الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مبدأ تطوير الأهداف

خيزران عثمان

2007 / 11 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


أعجب لعدد من المتخصصين في السياسة وفي العلوم الستراتيجيّة .
لأنهم يتناولون تحليل الظواهر والعلل السياسية والإجتماعيّة والإقتصاديّة من منظور ومن زوايا ظاهرها الإرتكاز على المباديء العلمية أما باطنها فلا يعلم به إلاّ الراسخون في العلم..
تابعت ندوة تلفزيونية عن الوضع السياسي العراقي وهو ماليء الدنيا وشاغل الناس مع الإعتذار لعملاق الشعر المتنبي الخالد..
يقول أحد المحاضرين المتخصصين وأحد الأكاديميين المعروفين أمام جمهرة من الشخصيات والقادة السياسيين أن أمريكا وقعت في خطأ وهو إسقاط تحليلات وعناصر في الواقع السياسي لبلدان أخرى على الواقع السياسي العراقي واسترسل في تمييز الواقع الإثني العراقي عن مثيله في البلدان التي حصلت فيها صراعات إثنيّة أخرى
والحقيقة أن الأمر برأيي ليس كذلك أبدا إذ أن الولايات المتحدة ليست من السذاجة الستراتيجيّة والسياسية بحيث تقع في مثل هذا الخطأ
إن الأمر يتعلق بمبدأ مهم في العلوم الستراتيجيّة والتخطيطيّة وهو مبدا تطوير الأهداف فلو ضربنا مثلا لذلك قائدا عسكريا في ساحة القتال وهو يعمل على تحقيق أهداف محددة واضحة فعندما يجد نفسه قد اقتحم المعركة وحقق كامل أهدافه المرسومة دون أن يُعطي خسائر تُذكر وأنه ما زال يحتفظ بقدراته الأساسّية دون أن يفقد منها شيئا مهما ووجد أن المعركة قد فتحت له أهدافا أخرى إضافيّة سهلة المنال وممكنة التحقيق دون أي احتمال بأن تكلفه أية خسائر جديّة فإنه بالتأكيد سينطلق إلى تلك الأهداف الإضافية بعد أن يدرسها جيدا وإن لم تكن لها أهمية من حيث الخطة العامّة فإنها ولا شك وعلى أقل تقدير ستكون عناصر مساومة في الزمن اللاحق وهذا يُسمّى بتطوير الأهداف
هذا ما فعله القادة السياسيون الأميركيون والقادة العسكريون معا فعندما استطاعوا أن يُنجزوا الأهداف العسكرية في احتلال بغداد وإسقاط النظام السياسي العراقي بدا أن أهدافا لاحقة أصبحت مكشوفة وممكنة التحقيق مثل تجزئة القوة المضادّة أو المحتملةوالعمل على شرذمة أية معارضة حسب مبدأ (Divide & Rule )وقد كان من الممكن جدا العمل على ذلك في ظل عدم وجود قوى سياسية فاعلة أو منظّمة حيث عمل النظام السياسي العراقي البائد على تحطيم كل المكونات السياسية والشخصيات القياديّة والأحزاب والمنظمات الشعبية ومحق كل تنظيم مهما كان شكله بل أن التجمعات العامة كانت مثار تخوّف مريع
إن متطلبات العمل على حل مشكلة الشرق الأوسط الأساسية وهي متلازمة إسرائيل ـ العرب استلزمت بعد لقاء عرفات كلنتون باراك توجيه ضغط أكبر على الجانب العربي لتعاظم الإعتقاد الغربي بإمكانية دفع مخرجاته باتجاه قبول العرب بنقديم تنازلات إضافية بعد أن وصلت الأمور إلى المسجد الأقصى!
هناك مبدا في الهندسة والفيزياء يتعلق بظاهرة الإستمرارية إذ أن الطاقة الحراريةأو الكهربائيةمثلا يمكن تحويلها إلى حركيّة وفق حسابات تعتمد على مقادير كل من المدخلات والمخرجات ولكن ما إن تدور العجلة الحركيّة فإن انقطاع الطاقة المتحولة والتي هي هنا مثلا طاقة حرارية أو كهربائيّة لن يوقف العجلة عن الدوران مباشرةًبل أن ظاهرة الإستمراريّة أو القصور الذاتي ستفعل على استمرار العجلة على الدوران لفترة من الزمن أو لمسافة محددة إضافيّة
هذا ما يحصل بالضبط وهو قريب من عبارة تربو الشائعة هذه الأيام في كل مجال من الداينمك إلى العلوم الصرفة وعلوم الحاسبات وسواهاحيث أصبحت عبارة من الأدب العلمي
الإستمراريّة التي توفر طاقة وقدرة على تطوير الأهداف بخلاف حسابات القوى الدافعة الأساسية
إنه ليس إسقاط لظواهر حاصلة في بلدان أخرى على الواقع العراقي بل هو تطوير للأهداف بعد انفتاح أهداف أخرى أصبحت مكشوفة بعد تحقيق الأهداف الرئيسة
