الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بسوس في غزة..!(2-2)

نصر حسن

2007 / 11 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


امتداداً لدور منظمة التحرير الفلسطينية الذي طغى على الساحة الفلسطينية والعربية والدولية ,كان رضوخ العالم لبعض الحق والاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني التي تمثل أهداف مركزية ,عبر عنها مؤتمر مدريد للسلام القائم على " الأرض مقابل السلام " ورغم الكثير من الملاحظات عليه والموقف منه ,لكنه كان هو الممكن في ظل واقع الظروف الفلسطينية والعربية والدولية , ومع ذلك لم تسقط المقاومة في فخ ما , وأدت ما عليها من التزامات وبقيت موحدة في الموقف والقرار رغم التباينات الكبيرة بين أطراف منظمة التحرير في الموقف من ذلك , لكنهم جميعاً متفقين على الوحدة والتمسك بالهدف المركزي وتحريم الاقتتال الداخلي وإراقة الدم الفلسطيني في صراعات بينية تخدم الاحتلال , ومع مرور الوقت ووضوح النوايا الإسرائيلية وعدم تنفيذها بما تعهد ته أمام المجتمع الدولي, وفشل كل المحاولات الدولية في هذا الإطار وفشل إطار " أوسلو " وتعدد المسارات والخرائط والطرق بمحصلتها العامة تهدف إلى تمرير الوقت , رافقها ولادة الانتفاضة الأولى والثانية والتضحيات الهائلة التي قدمها الشعب الفلسطيني , ترافقت مع حصار " أبو عمار " حتى استشهاده ,وتصفية قادة الانتفاضة واعتقال المئات من ناشطيها , بوضوح الكلام نقول : إن كل تلك المصائب الرهيبة لم تسقط الثورة الفلسطينية في مستنقع الصراع الداخلي, ولم تسمح للظروف كلها بجرها إلى هذا المستنقع ,لأنها دفعت ضريبته في الحرب الأهلية اللبنانية بوجود النظام السوري المسلح ,الذي حاول شق المقاومة عندما فشل في إحداث فتنة داخلية فيها ,ومن صف معه معروف موقفه وحرصه على شعبه , وهم لازالوا يلعبون نفس الدور الآن سواء ً في غزة أو بيروت.

وأمام كل هذا التاريخ الناصع والتضحيات الكبيرة على طريق تحقيق هدف الشعب الفلسطيني نحو تحرير أرضه وإقامة دولته الحرة الديموقراطية , تقف اليوم السلطة الفلسطينية من فتح إلى حماس إلى كل الأطراف موقفاً غريباً مخزياً من أوضاع الشعب الفلسطيني ومعاناته وحصاره وتجويعه من قبل الاحتلال , وتتصارع الأطراف على فتات الاحتلال من سلطة وهمية , ورغم أن خيار الشعب الفلسطيني قد حسم بالديموقراطية التي تفرز عملياً السلطة التنفيذية لقيادة الشعب الفلسطيني نحو أهدافه في ظل ظروفه المأساوية والظروف العربية المهينة والدولية المهزوزة,والتي لم تعد تستقر على قرار, ولم تعد الشرعية الدولية تحظى بذلك الاحترام وفي ظل ظروف المنطقة التي تطغى عليها الصراعات المتعددة , في ظل ذلك يتوجب على أطراف السلطة أن تبقى متمسكة بهدفها المركزي الأساسي ومحاولة تخفيف المأساة عن الشعب الفلسطيني , بدل ذلك نراها تقتل بعضها في شوارع غزة بمناسبة ودونها , وماجرى في الذكرى الثالثة للشهيد أبو عمار يعطي صورة مخزية عن واقع السلطة الفلسطينية , وهو في أبسط وصف له أن السلطة كلها أصبحت فاقدة للشرعية ,على خلفية أنها فاقدة للقدرة على الحفاظ على الوحدة الوطنية أولاً ولأنها بفعلها الدنيء قد تبرعت بدماء الفلسطينيين ونقلت الصراع من خط المواجهة مع الاحتلال إلى داخل الشعب الفلسطيني ثانياً , ولأنها أثبتت أن الصراع على السلطة هو الهدف وغاب الهدف المركزي الأساسي من ساحة الصراع ثالثاً , وبسقوطها في القتال الداخلي قد أساء لها أمام الشعب الفلسطيني والعرب والعالم وبالتالي لم تعد تتمتع بقوتها القانونية والأخلاقية المطلوبة للقيادة رابعاً ,وتاهت في حروب داخلية متواترة أدت إلى تقسيم وتقاسم جغرافية العمل السياسي الفلسطيني ,الذي سيتبعه تمزق في نسيج السلطة والشعب , تتبارى فيه الأطراف بتقديم التنازلات للاحتلال وللخارج على خلفية ضعفها وتهالكها خامساً , وسمحت لنفسها بالاصطفاف مع قوى تساوم بها وأولهم النظام السوري المعروف موقفه الحقيقي من القضية الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي , ومع إيران المذهبية التي تتاجر بالقضية الفلسطينية والإسلامية في أروقة الأمم المتحدة والبيت الأبيض ووكالة الطاقة النووية سادساً, وبالمحصلة في أفعالها تلك تعرض الصورة المقابلة للجدار العنصري العازل ,بل وأكثر منه في شق الوحدة الفلسطينية وعزل الضفة عن القطاع والبقية تأتي ثامناً .

