لقد باتت ملحوظة" للعيان لا مبالاة المواطنين، وعدم اكتراثهم بما يكتب ويقال من قبل السلطة، حول إيجاد حلول للقضايا المعاشية، والاقتصادية ،والسياسية،ذلك لانهم سبق واختبروا بيانات وتصريحات حكومية عديدة ،تعهدت  بإجراءات مماثلة لمعالجتها، لكنها ذهبت أدراج الرياح والمكاتب ، لا بل زاد الطين بلة، واختلط الحابل بالنابل،  واتسعت دائرة الفساد والإفساد، ازاءمانشهده من الاعداد الهائلةللعاطلين، عن العمل وبات العاملون في الدولة يستحقون بامتياز رحمة وصدقة الجمعيات الخيرية .ومن يريد فعل الخير بزكاة ماله، وليس الفلاحون احسن حالامن العمال، فمعظمهم يعيشون في حالة ميؤوسة بسب انحباس الأمطار في السنوات السابقة  ، وغياب التكافل والضمان لهم من قبل الدولة في حالات الكوارث والطوارئ، ..انه- ودون أن نسترسل- يكاد لا يخلو قطاع من قطاعات الدولة؛ إلا وداء التخلف والفساد  ينخر فيه نخراً سريعاً .. ولا تبدو ثمة معالجة فورية لها....! .

في ظل مثل هذه الظروف التي أشرنا إليها ، حيث يتساوى المواطنون في همومهم ما عدا قلة قليلة   مكشوفة السلوك والواقع ، فإن قوائم وأعداد المعتقلين من السياسيين وأصحاب الرأي في تزايد مستمر، لابل اننانشهد تضييق الخناق على ماتبقى من الهوامش التي كانت متاحةفي السابق ،حيث بات الاستماع لمحاضرة ثقافيةاوالتحدث في شأن عام جريمة" يحال مرتكبوها الى المحاكم العسكرية بموجب قانون الطوارئ والأحكام العرفية والتي طالما طالبت  سائر القوى الوطنية والديمقراطية ، وكل من يريد الخير للبلاد بضرورة وضع حد سريع لها والكف عن مثل هذه الانتهاكات الفظة لحقوق الوطن والمواطن ، ولكن دون جدوى ..

لا يختلف اثنان على جدية الأخطار المحدقة بالبلاد وعلى أن أفضل السبل لمواجهة التحديات الراهنة هو تصليب وتحصين الجبهة الداخليةوهذا لايتم الا من خلال اطلاق الحريات الديمقراطيةوتمكين المواطنين من ممارسةحقوقهم كاملة دون وصايةمن أي جهة كانت  ، ولم يعد خافياً ايضا بإن القطب الأوحد في العالم ونقصد به الولايات المتحدة الأمريكية، قد بدأ خطواته التشريعية في تشديد الخناق على بلادنا في إطار ما يسمى بقانون محاسبة سوريا ، وأن إسرائيل نفذت تهديداتها في انتهاك حرمة الأراضي السورية بقصف موقع عين الصاحب وهي مستمرة بالتلويح للقيام بمثلها مستقبلاً، وكل ذلك يتم على مرأى ومسمع المجتمع الدولي دون أي رادع! .

إن معظم القوى الوطنيةو الديمقراطية في البلاد، ترى في عملية التغيير داخل البلاد ضرورة موضوعية ، تمليها مقتضيات الأوضاع المشخصة في البلاد والماثلة امام اعين الجميع ، في السلطة وخارجها ولا يحتاج  احدالى العناء في المناقشة ،حول مدى الحاجة الى التغير والإصلاح إلا أن السلطة وهي الجهة التي ينبغي عليها أن تبادر باتخاذ الإجراءات الضرورية للتغير ، تماطل حتى الآن البدء بهذه العملية المهمة ومن نافل القول أن جميع المواطنين ممثلين بقواهم السياسية، لا يراهنون على العامل الخارجي والتدخل في الأوضاع الداخلية للبلاد ووفق قناعة بأن عوامل الضعف في بلادنا ورقة قوية بيد القوى التي تريد الهيمنة على المنطقة من خلال ابقائها كما هي عليه،لما في ذلك –اصلا-من خدمة جليلةلمصالحها .

ولذلك فإننا نعتقد بأن تجاوز ذهنية الماضي، واساليبه، وإنهاء حالة الطوارئ ،حاجة وطنية ملحة، وفورية، للانتقال إلى إشراك كل القوى الجماهيرية في مكافحة الآفات والأزمات الداخلية، ولا بديل سواها لأنه وبقدر شعور المواطن بالراحة والاطمئنان وتعميقه بإجراءات تعزز ثقته بجدوى انتمائه للوطن، بقدر ما سيكون مدافعاً صلباً عن وطنه في الداخل والخارج، ومن البدهي إن ذلك يصب في خانة التماسك الداخلي، واستنهاض كل الطاقات الموجودة في البلاد، من أجل القضية الوطنية بجوانبها المختلفة .

اجل إن المنطلق لأي عملية إصلاحية أو تغييرية إن لم يكن لمصلحة المواطن يبقى ترقيعاً لا يفي بالمطلوب، ولابد من إجراءات تعيد للمواطن الثقة وتحرره من أي وصاية على أسس من التعددية والمشاركة ولابد من الإشارة إلى ما يعانيه أبناء الشعب الكردي في سورية من سياسات تمييزية وحرمان من حقوقه القومية والديمقراطية ، وضرورة تجاوز ذلك بالحلول المنصفة والعادلة لقضيته، وضرورة تحمل السلطة ومجمل القوى الوطنية لمسؤولياتها في ذلك، حتى يتمكن من ممارسة حقوقه، وواجباته كاملة ،في إطار توسيع وتعميق الوحدة الوطنية .

ويمكن القول اخيرا: ان كل ماسبق يشكل نقاطا اساسية ،لابد منها ،امام اية نوايا جدية للاستنهاض الوطني في الوقوف ضد التهديدات المحدقة بسوريا،وهذا مايكفل بالتالي اعادة كل حقوق المواطنة الى المواطن بعد ان سلب منه الكثير في ظل السياسات الراهنة ....