الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وهم الإنتماءات الكبيرة

هفال زاخويي

2007 / 11 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


لقد تربينا على مفاهيم مضطربة وعبر اساليب تمويهية مارستها العقول المؤدلجة انطلاقاً من نظريات عقيمة ومفاهيم ذهنية لا وجود لها على أرض الواقع ...شوهتنا هذه النظريات وشوهت أفكارنا ورؤانا وعكرت صفو حياتنا واتخمتنا معاناة ودمرت بلداننا الى ان وصلت الحال بالكثير منا لننسلخ من ذواتنا ونصهر فردانيتنا بل وننكر وجودنا من أجل مفاهيم عقيمة .

الانسان الفرد محور الكون ... وسعادة الانسان الفرد هي الهدف الأسمى لدى عقلاء الأرض وتلك السعادة لا تتحقق الا بشرط حرية الفرد واحترام فردانيته ... ما حدث لنا وعبر تاريخنا المشوه والمعوق كان كارثياً ولا زال كارثياً ... فما زرعته فينا العقائد الدينية والنظريات القومية فيما يخص الانتماء حطمت فينا نزعة حب الحياة وجعلتنا نتلذذ بالبكاء والعويل ... احبطتنا من خلال الأحلام الكبيرة الزائفة والتي لم تتجاوز رغم كبرها وعظمتها الهشة حدود التفكير في التوحد ... نعم التوحد من خلال التضحية بالانسان الفرد الكائن الحقيقي الموجود على الأرض من أجل "الأمة " المفهوم الذهني الهلامي .

هل جاءت الأديان لمجرد أن يضحي الإنسان من أجلها أم تكون هي وسيلة في خدمة الانسان الفرد واسعاده وترفيهه ...؟! هل ظهرت "الأمم...!" ليكون الانسان الفرد خادماً لها ومضحياً من أجلها أم تكون هي الوسيلة التي توفر للانسان كل متطلبات العيش الكريم...؟!

مشكلة الانتماء في بلدنا العراق تمتاز بالتماهي والضياع بين مفردات ذهنية مضحكة للغاية ... فقادتنا وبخاصة المؤدلجين منهم وبشتى توجهاتهم مستعدون للمجادلة قرناً كاملاً من أجل تثبيت فقرة في دساتيرنا ومناهجنا التربوية تؤكد " اننا جزء من الأمتين العربية والإسلامية ... والكرد يواجهونهم بالرد اننا جزء من الأمة الكردية ... ننتمي الى الوطن العربي الكبير ... ننتمي الى الأمة الكردية الكبيرة ...ننتمي الى الأمة الاسلامية العظيمة ...ننتمي الى المذهب الشيعي ... ننتمي الى المذهب السني ... أية عاطفة مدمرة هذه التي ابتلينا بها ...؟! لنقرأ العكس ...ماذا قدمت الأمة الاسلامية لبلدنا وماذا قدمت الأمة العربية وماذا قدمت الأمة الكردية وماذا قدم المذهب الشيعي وماذا قدم المذهب السني ... ؟ طبعاً عندما أذكر الأمة والمذهب والدين فأنا أقصد ذلك المفهوم الذهني أو الوجود الهلامي في اللاوعي واللاشعور ... من يجيبني ماذا استفدنا من هذه الانتماءات الكبيرة ...؟ لكن دون تنظير عقيم ودون مزايدات ودون ضجيج ودون اطلاق التهم الجاهزة ، وبعيداً عن العواطف الجياشة.

عندما أريد دخول دولة اسلامية هل سيرحبون بي انا العراقي ويقولون لي تفضل يا ابن هذه الأمة العظيمة أم سيطلبون مني جواز سفر بلدي...؟ وهل عندما اريد دخول مصر العروبة مثلاً سيرحبون بي لانني انتمي الى الأمة العربية أم سيهينونني بالانتظار لساعات كون جوازي عراقي ...؟ وهل عندما ادخل دولة الخلافة الاسلامية جمهورية ايران الاسلامية سيرحبون بي لانني الشيعي المنتمي الى المذهب ام سيطلبون جواز سفري العراقي ...؟ وهل عندما احج بيت الله في مملكة المسلمين "السعودية" سيرحبون بي ويستقبلونني بالأحضان أم سيطلبون مني جواز سفر بلدي.
وهل عندما تكون هناك في جنوب شرق الاناضول دولة كردية سيرحبون بي ويستقبلونني بالزغاريد لانني كردي ام سيطلبون جواز سفري ...؟ !

هو ذا الانتماء الوطني ... التعامل مع جواز السفر ... علينا ان نوضح ونحدد انتماءاتنا ... علينا ان ننتمي لبلدنا ولأمتنا العراقية كواقع حال حيث حقوق المواطنة والمواطنية " حقوق وواجبات ومسؤوليات" ... ويبقى الانتماء الكبير الهلامي للأمة " دينية او قومية كانت" انتماءاً عاطفياً ذهنياً ضميرياً ولكن ان نغلب ذلك الانتماء على انتمائنا الوطني فهذا ما سيجعلنا نعيش في دوامة العنف ودوامة الفقر ودوامة العبودية أبد الدهر ... لقد انتهى عصر الشعار القاتم "نموت وتحيا الأمة " وفي النهاية علينا أن لاننسى بأن الأمة أيضاً مختزلة دائما في ذات الزعيم الأوحد وبذلك فحقيقة الشعار تكون" نموت ليحيا الزعيم" ... وعبر تاريخ الشعوب والبلدان لم يقدم أحد التضحية لهذه المفاهيم بقدر ما قدمه العراقي المسكين وكل التضحيات ذهبت هباءاً منثوراً.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عالم مغربي: لو بقيت في المغرب، لما نجحت في اختراع بطارية الل


.. مظاهرة أمام محكمة باريس للمطالبة بالإفراج عن طالب اعتقل خلال




.. أكسيوس: مجلس الوزراء الإسرائيلي المصغر يوافق على توسيع عمليا


.. الشرطة الأمريكية تعتقل عددا من الطلاب المتضامنين مع فلسطين ب




.. مئات المحتجين يحاولون اقتحام مصنع لتسلا في ألمانيا.. وماسك ي