الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من هم الطامعون ،أصحاب الفتاوي في الأزهر أم البؤساء المصريين الغارقين في البحار

طه معروف

2007 / 11 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


بعيدا عن منطق العقل والفكر الإنساني السليم ،صف أحد أئمة الأزهر عبر فتوى خبيثة مجموعة من العمال المصريين ،العاطلين عن العمل، الذين ضحوا بحياتهم في أعماق البحارمن أجل حياة أفضل "بالطامعين" وليسوا "شهداء"، لأن هؤلاء لم يعد في وسعهم أن يتحملوا مزيداًمن المعاناة و الحياة البائسة التي فرضت عليهم النظام الطبقي الرأسمالي المصري. أي أن ضحايا هذه الكارثة المؤلمة، وفقا لفتوى أحد شيوخ الأزهر ، ليسوا "شهيدا" وغير المرشحين كالإنتحاريين لدخول الجنة، لإنهم لم يرتكبوا مثلما ارتكبت الإنتحاريين جرائمهم في القتل والمذابح في مساطر العمال في بغداد أو في ساحة الجامعات والمدارس العراقية أو في منتجعات سياحية مصرية. و سيعاقبون أشد العقاب أيضا، بسبب رفضهم العيش والخضوع مدى الحياة في ظل النظام الطبقي الرأسمالي المصري . وبناء عليه فلن يحصلوا في الدنيا الخرافية للمعممين الجهلاء أكثر مما كانوا حصلوا عليها في الدنياهم الواقعية .
رغم أن مصطلح الشهيد مصطلح ديني لا تمت للواقع بصلة ، إلا أن إستخدامها على هذا النحو بدون أدنى مراعات لعواطف الجماهير ولذوي العائلات التي فقدت اعزتها واحبتها ،دليل على طبيعة التعسفية والهمجية للمعممين الذين لايملكون من الإحساس والعواطف الإنسانية ذرة . حقا هؤلاء الشباب العاطلين، طامعين بالحياة، ولكن أطماعهم شرعية وعادلة لا يمس مصالح أحد ،أينما كانوا في الشتات، فإنهم يعيشون على عرق جبينهم كما كانوا في المصر. ولكن المعممين الجهلاء،أصحاب الفتوى، تكون في مقدمة الصفوف الطامعين الغير الشرعيين ، بوصفهم يشكلون مجموعة او فئة من المتطفلين والمستهلكين الغير منتجين في المجتمع، الذين يطمعون ويعيشون على عمل الغير و يقبضون رواتبهم بصورة منتظمة دون الإنقطاع ثمنا لنشاطهم الديني الهدام والمضر بالحياة الإنسانية وخصوصا حياة العمال والكادحين. الطماع الجشع على عمل الغير لتكديس الثروة (اي سرقة ثروة المجتمع) هي وراء تلك الفتوى وبقية النشاطات الدينية الأخرى في المجتمع. وشعارهم ،الإسلام هو الحل ،تكمن في حماية هذه الشروط الإقتصادية السياسية الطبقية التي تضمن حياتهم المادية.
ظاهرة النعوش الطائرة في الثمانينات التي كانت تحمل جثث عشرات القتلى من المصريين العاملين في العراق ،قد عجزت لمنع موجات الهجرة العمالية المصرية المستمرة إلى العراق، سعيا وراء لقمة العيش، فيا ترى هل يستطيع فقهاء الأزهر أن يقفوا محاولات العاطلين عن العمل للإفلات من جحيم النظام الرأسمالي المصري؟ يبدو أن دار الإفتاء المصرية أو لجنة فتوى بالأزهر، أخذ على عاتقه هذه الوظيفة الغير الإنسانية لمواجهة من يحاول أن يبحث عن حياة أفضل و تسعى من خلال إصدار فتاويه القذرة خداع الجماهير العمالية والعاطلين عن العمل ،لكي يقنعوا بالبؤس الرأسمالي "وألا يكفروا على التوزيع ألإلاهي العادل ، وأن يصبروا صبر أيوب" وألا يطمعوا بالحياة الأفضل، بل عليهم القبول بالعيش تحت خط الفقر ليصبحوا "شهداءا" ثمنا لقبولهم متاعب هذا العالم المقلوب الذي يحرسها هؤلاء الأئمة الجاهلين المتكاتفين مع بقية الأجهزة القمعية الأخرى لحماية النظام الطبقي الرأسمالي.
من جهة أخرى،فبدل المواجهة و الإدانة وفضح منطق الفتوى كظاهرة دينيةرجعية متخلفة ومنافية لروح العصروقوانينها المدنية ،نجد بعض الكتاب ،تمجدون ظاهرة الفتوى بطريقة وأخرى،حيث يلقون باللائمة على بعض من الفقهاء الذين لم يبحروا في الكتب الدينية الجاهلية بما هو كفاية !!!! وغالبا ما تشغلون أنفسهم بدراسة الكتب والأحاديث الدينية المختلفة كي تحصروا آرائهم لتلك الفتوى في الإطار الديني البحت . منهم، من يتهم بعض الفقهاء بغير المتخصصين مهنيا في شأن الفتوى والشريعة الإسلامية .ومنهم من ينتظرالرد من لجنة الفتوى بالأزهر لتحديد الموقف النهائي واكثر من ذلك يصفون شيوخ الأزهر( كأجهل الإنسان في المجتمع)، بالعالم والعلماء والمفكرين!!! رغم أن المعممين الجهلاء يعادون العلم والعلماء ويرفضونه بعقلية الجاهلية. إن تحديد هذا الأسلوب للتعامل مع الفتوى الدينية تساعد الإسلام السياسي ويشجع جهود أئمة الجهلاء، لتحل الفتوى محل القوانين الوضعية والمدنية . وهذا الأسلوب ليست أسلوبا نقديا وإنما محاولة لتجميل وجه الإسلام السياسي لإنقاذه من النقد الجذري البناء و محاولة ايضا لإغفال الجماهير من جوهر المشكلة في المسألة الفتوى ،ألا وهي فصل الدين عن الدولة.
يستنتج المرء من ذلك، أن هؤلاء الكتاب لايريدون فصل انفسهم عن المعسكر الديني للإسلام السياسي لدخول في المعركة الحقيقية بين المدنية والجاهلية الإسلامية.بين القوانين المدنية والهووس الديني للمعممين الجاهليين.بين العلمانية من جهة والإسلام السياسي من جهة أخرى.
وأخيرا فإن موقف جهلاء الأزهرمن الوضع المأساوي لمجموعة من العمال المصريين العاطلين عن العمل والغارقين في أعماق البحار من أجل حياة أفضل،تعبيرعن العداء السافر للفكر الإسلامي لكل القيم والأهداف الإنسانية كما انه دليل على الطبيعة الطبقية الإستغلالية لهذه الزمرة من المعممين الجهلاء الذين يبحثون في أجهل الكتب والمصادر الدينية للدفاع عن النظام الطبقي الرأسمالي، الذي هو مصدر البؤس والإستغلال والحرمان لغالبية العظمى من الجماهير .ومن هنا تكمن شعارهم :الإسلام هو الحل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماذا وراء تقارب السودان وروسيا؟


.. الاحتجاجات الداعمة لغزة: رئيسة جامعة كولومبيا تهدد بفصل طلاب




.. بلينكن: أمام حماس عرض -سخي- من قبل إسرائيل.. ماذا قال مصدر ل


.. الانتخابات الأميركية.. شعبية بايدن | #الظهيرة




.. ملك بريطانيا تشارلز يستأنف مهامه العامة | #عاجل