الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قناة شيعية سعودية .. هل تكفي ؟

علاء الزيدي

2007 / 11 / 20
الصحافة والاعلام


تناقل بعض المواقع والصحف نبأ ً عن عزم اثنين من الكتـّاب والإعلاميين الأحسائيين المعروفين، وهما حمزة الحسن وفؤاد إبراهيم ، على إطلاق قناة تليفزيونية فضائية من لندن قريبا ً ، لدعم جهود الإصلاح في الجزيرة العربية ، والتعبير عن آراء ومتبنـّيات ومصالح المجتمع الشيعي ، الذي يشكل الأغلبية السكانية في إقليم الأحساء والقطيف ، أو مايعرف بالمنطقة الشرقية ، التي تحتوي على أكبر إحتياطي للنفط في العالم .
وليس ثمة شك ، في أهمية الإعلام ، وخاصة الميديا التليفزيونية الجبارة ، التي تستحوذ على العقول والأذهان خلال فترات قياسية ، يعجز عن تحقيق نجاحات مماثلة فيها مفكرون وكتـّاب وباحثون يقولون الفكرة نفسها ، في آلاف الكتب ، لكن بعدهم عن دوائر الضوء التليفزيونية يخنق أفكارهم ويحول دون وصولها إلى الجمهور العازف عن القراءة ، لكن الإعلام التليفزيوني وحده ، ودون فعل سياسي أو تعبوي على الأرض ولانقول عسكريا ً لئلا نرمى بالتحريض على العنف ، يظل قاصرا ً عن مقارعة نظام أوتوقراطي شرس ، مثل النظام الوهابي السعودي ، المعبـّأ بكل كراهية التاريخ ، لكل ماهو إنساني وتعددي وحضاري .
وإذا أردت أن أعود في " فلاش باك " سريع ، إلى تجربة المعارضة الأحسائية ذاتها للحكم السعودي ، خلال ربع القرن الأخير ، فيمكنني التأكيد على أن كل المحاولات الإصلاحية أو الترقيعية أو التسووية التي بادرت إليها هذه المعارضة ، خلال التعاطي مع النظام السعودي ، قد باءت بالفشل الذريع ، الأمر الذي تعني معه العودة إلى الصفر ، ضربا ً من ضروب البلاهة السياسية ، التي لم تكن ( وليست هي الآن ) من العلامات الفارقة للسياسي والمثقف الأحسائي ، المستند على تراث زاخر من التجارب الفكرية والسياسية المعمقة ، طوال تاريخه .
لقد استطاعت – على سبيل المثال – حركة مثل الحركة الرسالية ( أو ماعـُرفت باسم منظمة الثورة الإسلامية في الجزيرة العربية ) خلال نهاية عقد السبعينات وبداية عقد الثمانينات من القرن الماضي ، ببراعة ، تعبئة الشارع الأحسائي للمطالبة بحقوقه المشروعة ، التي لاتتجاوز حرية التعبير والمشاركة في القرار والاستفادة من ثرواته التي يبتلعها آل سعود وحدهم ، وحققت الحركة في ذلك الإتجاه العديد من النجاحات ، رغم العديد والكثير من التضحيات أيضا ً . وجاءت الحركات الجذرية الأخرى ، مثل حزب الله في الحجاز وغيرها ، لتصعـّد سقف المطالب ، وترفع من مستوى المواجهة ، لكن عدم التنسيق بين أذرع المعارضة الموزعة هنا وهناك ، حرم شعوب الجزيرة العربية في أقاليم الحجاز والأحساء والقطيف وعسير وجيزان وحتى نجد وحائل من أية إمكانية للتلاقي والتفاهم والتنسيق ، بعد أن فضـّل النظام السعودي القمعي اتـّباع سياسة الإستفراد والقضم التدريجي للحركات السياسية من إصلاحية وراديكالية وحتى متطرفة وإرهابية ، كلا ًّ على حدة ، ونجح في مسعاه هذا نجاحا ً باهرا ً .
وربما كانت الحركة الرسالية الأحسائية قد أ ُصيبت في مقتل فعلا ً ، حينما فضـّلت الشخصية الدينية المعروفة ، الشيخ حسن الصفار ، إنهاء وجود التنظيم الرئيسي المعارض ، والعودة إلى البلاد ، والاكتفاء بالدور التقليدي للمؤسسة الدينية ، مطمئنا ً إلى الوعود التي قطعها أقطاب النظام لهذا التنظيم الذي كان قويا ً و كان يشكل عنصرا ً أساسيا ً ورئيسا ً في خارطة التحدي ، تلك الوعود التي لم ينفـّذ آل سعود منها شيئا ً ، أو على حدّ تعبير الدكتور فؤاد إبراهيم ( مؤلف كتاب : الشيعة في السعودية ) نفسه في لقاء عابر له مع كاتب هذه السطور قبل سنوات : " لم يتغيـّر شيء على الإطلاق " ! فلماذا العودة ، والتنازل ، وإيقاف النشاطات إذن ؟
تعوّدنا ، في الغرب ، أن يتطرّق الكاتب والباحث إلى أي شأن يعجبه التطرّق إليه ، من شؤون المجتمعات والشعوب والدول . فليس لدينا ، في الغرب وأوروبا بالذات ، شؤون داخلية يـُحظر علينا التدخل فيها . أضف إلى ذلك أن النظام الوهابي السعودي يعتبر اليوم من الأعداء الرئيسيين للواقع السياسي الجديد عندنا في العراق ، إن لم يكن العدو الأول ، ومن هنا فنحن معنيون فعلا ً بالتعاون مع خصومه السياسيين والفكريين ، ومن أبسط صور هذا " التعاون " تذكيرهم بتجاربهم الناجحة .
