الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عوامل القوة السورية

محمد سيد رصاص

2007 / 11 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


أخذت سوريا في الثلاثين عاماً الماضية دوراً اقليمياً تجاوز ماكان من أدوار لدى دول أكبر وأغنى،مثل مصر والعراق وايران، ولم يقلل من حجم وأبعاد هذا الدور ماحصل في الأعوام الأربعة الماضية من صدام أميركي مع دمشق، كان أحد نتائجه الإنسحاب العسكري السوري من لبنان في يوم 26نيسان2005.
ارتبط صعود الدورالإقليمي السوري,مع الدخول إلى لبنان في صيف1976,بعملية التفكك المجتمعي في بلد مجاور,وما تولَد عن ذلك من حاجات دولية واقليمية لضبط فرن مشتعل هدد استقرار المنطقة برمتها.بالمقابل,فإن تخلع البنية العراقية واضطرابها,منذ أواخر السبعينيات,قد جعل لدمشق أوراقاً عراقية امتدت من حزب السيد جلال الطالباني إلى حزب الدعوة إضافة للقوة المرموقة التي كان يملكها التنظيم البعثي العراقي الموالي لسوريا طوال عهدي البكر وصدام حسين,الشيء الذي امتد حتى إلى داخل التنظيم البعثي العراقي الحاكم,كماتبين من خلال شخصيات والت أوتلاقت مع الإتجاه البعثي السوري ضد صدام(تنظيم 1979 بقيادة عضوي مجلس قيادة الثورة:عدنان حسين ومحمد العايش).
لم تكن حالة دمشق مع التنظيمات الفلسطينية المنشقة أوالمتخاصمة مع ياسر عرفات بعد صيف1983 بعيدة عن تلك الحالتين اللبنانية والعراقية,وهو ماينطبق على حالة عبدالله أوجلان وتنظيمه الكردي بعد اعلانه الكفاح المسلح ضد أنقرة في صيف1984.بالتوازي مع ذلك,فإن صعود دور سوريا الإقليمي ,الذي تزامن وارتبط مع انكفاء القاهرة عن منطقة آسيا العربية بعد اتفاقيات فك الإشتباك مع اسرائيل ثم(اتفاقيات كامب دافيد)معها,قد كان أيضاً متعالقاً,ليس فقط بتفكك واضطراب الدول المجاورة وكذلك الحالة الفلسطينية,وإنما أيضاً بتوتر العلاقات الإقليمية بعد صعود الخميني للسلطة واتجاهه لمصادمة بغداد ودول الخليج العربي,حيث لعبت العاصمة السورية دور الوسيط وأحياناً الإطفائي بين الايرانيين والخليجيين ووضعت نفسها في وضع أصبحت فيه كل الأطراف المعنية,بالحرب العراقية- الايرانية أوبالتوترات الايرانية- الخليجية,تخطب ود دمشق.
انضاف,إلى كل ذلك,ورقة كان يُظن,مع مبادرة الرئيس السادات للخروج المصري من الصراع العربي-الاسرائيلي,بأنها ورقة ضعف(لاقوة)للسوريين,وهي أن تُترك دمشق وحيدة(أوللأخير)بعد عقد المصريين والأردنيين والفلسطينيين معاهدات –وحتى اللبنانيين كما جرى في 17أيار1983- مع اسرائيل,حيث ثبت بعد ذلك, منذ النصف الثاني للتسعينيات وخاصة مع تعثر(اتفاقية أوسلو)وفشلها,بأن دمشق قد أصبحت تملك,ومن خلال جنوب لبنان والجولان وبما لديها من أوراق فلسطينية,مفتاح انهاء الصراع العربي-الاسرائيلي,أواستمراره,وهو ماازداد مع فشل عملية(التسوية)التي بدأت في(مؤتمر مدريد)بخريف عام 1991 وانتهت في(مؤتمر كامب دافيد)في صيف عام2000.
بدون ذلك,لايمكن تفسير استمرار الدور الإقليمي السوري في مرحلة مابعد الإنسحاب السوري من لبنان في ربيع2005,إذا لم نقل تعززه عن مرحلة ماقبل التاريخ الأخير,رغم دخول العلاقات الأميركية-السورية في توترات غير مسبوقة منذ عام2003 على خلفية التصادم بينهما حول العراق,وهي-أي هذه العلاقات-التي كانت مترافقة فيها توافقات دمشق وواشنطن حول لبنان,سواء في صيف1976 ثم في(اتفاق الطائف)عام 1989,مع بلوغ الدور الاقليمي السوري ذروتي1976-1979و1990-1991.
حيث أن استمرار التفكك المجتمعي اللبناني,في مرحلة مابعد الإنسحاب السوري,قد جعل دمشق قبلة لأطراف لبنانية مرموقة القوة,وبيَن بأن قوة العاصمة السورية في الأوضاع اللبنانية لاتعتمد أساساً على(عنجر),وهي حقيقة جغرا-سياسية تعود إلى أيام رئيس الوزراء السوري سعد الله الجابري بالأربعينيات,ولوقطعتها مراحل من الضعف السوري بدأت في عام 1949لما تحولت سوريا,بالخمسينيات,إلى ملعب للصراع المصري- العراقي.كما أن اضطراب العراق الكبير,بعد الغزو والاحتلال الأميركيين,قد جعل لسوريا أوراقاً عراقية كبرى,ولوأصبحت ممثلة في سُنة العراق بدلاً من الوضع الذي كان في السبعينيات والثمانينيات والتسعينيات مع شيعة العراق وأكراده,فيما لاتزال(الورقة الايرانية)ورقة كبرى في يد العاصمة السورية يمكن أن تلعبها في اتجاهات عدة(القاهرة-الرياض-واشنطن............إلخ),مع بقاء سوريا محتفظة بتأثيرات هي في حالة تنامي في الساحة الفلسطينية,عبر(حماس)و(الجهاد),ستجعل من الصعب ,وبالذات بعد أحداث غزة الأخيرة,تكرار سيناريو(أوسلو) عندما انفرد تنظيم فلسطيني واحد بعملية التسوية مع اسرائيل.
وعملياً,فإن ذلك قد قاد,وبالذات خلال عامي2006و2007,إلى ميلان ميزان القوى في منطقة الشرق الأوسط لصالح(الإقليمي)-=دمشق-طهران-حماس-حزب الله-على حساب(الدولي)ممثلاً في واشنطن التي أتت بجيوشها عام2003"لإعادة صياغة المنطقة",وبالذات بعد تعثر وفشل الأميركان في العراق وصعود(حماس)بالانتخابات ونتائج حرب12تموز2006 ثم على ضوء النتائج المتوسطة والبعيدة المدى لعملية غزة الأخيرة.
ولكن,هناك سؤال يطرح نفسه:هل عوامل القوة السورية في المنطقة تعود كلها إلى عامل الجغرافية-السياسية،عندما أصبحت سوريا بيتاً محاطاً بحرائق مشتعلة في البيوت المجاورة في الغرب والشرق والشمال؟..........
==========================================








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أحداث قيصري-.. أزمة داخلية ومؤامرة خارجية؟ | المسائية-


.. السودانيون بحاجة ماسة للمساعدات بأنواعها المختلفة




.. كأس أمم أوروبا: تركيا وهولندا إلى ربع النهائي بعد فوزهما على


.. نيويورك تايمز: جنرالات في إسرائيل يريدون وقف إطلاق النار في




.. البحرين - إيران: تقارب أم كسر مؤقت للقطيعة؟ • فرانس 24 / FRA