحد دون شرط القيمة. ولا تشير الوثيقة من قريب أو بعيد إلى جداران الضم والفصل العنصرية التي تسرق أكثر مساحات واسعة من أراضي الضفة الفلسطينية. (لاحظ هنا نسبة التقاطع الكبيرة بين اتفاق المبادئ ببنوده الثمانية بين أولمرت وعباس، الذي أعلنت عنه مصادر إسرائيلية قبل شهر وأعادت التأكيد عليه رغم نفي رئاسة السلطة الفلسطينية).
بعد ما سبق يحق لنا أن نسأل ياسر باسم من ينطق ياسرعبد ربة، وباسم من يفاوض ويعقد الصفقات المشبوهة، ومن هي مرجعيته السياسية، وإلى أين يريد وأمثاله الوصول؟!. ما يريده ياسر عبد ربة والفريق الذي يمثل واضح وضوح عين الشمس، فالوثيقة ـ الصفقة بين عبد ربة وبيلين (اتفاق جنيف2)، وأداء محمود عباس في لقاءاته مع أولمرت ورايس، وسياق مفاوضات أحمد قريع مع ليفني، تكرار لمسلسل الأخطاء القاتلة التي ارتكبتها القيادة المتنفذة في منظمة التحرير ورئاسة السلطة الفلسطينية منذ انطلاق العملية السياسية والتفاوضية في مدريد 1991وإنشاء السلطة الفلسطينية 1994، حيث لم يتوقف سيل تنازلات القيادة المتنفذة في منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية أمام الضغوط الإسرائيلية والأمريكية، وبالمقابل استمرت وتصاعدت سياسة (عصر الليمونة) التي مارسها المفاوضون الإسرائيليون على المفاوضين الفلسطينيين بتواطؤ من (الراعي الأمريكي)، حتى استنفذ المفاوضون الفلسطينيون كل أوراقهم. فوثيقة جنيف2 مسنودة بتصريحات عباس تنطلق من "النقطة ـ الاستعصاء" التي انتهت إليها العملية التفاوضية المنهارة، تحت ضغط الشروط المسبقة الإسرائيلية المفروضة على الفلسطينيين دون أية التزامات إسرائيلية مقابلة، وتضع العملية السياسية تحت سقف تفاوضي جديد هابط عن الذي سبقه، فحسب معاريف إن أحمد قريع "أبو العلاء" رئيس الوفد المفاوض عن رئاسة السلطة الفلسطينية على دراية تامة بتفاصيل الصفقة بين عبد ربة وبيلين، وما شملت من تنازلات مفصلية عن حقوق أساسية للشعب الفلسطيني، وموافق عليها تماماً، وهذا يعكس توافقاً مجمعاً عليه بين محمود عباس ورجالاته الذين قادوا الرحلة الأوسلوية (أو ولدوا من رحمها من أمثال سلام فياض) وخاضوا غمار مسارها الهابط والمتعرج حتى تجرعوا كأس فشلها مرغمين في كامب ديفيد2 تموز 2000. وإذا ما ربطنا وثيقة جنيف2 مع إعلان محمود عباس بعد لقائه الأخير مع رايس عن موافقته العودة إلى خطة خارطة الطريق (خطة الرباعية الدولية) لتطبيق المرحلة الأولى منها (الالتزامات والإجراءات الأمنية المطلوبة من الجانب الفلسطيني) بالتزاوج مع خطة الجنرال دايتون لإعادة بناء الأجهزة الأمنية لرئاسة السلطة الفلسطينية، ترتسم لنا صورة قاتمة للقادم الذي ينتظر الفلسطينيين من تناحر قد يصل إلى فصل اقتتال أكثر دموية ستمتد نيرانه إلى مدن وقرى ومخيمات الضفة الفلسطينية، رأينا أحد مؤشراته في الاشتباكات التي جرت في مدينة نابلس بين عناصر من أجهزة أمن رئاسة السلطة الفلسطينيين ومقاتلين في أجنحة المقاومة المسلحة، فتلبية شروط المرحلة الأولى من خطة خارطة الطريق بالمزاوجة مع خطة دايتون هي وصفة للاقتتال الداخلي، ولحرب أهلية فلسطينية تنهي القضية الوطنية الفلسطينية.
إن عدم وضع حد لياسر عبد ربة وأمثاله الذين يتلاعبون بالحقوق الوطنية الفلسطينية، ويحاولون استغلال واقع الحال الفلسطيني على ما فيه من انقسام وتناحر، لتمرير تنازلات للأمريكيين والإسرائيليين، يحمل مخاطر كبرى على القضية الوطنية الفلسطينية، ويهدد تضحيات الانتفاضة الثانية بالضياع ، كما ضيعت في متاهات أوسلو تضحيات الانتفاضة الأولى. لقد آن الأوان أن يرحل عبد ربة وسجله الأسود الذي لا يُشَرف أي فلسطيني، وهذا يتطلب الإسراع في إعادة بناء مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية على أسس ديمقراطية انتخابية، حتى لا يبقى أمثال ياسر عبد ربة يدعون زوراً وبهتاناً تمثيل الشعب الفلسطيني، بعد أن حولوا مؤسسات منظمة التحرير إلى مرتع لفسادهم وإفسادهم السياسي والمالي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مقتل عشرات المدنيين الفلسطينيين في غارات جوية إسرائيلية على


.. رويترز: مقتدى الصدر يمهد لعودة كبيرة من باب الانتخابات البرل




.. مؤتمر صحفي لوزيري خارجية مصر وسلوفينيا| #عاجل


.. انطلاق فعاليات تمرين الأسد المتأهب في الأردن بمشاركة 33 دولة




.. اليوم التالي للحرب في غزة.. خطة إسرائيلية وانتقادات لنتنياهو