الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
مــورِدُ الظـمـــآن في أسباب صَمْــتِ الأورانغوتان!
مصباح الغفري
2003 / 11 / 12الادب والفن
فلقـــد سَــكَتُ مُـخاطِــباً إذ لم أجـد من يســتحق صـدى الشكاة مُخاطَـــبا! حدثنا أبو يســار الدمشــقي قال : في الحدائق البابويَة في الفاتيكان ، قِـردٌ من فصـيلَة الأورانغوتان . وعندما شــاهَدَه نيافة الكاردينال ، مُنتصِباً على قدَميه كَأنه جنرال . صـاحَ به : قال بغلٌ مُستنيرٌ ، ناصحاً بغلاً فتيّا يا فتى إسمع وصايايَ ، تعِش بغلاً يقال أن البغل الفتي إرتجف من الرعب عند سماع البيت الأخير ، فمشى إلى العمل دون تأخير . وسَمِعَ وأطاع ، وراح يتصرف كبغل بحميّة واندفاع ! تداول القوم في القضية ، فمنهم من أعلن تأييده بكل حميّة ، ومنهم من رأى في الكلام مؤامرة إمبريالية ! ران الصمت على القوم ، وقرروا عن الكلام الصوم . فأي عاقل يسعى إلى حتفه ، بظفره أو بظلفه ؟
ـ تكلّم وَسَــأعَمّـدُك !
ذلك أن فصيلة القردة من نوع الأورانغوتان ، لا تختلف في شيء عن الإنسان . إلا في أنها اعتصمت بالصمت لأنه أقرب إلى السلامة ، وتركت الكلام ، الذي يودي بصاحبه إلى الحِمام .
لكن الأورانغوتان ، كان أعقلَ من أن يُطلق للسانه العنان ، في زمن المماليك والخصيان . فلم يستجب للإغراء ، وآثرَ أن يتبادَلَ مع أفراد عائلته الآراء . فالكلام يحتاجُ إلى الحَذر ، وعند كل فاصلة ونقطة خطر !
وتذكر الأورانغوتان الكبير ، نصائح البغل المُستنير . وهي نصائح نظمها أحمد مطر في قصيدة عصماء ، جاء فيها :
يا فتى إصغِ إليّا
أنت كي تحملَ أثقال الورى
صَيّرَكَ الله قويّا
فاحتمل أثقالهم
ولا ترفس ضعيفاً حين تلقاه ذكيّا
وإلا ...
فقد يمسَخكَ الله رئيساً عربيّا !
شاورَ الأورانغوتان المستنير أولاده في الأمر ، قال لهم :
ـ ماذا لو ألغينا قانون الصمت الذي ورثناه عن أجدادنا ؟
قال الولد الأكبر مؤيداً النطق والكلام ، إنها فرصة لنصبح من الحكام . فأنا ربما صرت وزيراً للدفــاع أو الإعــلام ، وهي مناصب كلام بكلام ! أما إذا كنت من أقارب سيادة " الشخص" ، فسيصبح المال عندي كالتراب والبحص!
وعقب الولد الأوسط فقال : إنها فرصة أيها الرجال ، لننتهي من الإهمال والإذلال ، فأنا أحلم بصفقة الهاتف النقال ! أو بعمولة صفقة أجبان ، أو رخصة لتهـــريب الدخان !
وجاء دور الولد الصغير ليدلي برأيه فقال :
ـ أتذكرون رواية " صمت البحر " لفيركور ؟
الصمت نعمة على رؤوس الصامتين ، لا يراها غير المتكلمين . ولم يختر أجدادنا الخرَس ، إلا بسبب الخوف من المخابرات والعَسَس . فلو خرقنا قانون الصمت الموروث عن الأسلاف ، فسنعيش كالدجاج والخراف . سيصبح لكل أورانغوتان إضبارة عند الشرطة ، وإنها ورطة أي ورطة ! لن نعبر بعدها الحدود إلا بجواز سفر وتأشيرة ، وهُويّة فيها الإســم واللقب والعشيرة .
ولو حصلنا ـ لا سَمَحَ الله ـ على الجنسية في دولة عربيــة ، فسنعامَـل مثل المواطنين بالسويّة ، وهنا تكمن البليّة . الســجن من أمامكم ، والمخفر من ورائكم ، وليس لكم والله إلا الصبر على بلواكم !
ثم إننا نعيش الآن بدون استفتاءات ولا مسيرات شعبية ، وليس لدينا أحكام عرفية ، ولا محاكم استثنائية . فإذا قبلنا الإنضمام إلى البشر ، فهذا خطر على الحرية أيّ خطر !
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. شوفوا عمرو يوسف عمل النطة في فيلم -شقو- من الدور الخامس كام
.. محامي ترامب السابق -مايكل كوهين- يعترف بـ-الكذب- نيابة عنه ف
.. أحمد عز يقترب من انتهاء تصوير فيلم -فرقة الموت- ويدخل غرف ال
.. كلمة أخيرة - الروايات التاريخية هل لازم تعرض التاريخ بدقة؟..
.. تفاعلكم الحلقة كاملة | حوار مع الكاتب السعودي أسامة المسلم و