وللعلم نقول إن العلوم السياسية لم تعد فكرا محضا نظريا بل تأثر في القرن الماضي كثيرا بالعلوم الستراتيجيّة والعسكريّة بل أن لفظ ستراتيج هو مستعار أصلا من العلوم العسكرية
كما أن هناك فروقا كبيرة جدا بين العلم الأساسي والعلم التطبيقي فعلوم الهندسة تختلف عن الفيزياء وعلم الأحياء يختلف عن الطب إذ أن العلوم التطبيقيّة تجتمع على عوامل أخرى إضافيّة منها الخبرة العملية والتجربة المتعددة وفنون تتعلق بمواهب شخصيّة ومهارات وهذا يجعلها تختلف عن العلوم الأساسية ولهذا فإن ما يقابل العمل العسكري هو العمل الدبلوماسي وليس السياسي بسبب كون الدبلوماسيّة هي فن تحقيق الأهداف دون احتراب وصراع مسلح ولا ينطوي أمرها على جوانب تاريخية صريحة ولا علميّة ولا سوى ذلك ولكن السياسة كعلم لا تعتني باتخاذ قرار من أي نوع بل هي تحلل ما حصل وتحاول تبيان الأسباب والعوامل التي لعبت دورا في هذه الظاهرة أو تلك إنها علم !
إنني أود في معرض توسيع شرح ما أهدف إليه أن أضيف المنطلق النظري التالي مع الإعتذار عن الإطالة:
ففي الدبلوماسية و السياسة؛
يعبر بعض المهتمين بتعريف المفاهيم السياسية و الفلسفية عن الدبلوماسية على أنها فن إدارة الصراعات بالوسائل غير المسلحة .
و يعتبر الإستراتيجيون أن السياسة هي فن الممكنات
و السياسة متعلقة بشكل عميق بتحديد الأهداف و بلورتها و تنمية الموارد و تحديد الوسائل اللازمة لتحقيقها حاضرا و مستقبلا و هي من هنا مرتبطة بالمدى الزمني و بالنتيجة بالتاريخ و التخطيط و علوم الإستراتيجيات المرحلية و بعيدة المدى
وعندما يتقابل المتصارعون لا يهمهم عادة لا الزمن ولا الأهداف بل تكون عادة في خلفية الصراع و ينطلقون من الزمن القائم و الآني كما في الحروب و حل الأزمات و عقد الإتفاقيات والصفقات والمساومات و يكون الأمر متعلقا فقط بما يتقبله أحد الأطراف أو لا يتقبله و لا شيء آخر.
ولكن عندما يحصل حوار أو لقاء لتقريب وجهات النظر أو للتفاهم فإنه من المناسب الخوض بالأهداف و مناقشة الوسائل و العوامل و منها التاريخ و الرجوع إلى كيفية نشوء الأزمة ..الخ
و لا يكون اتباع الدبلوماسية ووسائلها أمرا محبذا و مرغوبا لأنه لا يخدم تقريب وجهات النظر بل بيقي الأطراف المختلفة في حالة مواجهة،و لهذا نجد في الأمم المتحدة مثلا قاعتان لمجلس الأمن إحداهما صفراء للمناقشات و الحوار وإبداء الرأي والأخرى زرقاء لاتخاذ القرارات و إبرام التوجيهات و الأوامر بما ينتج عن تفاعلات الدول الكبرى فيما بينها .
وهكذا فإن الخلط بين هذه و تلك يضر بعامل الزمن
في السياسة الأمر كما في ركوب قطار الأنفاق ألسنا نقطع تذكرة إلى محطة محددة؟و خلافه لا يستطيع المرء أن يقضي يومه داخل الأنفاق دون أن يعرف و يحدد المحطة التي يريد الوصول إليها هذا من مواضيع السياسة و التخطيط و لكن أي البدائل يختار عندما يواجه كون الطريق مسدودا عند الذهاب للعمل؟عليه أن يقبل بما هو متوفرله و بسرعة ، و لو علم أن المرور سيتفاقم فإنه قد يغير تدابيره و العكس صحيح أي عندما يتعلق الأمر بالزمن يكون الحل متعلق بالسياسة و أهداف الدبلوماسي أنية لحل الأزمة و تبقى الأهداف السياسية في أرضية عقيدته و لكن السياسي مرتبط بالفكر و العقيدة و عمله أبعد مدى و يلزمه تبادل التأثير مع الدبلوماسية
و الأمر شبيه بما بين الهندسة و التخطيط أو مابين العلوم الصرفة و التكنولوجيا و ما بين الفن التشكيلي و العمارة و هكذا.
لذلك كله أقول أن القوة الأمريكيّة لم تقع في خطأ تقدير من هذه الناحية أبدا بل أملتها ظروف المنازلة ونتائجها وفعاليات الأهداف المتاحة ومبدأ تطوير الأهداف الميداني.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تشاد: انتخابات رئاسية في البلاد بعد ثلاث سنوات من استيلاء ال


.. تسجيل صوتي مسرّب قد يورط ترامب في قضية -شراء الصمت- | #سوشال




.. غارة إسرائيلية على رفح جنوبي غزة


.. 4 شهداء بينهم طفلان في قصف إسرائيلي لمنز عائلة أبو لبدة في ح




.. عاجل| الجيش الإسرائيلي يدعو سكان رفح إلى الإخلاء الفوري إلى