الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نساء على الطريق ... سيناريو تسجيلي من الواقع العراقي

ناهده محمد علي

2007 / 11 / 22
الادب والفن



سيناريو أ ( عبير )
تعيش عبير مع والديها وأُخوتها في قرية صغيرة في غرب العراق وكانت تقوم بجني المحصول مع والديها لأنها كبرى أخواتها , وتتمتع عبير بوسامة ريفية ورقة وخجل عراقي , لكنها كانت مُتعبة دائماً بسبب العمل في البيت وفي الحقل .
مشهد ( 1 )
تدخل عبير إلى المزرعة وتأخذ بجمع السنابل ووضعها في عربة الدفع الكبيرة , وبعد حين أحست بألتعب والشمس الحارقة ففتحت قنينة الماء وشربت منها , ثم أخرجت صُرة صغيرة فيها قطعة خبز وجبن أكلت منها ثم عادت الى العمل , ورفعت رأسها فرأت أن الشمس لا زالت عالية وينتظرها الكثير من العمل , ووقفت للحظات وهي تتذكر حالهم قيل سنوات حينما كان الحقل يحوي كل شيء وكان كبيراً ثم إحترق قسم كبير منه بفعل القنابل , وإضطرت العائلة الى زراعة القمح فقط لحاجتها للخبز .
نظرت عبير الى البعيد فظهر على وجهها علامات رُعب شديد , ثم أخذت العربة وقادتها بسرعة شديدة الى البيت , ثم أغلقت الباب بإحكام وحين سألتها أُمها عن الأمر أجابت : إنهم قادمون , أخذت الأُم بناتها الى ( السرداب ) , وأقفلت الباب خلفها . وبعد حوالي الساعة دق الوالد باب السرداب , وكان نائماً ومريضاً وقد كان في الخمسين من عمره إلا أنه يبدو وكأنه في السبعين , وصاح بصوت مبحوح الآن ( أمان ) , أُخرجوا .
خرجت الفتيات مع الأُم وحمد الجميع الله لأن النهار قد مرَّبخير ونامت العائلة في وقت مُبكر , فألكل يشعر بألتعب والقلق على الحقل الذي يحتاج الى حصاد وعلى البيت الذي تهدم نصفه بسبب القصف المستمر , أما قلق الوالد فقد كان على بناته وزوجته , وبما أن لا ولد له فهو المسؤول عن حماية البيت والحقل والبنات .
مشهد ( 2 )
دخلت عبير وأُمها وأُختها الصغرى الى الحقل في الصباح الباكر وكان ينتظرهم الكثير من العمل تحزمت أُم عبير بمنديلها العريض وأخذت تحث البنات على الحصاد قبل أن يسقط المطر ويُفسد المحصول . واصل الجميع عملهم الى حين آذان الظهر , وقفت البنات مع الأم للصلاة ثم واصلوا العمل .
توقف ( المنجل ) في يد أُم عبير وهي تُصغي السمع ثم قالت إنهم قادمون , ثم نظرت الى السماء وهي توشك أن تُمطر وقالت لنستمر قبل هطول المطر , يجب أن نُسرع كثيراً .
مشهد ( 3 )
وقف أحد الجنود وهو يُخرج العلكة الأمريكية من جيبه ثم يبصق على الأرض ويقول : يا لطعم هذا التراب إنه أشد ملوحة من العرق , ثم غمز لصاحبه وهو يلوك العلكة أُنظر لهؤلاء , أجابه صاحبه : هل تمزح إنهن بقرات سمان , أُفضل التحرش بكلبة على التحرش بهذه , ثم أطلق ضحكة عالية , وعلَّق الأول إنها شقراء أُنظر الى جذائلها المنسدلة , تنحنح الثاني وهو يمضغ بعصبية شديدة ثم أجاب جرّب ! .
صرخت عبير وهي ترى يداً تمتد الى جذائلها , ثم تمتد هذه اليد الى جيب السروال لتخرج قطعة
( شوكولاته ) , أجابت عبير بألرفض , ثم أشارت الأُم لهن بألإسراع للبيت , تعلقت يد الجندي بألجذائل , صرخت عبير بقوة , حاول الجندي أن يُلقي الفتاة على الأرض وهي تقاوم بشدة , رفعت الأُم منجلها وهاجمت الجندي , ثم سمع الوالد الصراخ فأخرج بندقيته وهرول نحو الحقل وحينما وصل رأى الفتاتين مُخضبتين بألدماء , ورأى الأُم تحاول الزحف الى مكانهما , وجه الوالد بندقيته نحو الجندي الخائف وهو مُسرع نحو الشاحنة فقتله في الحال , فإستدار الجندي الآخر وصوب رشاشته على جميع أفراد العائلة , ورسم دائرة حمراء وهو يمضغ العلكة , ثم حرك محرك السيارة بعد أن وضع صاحبه المقتول فيها , وبصق على الأرض وهو يقول تباً لطعم التراب هذا .