لقد كان السبب الأساس ، في تصوّري ، الذي دعا النظام السعودي إلى " التفاهم " والتنازل الشكلي مع وللحركة الرسالية في الأحساء ، هو الرغبة في الخلاص من " شرّها " الثقافي التعبوي ضده . فهذا النظام قادر على مواجهة كل ّ شيء بالزعيق الوهابي المعهود ، وبالسيف الأثيوبي البتار ( معظم جلادي النظام أحباش ) غير أنه عاجز عن مواجهة الكلمة التعبوية بمثلها . وهو إذا كان استطاع وأد الأصوات التعبوية المعروفة ، مثل المناضل الحائلي المعروف ناصر السعيد ( مؤلف كتاب تاريخ آل سعود ) ، الذي اختطفه الإرهابيون الفلسطينيون لحساب المخابرات السعودية عام 1979 و تتوفر بعض المعلومات عن أنه تم قتله في السعودية ، بحضورعدد من أمراء العائلة المالكة ، عبر إلقائه حيا ً من مروحية إلى صحراء الربع الخالي ، بعد تعذيبة بوحشية . ومثل الكاتب والصحفي البريطاني الفقيد ديفيد هولدين ( مؤلف كتاب آل سعود – ذا هاوس أوف سعود - ) الذي اغتاله عملاء المخابرات السعودية بعد مغادرته مطار القاهرة ، ذات مساء من مساءات شهر كانون الأول ( ديسمبر ) عام 1977 ، قبل أن يتمكن من إتمام كتابه ، الذي أتمـّه فيما بعد زميله الكاتب والصحفي ريتشارد جونز عام 1981 ، لكن النظام السعودي غير قادر على متابعة وملاحقة مئات الكتب الرصينة والموضوعية والدعائية أيضا ً ، والمضادة لحكم آل سعود وأيديولوجيتهم الرجعية ، التي كانت تصدرها دار الصفا للنشر والتوزيع في لندن ، التي يـُعتقد أن لها صلة ما بالحركة الرسالية الأحسائية . لذلك فقد ارتأى هذا النظام أن يلعب لعبته الثعلبية مع الحركة ، تلك اللعبة التي نجحت للأسف ، ومكـّنته من جمع وإتلاف آلاف النسخ من تلك الكتب التعبوية الثمينة ، دون أن يقدم للمتنازلين – في المقابل – شيئا ً ، كما مر ّ .
ومن خلال تجربتي البحثية الشخصية ، أستطيع أن أقول ، إن البث التليفزيوني لايؤثر في النظام السعودي كثيرا ً . فالفضاء مليء بالقنوات ، والكلام كثير ، ولو استطاع أحد أن يؤثر أكثر من غيره في هذا الإتجاه ، لكان ذلك الأحد قناة الجزيرة القطرية ، المعادية لآل سعود تبعا ً لصراع آل ثاني معهم . بيد أن العودة إلى نشر الكتب والإبحاث المعمقة على أكبر نطاق ممكن ، خاصة تلك التي تفضح تاريخ آل سعود وآل وهاب ومؤامراتهم ضد الجميع بأساليب توثيقية وعلمية ، تعتبر أفضل أسلوب من شأنه التفتيت التدريجي لهذا النظام القمعي . ذلك لأن أخوف مايخافه نظام آل سعود هو الكتب ، ولو أتيحت للقراء مثلي فرصة البحث عن كتب مناوئة للسعودية والوهابيين بالعربية والإنكليزية والفارسية ، للاحظوا الندرة التي تثير الاستغراب لهذه الكتب ، رغم صدورها بمئات الآلاف من النسخ . فالمخابرات السعودية تشتري من مكتبات لندن وبيروت والقاهرة ودمشق وطهران وقم وكل مكان ، كل الكتب المقصودة ، ثم تتلفها بعد ذلك في محارق أو " مفارم " جماعية كما يبدو !
وإذا طـُلـِب مني أن أدل ّ أحدا ً من المعنيين على الخط المستقيم الممتد بين الهدف والغاية ، فسأجيبه بأن ماتركـّز عليه الباحثة الحجازية الدكتورة مي أحمد زكي يماني ، في كتاباتها ولقاءاتها ، باللغة الإنكليزية خاصة ً ، هو نقطة ضعف آل سعود بكل تأكيد .
إنه ، التركيز الموثـّق على التمايز الذي ينبغي أن يدعم دستوريا ً وسياسيا ، واستقلاليا ً ، بين شعوب الجزيرة العربية ، المختلفة فيما بينها ، في كل شيء ، من اللهجة إلى التاريخ إلى المذاهب إلى العادات .
إنه اختلاف الحضري عن البدوي ، اللذين لايمكن أن يجتمعا على صعيد واحد ، مهما توازيا مع بعضهما البعض !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مواجهة مضحكة بين اللهجة السعودية واللهجة السودانية مع فهد سا


.. مع بدء عملية رفح.. لماذا ستتجه مصر لمحكمة العدل الدولية؟ | #




.. معارك -كسر عظم- بالفاشر والفاو.. وقصف جوي بالخرطوم والأبيض


.. خاركيف تحت النيران الروسية.. وبريطانيا تحاكي حربا مع روسيا |




.. نشرة إيجاز - القسام: قصفنا 8 دبابات ميركافا في جباليا