الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أنا وقلم التمرد!!!

يوسف هريمة

2007 / 11 / 21
الادب والفن


لا زالت ذكراها ترقص رقصات تحدي على مسرح واقع مظلم، ربما حرمها وغيرها طعم الحياة الكريمة. وما زالت كلماتها تتمايل أمام خيالي، وهي تريد أن تخفي حزنا بحجاب القسوة على الآخر، وبغلظة طفت على سطح البراءة، لتحوِّله إلى شبح ينطق بحجم أزمة نفسية، حوتها العبارات واشتملت عليها الكلمات. ما ساورني شك منذ اللحظة الأولى أن لغة القساوة، هي لغة مصطنعة بلسان الألم. كنت متأكدا أن قسوتها عليَّ ستتحول يوما إلى رحمة تنتشلني من أرض الفراغ الروحي الذي ملكني يوما، وما زال يملكني حين تعجز روحي عن التواصل معي، فتفارقني مصعرة خدها لإنسان عشق الحرية، وتاه في بيدائها عله يجد دليلا يصحبه إلى جنتها.
ترى ما هذه الرقصات غير المنسجمة مع إيقاعاتها؟
ما هذا الألم الممزوج بلغة التحدي؟
هل هي تجربتي أقرأها وألمسها مجسدة في من مددت إليها يدي، لنصعد سويا إلى ذلك المعراج؟
هل يمكن للقلم أن يتحول إلى عصا تجلد صاحبها وتهوي به في مكان سحيق؟
آه ثم آه. أسئلة تتتابع وأجوبة مفقودة تفقدني معها صبري على مشاق الطريق الطويل، الذي ابتديته طفلا متمردا بين شوارع الفقر والحرمان، وأنهيته عاطلا بين شوارع الفقر والحرمان على أرصفة الكرامة الضائعة والحرية السليبة. استمعت إليها وصنعت من نفسي مسجِّلة تلتقط كل نفساتها، وترقب كل قول من أقوالها، عسى أن أستوعب سرا لم أكشفه قد ذاق المنية بين جوانحي، وعسى أن تجود علي بملامسته ومعانقته من خلال قصيدة حياتها.
حرقٌ لعنٌ سخطٌ ... ما هذا؟ أهي كلمات متمردة خرجت من فيهٍ لم يستسغ عمقها بعد؟
لا لا أعتقد !!!. هكذا ظللت مصلوبا عن الحركة أمام تمثال البراءة، وهو ينهار من فوقي ومن تحت أرجلي، ولا أملك له حولا ولا قوة. وهكذا وقفت على عتبة هذه الكلمات مترجيا أن تبوح لي بسرها، لأن سرها مفتاح سأكشف من خلاله حقيقتي، وألامس بَعد الهجر حينا من الدهر بعدا من أبعاد إنسانيتي.
انفتحت عيناي على حقيقة التاريخ والنفس حين تنطق بمنطق الحرق، أي تصفية الجسد بنار لا تبقي من الجثة شيئا ولا تذر. وتذكرت قصص الغابرين حين كانت النار مثواهم الأخير، حرقا لأجسادهم وخوفا من انبعاث جديد. فوجدت أن المنطق هو رغبة نفس تستهويها كلما عجزت عن التواصل مع الآخر، وكلما انسدت في الأفق معالم التفاعل معه. وواصلت الرحلة صبرا على مشاق الطريق، وأنا أتيه في بيداء لغة صديقتي، أملا أن أقرأ في عينيها ذلك الوجوم، فانقشع ضوء آخر يُلوِّح ولو على استحياء من عمق التاريخ، وهو يحدثني عن منطق اللعن بمفهومه الثقافي، ليجيبني أن الثقافة المزورة تصنع وَهْمَ إنسان لا يكاد يبين، يطرد من خالفه، يحمل سيفا على من سالمه، ويستقوي بلغة الضعف على محروم التقاه على مأدبة الفقر وقاسمه.
لم أيأس عن المسير في أرض فلاة، فتاريخي قد غمرته نشوة التحدي، لأصل إلى تفكيك منطق السخط، فإذا بفلق صبح مبين يردم الهوة السحيقة، ليخبرني بأن السخط منطق المتمرد على الواقع المادي، حين تضيق سبل الحياة الكريمة، وتستأسد قلة ذات اليد معلنة نصرها الخبيث والجبان على كل محروم.
انفكت الرموز وتوالت الأجوبة تباعا تسألني وتستعطفني أن ألتمس عذرا لصديقتي. فقساوتها وَهْمٌ صنعته ثقافة مزورة بأيادي الغدر، وغلظتها فلتات لسان من قاموس الكهنوت، وتمردها رد فعل طبيعي على جريمة الحرمان. لم أجد بُداًّ أن أستجيب أمام ضغط الكلمات وشفاعة العبارات التي عزفت على أوتار قلبي، وهي تدرك أن أوتاره قد أرهفها الزمان وعمق الواقع. ما كان لي الحق بعد هذا الكشف العظيم والاعتراف الدامغ أن أدير لها ظهر المجن، ولو داست جمرا على كرامتي على حين غفلة منها.
هي مجرد ذكرى !!! نعم هي مجرد ذكرى !!!
بلغوها إذا وطأتم حماها أو وقفتم باكين على أطلالها، أن لغتها باحت لي بسرها. فلست أنا أو غيري من جرَّعتها كأس الحرمان، ولست أنا أو غيري من سلبت حريتها بين أوراق صفراء وأعدمتها على مشنقة التاريخ.
هي مجرد ذكرى !!! نعم هي مجرد ذكرى !!!
بلغوها إذا بلغتم حماها أن القلم ما خرب البيوت وما ينبغي له. أن فظاظة القلب ما أنشأت إنسانا ولا بَنَتْ حضارة وأنَّى لها ذلك. وأن المعراج بيتي آواني بعد أن لم أكن شيئا أذكر، كساني بعد أن عراني الواقع المرير، صنعني بعد أن ضربت ذات اليمين وذات الشمال بحثا عن ذاتي.
صبرا صديقتي !!!
مهما طال الليل فلا بد للصبح أن ينجلي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم السرب للسقا يقترب من حصد 28 مليون جنيه بعد أسبوعين عرض


.. الفنانة مشيرة إسماعيل: شكرا للشركة المتحدة على الحفاوة بعادل




.. كل يوم - رمز للثقافة المصرية ومؤثر في كل بيت عربي.. خالد أبو


.. كل يوم - الفنانة إلهام شاهين : مفيش نجم في تاريخ مصر حقق هذا




.. كل يوم - الفنانة إلهام شاهين : أول مشهد في حياتي الفنية كان