الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كيسنجرهم ومستشارنا

جعفر عبد المهدي صاحب
متخصص أكاديمي في شؤون منطقة البلقان

(Jaffar Sahib)

2007 / 11 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


قلت لصاحبي: منذ سقوط بغداد و...
قاطعني قائلا : بغداد لم تسقط وعليك ان تقول منذ سقوط النظام.
قلت : سيدي ليس الظرف جاهزا للتزويقات اللفظية والتمنطق الذي لا يشبع جائعا ولا يروي عطشانا. نتمنى ان لاتسقط بغداد وسقوط بغداد يعني استباحتها وهتك اعراضنا فيها واتلاف ممتلكاتنا العامة والخاصة والاهم من هذا كله تزهق ارواح الابرياء من اهلنا يوميا في شوارعها وضواحيها. أليس هذا حاصلا ؟
سواء اعتبرت بغداد ساقطة ام لم تسقط فهل ان الذي يجري فيها يوميا هو من ادنى دركات السقوط؟

هنالك العديد من الالفاظ تسوق علينا يوميا ، وانا كمراقب سياسي متواضع لا استطيع هضمها . مثلا جاؤا بمستشارا للامن القومي يلبس نظارات لا تفارق عينيه ، وكأنما يريدون ان يذكروننا بكيسنجر مستشار الامن القومي الامريكي والذي اصبح فيما بعد وزيرا للخارجية.
هل سمعتم يا اهل العراق ان ملاكا من ملاكات الوظائف العراقية بهذا المسمى منذ تاسيس الدولة العراقية عام 1921 والى ما قيبل " التحرير " .
ان مستشار الامن القومي يتبدل في الولايات المتحدة الامريكية مع تبدل الادارات المتعاقبة ولكن مستشارنا للامن القومي تتبدل الدنيا ولايتبدل. ففي ظل مجلس الحكم العتيد لدينا مستشارا للامن القومي . وجاءت حكومة الجعفري وبيقي مستشار الامن القومي نفسه وفي زمن اياد علاوي بقي مستشار الامن القومي نفسه ووهبنا الله حكومة المالكي وبقي مستشار الامن القومي ذاته.
اذا كان هنري كيسنجر واحد هو كيسنجر فان كيسنجرنا يعادل الف واحد من كيسنجراتهم.
في يوم من ايام سنة 1970 كنا برحلة الى شمال العراق وبالتحديد منطقة سوارتوكه سمعنا شابا كرديا يغني الاغنية التالية:
كيسنجر رايح رايح كيسنجر جاي
كيسنجر محمل سكر وجاي ( جاي هنا= شاي باللهجة العراقية، أي الجيم الاعجميه)
كيسنجر خشمه تويله
تشبه خرتوم الفيله
كيسنجر رايح رايح كيسنجر جاي

ومع كل هذا ، من تحميل السكر والشاي واخرتومة التويله الا ان كيسنجر لم يعد مستشارا للامن القومي
وكما قلت لكم سادتي ان مستشار الامن القومي يعادل كيسنجرات كل الرؤساء من عهد جورج واشنطن الى عهد بوش الابن.

ومن المشاهدات الحية التي تثبت ذكاء و (صدق ) مستشار الامن القومي عندنا هو خروجه وقت الازمات الحادة ومنها في فترة اعدام صدام حسين، هنا اود ان اذكر بانه ليس من الضرورة ان نحب او نكره صداما لان الموضوع واضح لا يحتاج الى كلام، ففي فترة المحاكمة قال كيسنجرنا ( مررت بين عنابر المعتقلين وسمعت برزان يتململ ويقول لماذا انا هنا فاني كنت ضد صدام وان كل الاعمال الاجرامية قام بها علي حسن المجيد).
ظهر النقل الحي للمحاكمة وشاهد العالم وضع برزان التكريتي والذي يمكننا ان نوصمه بكل شيء ما عدا الصلافة والجلادة. وهنا يبين مدى (صدق) مستشار امن القوات الامريكية. عفوا يا سادة مستشار الامن القومي العراقي ، ومعذرة سادتي ان زلة اللسان يقع فيها كبار الناس وحتى الفقراء من امثالي، فالرئيس بوش وقع بزلات ألسن عديدة ومعروفة.
ومرة اخرى ظهر المستشار عشية خبر اعدام صدام وقال ان صدام حسين كان خانعا ومستسلما اثناء تنفيذ الحكم.
وما هي الا ساعات تسرب بها شريط الواقعة وبالطريقة التي شاهدها العالم. وتبين ( صدق) مستشار الامن القومي.
ارجو ان لا يفهمني القاريء فهما خاطئا فانا لا اريد ان امدح او اذم صداما ولكن وددت ان ابين ذكاء المستشار. اما موضوع المحكمة وتنفيذ حكم الاعدام واخراجه بالشكل السخيف فيستحق مقالا منفردا.

وهناك تعبير اخر لم نعرفه الا بفضل السقوط وهو لفظ دولة رئيس الوزراء . هذا التعبير غير مستخدم في العراق ولكن بفضل الاحتلال اخذنا ننادي رئيس الحكومة بدولة الرئيس.
يا سبحان الله ان لفظ دولة يستخدم في الضد عندما تكون هناك شبه دوله او دولة قزمية فيقال دولة الـ(......) ودولة (....) في حين لو كانت دولا فعلا فلا حاجة باستعمال مفردة دولة في كل مناسبة يذكر فيها اسم الدولة القزمية.
هل اعتدنا ان نقول دولة فرنسا وهل تحتاج ايطاليا لفظ دولة ايطاليا...الخ

ولكن في العراق يحتاج دولة رئيس الوزراء تدويلا له ولأنه بلا دولة فان حاجته ( للدولوه ) اكبر من حاجة الدول القزمية.

وهناك مؤشر خطير يتعلق بالذوق السياسي العام في عراقنا المحتل ، فعندما يتم تعيين رئيس للوزراء تقدم للشعب العراقي السيرة الذاتية لدولة الرئيس وتذكر فيها عبارة ( وينحدر من عائلة ثرية) في حين ان كل حكام العراق كانوا يقدمون انفسهم بانهم ابناء فقراء. بماذا نستطيع ان نفسر هذه السلوكيات؟
في السابق ملاك الاراضي يعني مصاص الدماء والاقطاعي الكبير يعني مصاص دماء الفلاحين والتاجر الكبير يعني المرابي الكبير ولكن في ظل الاحتلال واخلاقية المحتل ان جميع هؤلاء خيرون اما اغبياء القوم فهم فقرائهم وليس من المنطقي ان يكون رئيس الوزراء غبيا بل يجب ان يكون غنيا او ينحدر من عائلة ثرية.

هذا الموضوع يذكرني بعبارة يقال ان روكفلر وضعها فوق راسه في مكتبه في تكساس، تقول العبارة:

الفقراء طيبون لانهم لا يملكون القوة التي يصبحون بها اشرارا

نعم الفقراء طيبون والاغنياء شريرون وشهد روكفلر من اهلها.

__________________________________________________










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. علي... ابن لمغربي حارب مع الجيش الفرنسي وبقي في فيتنام


.. مجلة لكسبريس : -الجيش الفرنسي و سيناريوهات الحرب المحتملة-




.. قتيل في غارات إسرائيلية استهدفت بلدة في قضاء صيدا جنوبي لبنا


.. سرايا القدس قصفنا بقذائف الهاون جنود وآليات الاحتلال المتوغل




.. حركة حماس ترد على تصريحات عباس بشأن -توفير الذرائع لإسرائيل-