بصراحة إن ما يجري في غزة من قتال همجي هو عمل مخزي يشبه العبث بالمحرمات الوطنية والدينية والأخلاقية , يزيده خزياً وخطورة تمدده إلى الضفة وتزحلق البعض على دماء الفلسطينيين وأشلائهم وبؤسهم نحو وهم السيطرة والسلطة في حظيرة الاحتلال , وهو ليس له شبه سوى " حرب البسوس " بفرق أنها استمرت أربعين عاماً ومأساة الشعب الفلسطيني مضى عليها ستون عاماً , و" بسوس " غزة....إذا لم تحتكم فتح وحماس وما بينهما إلى مصلحة الشعب الفلسطيني وأولها وحدته وحصر حمل السلاح واتجاهه ,واحترام القانون والإنسان والحوار ....وأخلاقية المنافسة السياسية على قاعدة الديمقراطية والعلاقة المصيرية بين أطراف حركة التحرر الفلسطينية ...و إذا لم يترافق هذا مع خطوات عملية فورية على الأرض ,وخاصةً في قطاع غزة من حماس وفتح بطي هذه الصفحة الدموية الخطيرة ,والإقرار بالحوار غير المشروط سوى بشرط واحد فقط هو مصلحة الشعب الفلسطيني كما يقررها هو بدون وصاية وبدون اجتهاد , والفرض الوحيد الذي اصبح فرض عين على الجميع هو وقف الفتنة والعمل على حماية الشعب الفلسطيني ,وتأمين أمنه ولقمة عيشه واحترام قدسية دمه ....بخلاف ذلك لا حماس ولا فتح ولا غيرهم ولا كلهم مؤهلين لقيادة أو لتمثيل الشعب الفلسطيني ...لأنهم أبعد وأعجز عن ذلك ,وهم في واقع حالهم أقرب إلى حرب " البسوس" الفلسطينية التي يراد لها أن تكون المحطة الخطيرة لزمن مفتوح ينحر فيه الأخوة بعضهم ,وفي سابقة خطيرة لتمزيق الصف الفلسطيني وتضييع هدفه وتشويه حقه وتتفيه ديموقراطيته .

إنها وصفة خارجية لحرب " بسوس " جديدة.... ينفذها بخسة وطيش واستهتار أحفادها الجد د ... نعم حرب " البسوس" بأكثر من " كُليب " وأكثر من " زير" وأكثر من " جسًا س " ....!.
د.نصر حسن








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تظاهرات في إسرائيل تطالب نتنياهو بقبول صفقة تبادل مع حماس |


.. مكتب نتنياهو: سنرسل وفدا للوسطاء لوضع اتفاق مناسب لنا




.. تقارير: السعودية قد تلجأ لتطبيع تدريجي مع إسرائيل بسبب استمر


.. واشنطن تقول إنها تقيم رد حماس على مقترح الهدنة | #أميركا_الي




.. جابر الحرمي: الوسطاء سيكونون طرفا في إيجاد ضمانات لتنفيذ اتف