الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تداخل البؤر الثلاث

محمد سيد رصاص

2007 / 11 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


اشتعلت البؤرة الفلسطينية في يوم 29أيلول2000عبر(انتفاضة الأقصى)مع وصول عقد كامل من مسار(التسوية)إلى الطريق المسدود قبل شهرين من ذلك في مؤتمر(كامب دافيد)بين عرفات وباراك وكلينتون،فيماانفجرت البؤرة العراقية بعد سقوط بغداد بيد واشنطن في 9نيسان2003،ثم انفجرت البؤرة اللبنانية مع(القرار1559)-2أيلول2004-الذي أتى ليحول لبنان إلى ساحة لتصفية حسابات واشنطن مع دمشق على خلفية تناقض الأخيرة معها بشأن الملف العراقي وماتولد عن ذلك من انفجار البنية اللبنانية الداخلية وتوزعها ضمن المدارين(+ طهران التي دخلت منذ استئناف برنامج التخصيب النووي الايراني بشهر آب2005في مواجهة مفتوحة مع واشنطن على مساحة المنطقة الممتدة من أفغانستان وحتى شرق المتوسط)خلال العامين والنصف الماضية.
كان انفجار الانتفاضة الفلسطينية ناتجاً عن قرار ذاتي فلسطيني ظنَ أن بإمكانه تعديل موازين القوى لإجبار الاسرائيلي على تنازلات أكبر من التي قدمت في(كامب دافيد)،ليصطدم الفلسطيني بعد ذلك باتجاه اسرائيلي عام أصعد شارون للسلطة بعد أشهر من ذلك من أجل طوي صفحات رابين وبيريز ولخلق حقائق جديدة على الأرض بعيداً عن( التسوية)،وهو ماتلاقى مع اتجاه أميركي جديد تبلور إثر(11أيلول)أراد"إعادة صياغة المنطقة"عبر البوابة العراقية بدلاً من التفكير القديم لبوش الأب(ثم كلينتون)الذي رأى في(التسوية)منذ مؤتمر مدريد مدخلاً لتحقيق ترتيبات أمنية-اقتصادية-سياسية(وربما ثقافية)تكون أرضية"ملائمة" للمصالح الأميركية في المنطقة عبر النظم والأوضاع القائمة.كان هذا مدخلاً إلى الاشتعال العراقي،الذي انفجرت مكوناته الذاتية بعد الإطاحة بالديكتاتور،الذي بدوره لم يكن أكثر من لاصق إداري عنيف لتلك المكونات في وحدة صورية.بينما رأينا كيف حاولت واشنطن حلحلة تعثراتها في بلاد الرافدين عبر الضغط على دمشق من خلال بلاد الأرز،ماأدى إلى الإنفجار اللبناني،فيما كان التوافق الأميركي-السوري،كماظهر في عام1976أوفي عامي1989و1990،مدخلاً إلى مراحل من السلام اللبناني بعد حرائق سابقة لتلك التواريخ.
كان انفتاح البؤر المشتعلة على انقسامات بنيوية داخلية،في الحيز الجغرافي المعني،مجالاً للقوى المتصارعة في المنطقة من أجل الإمساك بأوراق في ذلك الحيز من أجل استخدامها في الصراع القائم بالمنطقة،الذي تبلورت الملامح الكبرى لاصطفافاته عبر لوحة وقف فيها(الدولي)،ممثلاً في الولايات المتحدة ومن ورائها الغرب الأوروبي وخاصة بعد(القرار1559)،ضد(الاقليمي)،الذي كان ممثلاً أولاً في دمشق قبل أن يتوسع نطاق(الاقليمي)بعد انفضاض التلاقيات الايرانية-الأميركية ضد عراق صدام حسين منذ صيف2005،فيما تلاقت قوى اقليمية مع(الدولي)وخاصة عبر اللوحة التي تبلورت بعد حرب12تموزونتائجها ،لماوقفت السعودية ومصر ودول الخليج-ماعد قطر-في اصطفافات واشنطن ضد محور(دمشق- طهران).
