الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاعلام العراقي وضرورة اعادة تطوير المؤسسة الاعلامية وفق اسس وضوابط مهنية وأكاديمية

علي جاسم

2007 / 11 / 18
الصحافة والاعلام


أصبحت التحولات الكبيرة التي شهدها العراق على كافة الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية والامنية ومنذ اكثر من اربعة سنوات والتي اثرت بشكل مباشر وغير مباشرعلى الحياة اليومية، تستدعي وجود حركة اعلامية نشيطة قادرة على استيعاب تلك المتغيرات وفق اسس واليات مهنية عالية تستطيع من خلالها ان تؤدي دورها الحيوي في بناء عراق ديمقراطي حر ، يمتلك جميع المؤهلات التي تمكنه من الصمود بوجه التحديات الجديدة ..الاان عمل المؤسسات الاعلامية العراقية بكافة انواعها وتشعباتها ومفاصلها لم تكن بالمستوى المطلوب في اداء مهامها ووظائفها المتعددة لاسيما مع وجود حركة اعلامية عامرة في المحيطيين الاقليمي والدولي تتجسد بالمؤسسات الاعلامية الضخمة والكبيرة والتي اصبحت عملية منافستها امر صعب المنال بالنسبة للمؤسسات الاعلامية في العراق .
ان المتتبع للمشكلة الحقيقة التي يعاني منها الاعلام العراقي ينبغي ان يبدأ بالمرحلة الحرجة والصعبة التي مربها الاعلام العراقي خلال العقود الماضية والتي تحول خلالها الاعلام والاعلاميين الى مجرد دمى تحرك خيوطها السلطة ، بمعنى ان الاعلام العراقي كان في زمن النظام السابق اعلام مركزي موجه يدور محوره الاساسي نحو تحقيق اهداف وغايات السلطة بغض النظر عن مصداقية التعاطي مع المعلومة والخبر.
ويبدوا ان اثار هذا التوجه الشمولي للحركة الاعلامية مازالت عالقة في ذهنية بعض الاعلاميين حتى بعد التحرر من القيود التسلطية التي كان يفرضها النظام البعثي على الاعلاميين،فهناك بعض الكتاب العراقيين مازلوا يكتبون على نفس الوتيرة السابقة خصوصاً في مايتلعق بموضوع تعاملهم مع المعلومة من خلال التضليل والتزيف او قلب الحقيقة راساً على عقب لاسيما مع وجود دعم مادي وحرية مطلقة في الكتابة.
لذلك فان الاعلام العراقي عاش خلال الثلاثة عقود الماضية بمرحلتيين مريرتين الاولى سيطرة فيها السلطة على المؤسسة الاعلامية وسخرتها في خدمة سياستها المتهورة ،والمرحلة الاخرى مرحلة مابعد سقوط النظام السابق والتي شهدت انفلاتاً امنياً واعلامياً منقطع النظير حيث صدرت مئات الصحف والمطبوعات التي تفتقر للحرفة الاعلامية والمهنية اضافة الى ظهور نوع جديد من الصحافة العراقي كانت قد غيبت منذ سقوط النظام الملكي عام 1958 وان وجدت بعد هذا التاريخ فانها محدودة وغير فعالة وهي صحافة الاحزاب ، ولتعدد الاحزاب السياسية الموجودة في العراق كان بالتيجة ان تعدد الصحف الصادرة من تلك الاحزاب ،واصبحت كل صحيفة اومجلة تعبر عن لسان حال الحزب التي تمثله والملاحظ بان تلك الصحافة ساهمت في تعقيد العمل الاعلامي وتغير مساراته، لانها اصبحت تبتعد عن المضمون الاعلامي الجيد وتكتفي بمايخدم مصالح واهداف واستراتيجة الحزب الذي تنتمي اليه واحياناً تسخدم مقالاتها واخبارها لتجسيد الصراع الشخصي بين الشخصيات السياسية ، في الوقت الذي ينبغي ان تكون فيه صحافة الاحزاب مؤشراً ايجابياً وحالة حضارية سليمة لعكس التعددية والتنوع في المجتمع العراقي وهذا مالم يحدث.
فضلاً عن وجود صحافة الانترنت وهذا النوع من الصحافة يعتمد على الانترنت بشكل كبير في جمع الاخبار والمقالات والصور وحتى الكاركتير ولوتتبعنا بعض الصحف العراقية لوجدنا ان الصفق الصحفي مغيب بشكل كبير، فماتنشره المواقع الاخبارية عبر الانترنت ينقل بشكل تام الى الصحف اضافة الى صفحة اراء ومقالات نجد ان كافة الصحف تنشر مقالة كاتب نشرت في احدى المواقع الالكترونية وكل تلك الامور تقلل من اقبال القراء على قرأت الصحف .
فضلاً عن انزلاق بعض الصحف ذات التوجه الاسلامي والقومي في منزلق الطائفية الضيقة ، فبدلاً من ان تمارس الصحف دورها في نقل الحقيقة بشكل موضوعي وحيادي نجدها تميل بشكل كبير نحو طائفتها وقوميتها وتستقطب الكتاب الذين ينتمون الى نفس الطائفة والعرق بغض النظر عن امكانيته الحرفية في الاعلام ،وهذا النوع من الصحافة لعب دور خطير في زيادة الفجوة الطائفية بين السياسيين من جهة وبين مكونات الشعب العراقي من جهة اخرى.