سيناريو ب ( حاملة النفط )
مشهد ( 1 )

تقوم أُم محمد منذ طُرد زوجها من الجيش بمهمة إعالة العائلة , تستيقظ في الصباح الباكر وتقوم بإعداد الفطور للجميع , ثم تعد طعام الغداء , وما أن تُكمل إعداده تخرج سريعاً الى الشارع مع عربتها الصغيرة , والتي هي الوسيلة الأساسية لإعالة العائلة , تذهب مباشرة الى محطة البانزين فتجد نساء المنطقة قد سبقنها في الوقوف في تسلسل طويل بإنتظار النفط , ومعظم هؤلاء النساء هُن بلا أزواج أو بلا أبناء , فهم أما أموات أو يخوضون في زحمَة الحياة طلباً للرزق الصعب في المدينة المحاصرة المُتعَبة .
تدخل أُم محمد الى المحطة دافعةً عربتها أمامها , تتقدم إليها إحدى النساء فتأخذ منها صفيحة النفط وتضعها بألعربة وتأخذ بدفعها أحياناً الى سيارة التاكسي أو الى الشارع نحو أحد البيوت , ثم تستلم أُم محمد إجرتها وتضعها على رأسها إظهاراً لتقديرها للمرأة الأُخرى , سألتها إحدى النساء لماذا أنت شاحبة هكذا يا أُم محمد ؟ , أجابتها , يوم أمس طبخت لهم عند الصباح طعام الغداء , ولما عدت مساءً أخبرتني إبنتي الصغيرة منذ فتحت الباب بأنهم قد أكلوا حتى بقايا الرز ولم أستطع تناول الطعام منذ الأمس , ويرقد زوجي في البيت مُتعباً وكسولاً بعد أن خرج من صفوف الجيش العراقي , صمتت المرأة الأُخرى ثم علقت : إنه موعد الغداء ألا تذهبين الى البيت ؟ , أجابت أُم محمد : كلا سأبقى إلى الساعة الرابعة عصراً وهو موعد رجوعي الى البيت كل يوم .

مشهد ( 2 )
دخلت أُم محمد الى البيت فهرولت نحوها الصغيرة ( سُهاد ) وقالت : جاء بعض الرجال وأخذوا
( بابا ) , أسرعت الأم الى غرفة النوم حيث كان يرقد زوجها , ثم قالت إبنتها الكبرى : لقد كانوا ملثمين !! .
أمسكت أُم محمد بمساند الكرسي وأوشكت على الإنهيار , ثم رمت نفسها على الأرض ونظرت الى الشباك وعلمت ساعتها بأنها أصبحت لوحدها تماماً ربما لأيام أو شهور أو على الأكثر الى الأبد !! .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لطلاب الثانوية العامة.. المراجعة النهائية لمادة اللغة الإسبا


.. أين ظهر نجم الفنانة الألبانية الأصول -دوا ليبا-؟




.. الفنان الكوميدي بدر صالح: في كل مدينة يوجد قوانين خاصة للسوا


.. تحليلات كوميدية من الفنان بدر صالح لطرق السواقة المختلفة وال




.. لتجنب المشكلات.. نصائح للرجال والنساء أثناء السواقة من الفنا