ظهر ذلك أولاً في العراق ،لماتحولت دمشق إلى لاعب مهم هناك،ثم طهران التي ربما فازت بالجائزة الكبرى ببلاد الرافدين عبر النتائج الموضوعية لقلب الأميركان لمشهد عراق1921،وهو ماظهرت مفاعيله بوضوح كبير أولاً في مرحلة التوافق الأميركي-الايراني خلال السنتين الأوليتين للإحتلال ثم بعد اتجاه طهران للصدام مع واشنطن منذ آب2005مع استئناف برنامج التخصيب النووي الإيراني،وهو ما كان ممكناً لولا المكاسب الايرانية المتحققة عبر نتائج الغزوين الأميركييين لأفغانستان والعراق ،حيث امتلكت طهران من خلال نتائجهما الديناميات لمحاولة فرض الدور الاقليمي الايراني الرئيسي بالمنطقة على(القطب الواحد)في لحظة ضعف وتعثر هذا الأخير في بلاد الرافدين وأرض الأفغان.ثم بان هذا في لبنان لما تشظى في اصطفافين قبيل الانسحاب السوري،عبر يومي(8آذار2005)و(14آذار2005)،لتظل مفاعيل هذا التشظي قائمة خلال التاريخ اللاحق حتى أيامنا هذه،حيث تداخل (الداخلي)اللبناني،عند المعسكرين،مع عملية التصارع القائمة بين(الدولي)و(الاقليمي) في الشرق الأوسط،ليصبح لبنان منذ ذلك ساحة رئيسية لمجابهاتهما،بعد أن تداخلت انقساماته الداخلية بتصارع المعسكرين وتبنينت به.الشيء الذي حصل أيضاً في فلسطين لاحقاً بعد أن تحولت إلى حكم الرأسين منذ انتخابات كانون ثاني2006 حتى انقسام غزة عن الضفة في يوم14حزيران2007،الذي لايمكن عزله عن صراعات الحيز الجغرافي الممتد بين كابول وشرق المتوسط وخاصة بعد اختلال اللوحة الاقليمية لصالح(الاقليمي)ضد(الدولي)عبر نتائج حرب12تموز واستمرار التعثر الأميركي في العراق الذي قارب حدود الفشل.
ظهر التداخل بين البؤر الثلاث،أولاً من خلال تفجر البؤرة اللبنانية،التي،رغم كل الصواعق الداخلية،ماكان من الممكن تفجرها لولا محاولة واشنطن تدفيع دمشق ثمن سياستها العراقية في بيروت.ثم بان أكثر في حرب 12تموز لما حاولت واشنطن،من خلال مسار الحرب التي وصفتها الوزيرة رايس بأنها"آلام مخاض لولادة شرق أوسط جديد"،تعديل اللوحة الشرق أوسطية المختلة لغير صالحها عبر تلك"القابلة القانونية الجديدة"بعكس ماحاولته واشنطن لماتولت الأمور بنفسها عبر غزو العراق واحتلاله وماتبعه من"مشروع الشرق الأوسط الكبير"-13شباط2004-الذي كان برنامجاً للأميركي الآتي للمنطقة"لإعادةصياغتها"،ولمابانت نتائج تلك الحرب على غير ذلك ازداد الإختلال في الموازين الاقليمية رجحاناً لصالح(الاقليمي)على حساب(الدولي)،لينعكس ذلك أولاً في لبنان من خلال ازدياد ضغط فريق 8آذار لتعديل الموازين الداخلية القائمة على ضوء نتائج تلك الحرب،ثم في العراق حيث أصبح ظهر الأميركان إلى الحائط ،وبعد ذلك في فلسطين حيث لم يمنع (اتفاق مكة)في شباط الماضي ترجمة ذلك بل ساهم فقط في تأجيله عدة أشهر حتى حصول ماحصل في غزة،حيث كان مافعلته حركة حماس هناك بمنتصف حزيران الماضي مؤدياً بشكل عملي،ولايعرف بعد إن كان ذلك مقصوداً من قبلها أم لا،إلى تفشيل التفكير الأميركي الجديد،الذي ظهر بوضوح خلال النصف الأول من عام2007، الهادف إلى انعاش عملية(التسوية)في ظل مناخ أرادت من خلاله تبريد شرق المتوسط في ظل مجابهتها الكبرى مع ايران واحتمالات توجيه ضربة أميركية لها وهو الهدف المحوري من (مؤتمر أنابوليس)،بعد أن ساهم اشعاله خلال ثلاثة و ثلاثين يوماً من صيف2006في اختلال الموازين أكثر لغير صالح واشنطن في المنطقة.كماأدت عملية غزة إلى تقوية(الاقليمي)أكثر ضد(الدولي)،وإلى اضعاف صف(الرياض-القاهرة)،ودول الخليج،التي كان يراد حشدها في اصطفافات(الدولي)بمواجهة(الاقليمي).
----------------------------------------------------------------------------








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أحداث قيصري-.. أزمة داخلية ومؤامرة خارجية؟ | المسائية-


.. السودانيون بحاجة ماسة للمساعدات بأنواعها المختلفة




.. كأس أمم أوروبا: تركيا وهولندا إلى ربع النهائي بعد فوزهما على


.. نيويورك تايمز: جنرالات في إسرائيل يريدون وقف إطلاق النار في




.. البحرين - إيران: تقارب أم كسر مؤقت للقطيعة؟ • فرانس 24 / FRA