اما الظاهرة الاخرى التي تسيدت الاعلام العراقي بعد التغير هي عودت الاقلام البعثية والقومجية صنيعة النظام السابق وعرابت نظامه والتي طبلت له على مدار العقود الماضية لتمجيد الشخص الواحد، والتي وجدت لها في مؤسسات اعلامية كبيرة مكاناً لبث سمومها وتلويث الحركة الاعلامية في العراق ،والدور الذي لعبته تلك الشخصيات كان اكبر واعمق في الفضائيات من وسائل الاعلام الاخرى خصوصاً في تغطياتها الاخبارية المفبركة وبرامجها "الادرامية" والتي تحاول من خلالها تفكيك المجتمع العراقي واظهار التجربة الديمقراطية بانها فاشلة وغير ناجحة بالرغم من الانجازات الكبيرة المتحققة ،صحيح ان هناك اخطاء عديدة حصلت على المستوى السياسي لكنه لم يكن بالشكل الذي تحاول ان تعكسه تلك القنوات وهذا يدلل على وجود قلة خبرة اعلامية اضافة الى وجود سياسة خاصة لهذه القنوات تنطلق من اجندات خارجية تحاول تطبيقها باستخدام الاعلاميين المشبوهيين والفاشليين وتقف في مقدمتها "قناة الشرقية" كدليل واضح وقاطع على مانقول.
ان الاعلام بمفهومه الواسع هو فن تناقل المعاني او الاخبار عن حقيقة بحيادية وموضوعية او الاعلام بالشيء وهو مهنة اخلاقاية لاتحتمل التزيف او التزوير لان الاعلام يشكل حلقة الوصل بين المواطنين والحكومة ،كما يلعب الاعلام دور بارز صناعة القرار السياسي لمايمتلكه من وسائل مؤثرة وفعالة في نقل الحقائق والمعلومات، ويحتاج الاعلامي اذا مااراد ان يكون اعلامي جيد الى امورٍ متعددة تاتي في مقدمتها الموهبة الفطرية ومن ثم صقل تلك الموهبة في الكليات والمعاهد الاكادمية اضافة الى تمتعه بالشخصية القوية والارادة الحقيقية في التعامل مع الخبرِ ونقلهِ بشكلٍ حيادي وتجريده من اية عواطفاومشاعر خصوصاً "الطائفيةوالقومية" .
اما ماتحتاجه الحركة الاعلامية في العراق حتى تكون ناجحة وقادرة على النهوض بواقعها وتحقيق اهدافها ينبغي اتباع جملة من الامور الاساسية منها:
اولاً تطوير الجامعات والمعاهد الاعلامية من خلال توفير الكادر المتخصص القادر على اعطاء دروس اعلامية مهنية تعتمد على الدراسة التطبيقة اكثر من النظرية وليس بالضرورة ان يكون كادر تلك المؤسسات من ذوي الشهادات العليا اي يمكن الاعتماد على اعلاميين بارزين في مجالهم لاستثمار خبراتهم وعكسها لدى الطالب من اجل تطبيقها بشكل عملي.
ثانياً اقارار منهج اعلامي اكاديمي يتعلق بالامور الاعلامية وعدم اغراق المنهج الدراسي بالمواد الثانوية التي لاتغني الاعلامي باية معلومة مفيدة.
ثالثاًً اصدار قانون للاعلام لايقتصر على تنظيم الهيكلية المؤسسات الاعلامية الحكوميةوعملها فحسب انما يشمل الاعلام الخاص بحيث يكون اصدار اية صحيفة او اففتاح قناة تلفزيونية او انشاء اذاعة او اية مؤسسة اعلامية اخرى خاضع لضوابط وشروط محددة تقنن عمل تلك المؤسسات ، فحرية التعبير لاتعني الفوضى وعدم الانتظام بل ينبغي ان يكون عملها وفق اليات ومحددات ثابتة.
رابعاً انشاء مركز اعلامي متخصص يهتم باعداد الدراسات والبحوث الاعلامية ويشترط ان يكون مستقل عن الحكومة ولكنه تابع للدولة يشرف على متابعة تطبيق القوانين والنظم الاعلامية الى جانب توليه مسؤلية تدريب الكوادر الاعلامية المتخرجة من الكليات والمعاهد الاكادمية .
خامساًً الابتعاد عن تسيس المؤسسات الاعلامية التابعة للدولة فينبغي ان تكون المؤسسة الاعلامية مستقلة في تعاطيها مع مايجري على الساحة العراقية لكن دون المساس بالمصالح العليا للدولة وان لاتكون المؤسسة الاعلامية الرسمية مؤسسة حكومة انما مؤسسة دولة حتى تستطيع ان تعمل بشفافية عالية من خلال الوقف بمسافة واحدة من كافة مكونات المجتمع العراقي والاحزاب السياسة.
سادساً تفعيل المكاتب الاعلامية في وزارات ودوائر الدولة ومؤسساتها بحيث يكون كوادر تلك المكاتب من الاعلاميين الجيدين مع اعطائهم الحرية المطلقة في كشف الاخطاء والفساد الموجد في دوارهم وان لايقتصر عملهم على تغطية نشاطات مؤسساتهم ،وهذا الامر سيؤدي الى تشجيع الحركة الاعلامية وتحسين ادائها فضلاً عن القضاء على الفساد الاداري لانه سيكشف عبر الاعلام الحر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. خبراء عسكريون أميركيون: ضغوط واشنطن ضد هجوم إسرائيلي واسع بر


.. غزة رمز العزة.. وقفات ليلية تضامنا مع غزة في فاس بالمغرب




.. مسيرة إسرائيلية تستهدف سيارة مدنية شمال غرب مدينة رفح جنوب ق


.. مدير مكتب الجزيرة في فلسطين يرصد تطورات المعارك في قطاع غزة




.. بايدن يصف ترمب بـ -الخاسر-