الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حكايا من مدينة كلكامش - الحلقة الثانية

نجم عذوف

2003 / 11 / 12
الادب والفن


حينما تذرف الشموع دموعها بصمت ... نرقبها باعين لاتفهم لغة الذوبان .. نحسها مبتهجه لانها تمنحنا ضوءا ...... !!!
أيمان ... لماذا هذا الصمت في اعين الدموع الباكية .. وكيف لي ان امسح الدمع عن وجنتيها .... ليس لي غير ان اسرد لك يا سيدتي هذه الحكايا .. لعلها تجفف شيئا من الدمع وتسترجع شيئا من الحلم . كيف يرحل الاحبه بصمت من دون وداع ... كيف يكونوا مجرد كلمات نكتبها في خواطر الذاكره.. المدينة تكبر .. تنمو .. تتالق .. كصبايا بلغن الحلم ... مشطت شعرها الجميل بذكريات اكثر جمالا من بريق الشمس... ولون الخضره ورائحة البساتين .
ايمان .. ايتها المعشوقه الجميلة .. ايتها الكائن السماوي .. ضحكاتك تذكرني ب( ساقية الامامي) ومحطة القطار .. وبستان( ال حاج يونس ) ... ساروي لك حكاية الجمال السومري ....
كم كان مديرنا قاسي جدا حينما كنا صبية صغار في الابتدائية ( جواد ال عجزان ) هكذا كان اسمه حينما كنا نذهب الى المدرسه صباحا ونقف في ساحة المدرسه ترتعد فرائصنا مرة من البرد واخرى من مديرنا .. ونحن نقراء نشيد العلم ( عش هكذا في علو ايها العلم) نصرخ باعلى اصواتنا خوفا ان يمر المدير ولايسمعنا نقراء فتكون العصا هي القرار الحاسم ...
كنا نطلق اسماء لكل معلمينا اسماء ممزوجة بالضحك البرئ ... احدثك يا ايمان عن معلم الرياض
(محمد كاندو) مرات كثيره كان يقول لنا اجمعوا نقودا لكي اشتري لكم كره قدم تلعبون بها في ساحة المدرسه كنا نسميها هذه الكره ( جوب وجلد) نجمع النقود ولا تاتي الكره الينا ... لم نكتشف لماذا؟ علمت ياسيدتي بعد سنين طويله .. حينما اصبح محمد كاندو صديقي جمعتنا القصائد لانه كان شاعر شعبي , انه كان يجمع النقود منا لكي يذهب الى نادي المعلمين ليلا ويحتسي الجعه بها .. ربما كان يحدث الاخرين بذلك , لكننا ننام في امل الصباح متفكرين في هذه الكره ... واخيبتاه ...
ايمان انني الان اضحك حينما اتذكر كيف كانت حقائبنا المدرسيه مملؤة بالخبز والتمر .. انني الان امارس نفس اللعبة بعد طول هذه السنوات ... كنا فيما بعضنا نسرق بعض الماكولات الدسمه من بعض التلاميذ لانهم يجلبون في حقائبهم اكلات تدلل على الثراء والابهه.
كنا ننمو ... وننمو .. وتنمو معنا التطلعات ... كبرنا وحلمنا ... وجاءت مرحلة النضوج والتطلع .. والمدينة تنظر الينا بصمت الام التي تنظر الى ولديها وهو يكبر يوما بعد يوم .. فكانت لنا صولات في مجالسناوحواراتنا , الشعر والادب شاغلنا وهمنا ... العبثيه التي بنت ظلالها علينا ... كانت محطتنا التي نلتقي بها نتخاصم من غير خصام ( كازينو ابو سعود) , كيف احدثك عن هذا الرجـــل
يا (ايمان) كانت اشبه بالبيت والملاذ الذي نستريح به كانت اشبه بالمنبر لنا ... منبر حر ... منبر
لكل ارهاصاتنا وطروحاتنا ... نحن يا ايمان .. لنا عالمنا الخاص في هذه المدينة الترابيه مدينة
الحرف والكتابه ... نحن .. خالد المعالي , حسن الحبوبي , سعد سباهي , اسماعيل ناجي الصفار ,
سعيد , رجاء , علي حميد ابو طيور, كانت لنا عوالم خاصه بنا وطقوس ... وحتى اصدقائنا المسرحيون ... هم ضمن هذه الدائره .. ناجي كاشي , فيصل جابر عوض , فاضل صبار , كاظم وروار , كلهم يا صديقتي الجميله فضاء يسرح في عالم الحلم الجميل .. كان خصامنا اشبه بقداس يومي .. يرمي معطفه علينا .. يدثرنا من البرد.. كنا دائما مكتبه متنقله .. حقائبنا التي كانت مملؤة بالخبز الان مملؤة بالكتب , خصامنا الذي كان على اللاشيء , اصبح الان على قصيده او رؤية
تطرح لاحدنا , كان لنا اساتذه شعراء هم اصدقاء , هم معنا في كل اشيائنا ... يحيى السماوي و
يحيى صاحب الزعيري و .... و ......
كانت قصائدنا تتصارع فيما بينها .... ترتوي من حب المدينه , تتصارع مع ذاتها ... مرة كتب
خالد المعالي ..( الفندق العطشان يرتوي بالماء) ... كان خالد المعالي كائن خرافي جاء من الريف
يحمل معه طقوس الريف بكل ما تعني ... وسعد سباهي الذي يقول ( كفاك من زمن الترحال ترحال
..... ومن دروب الهوى والعشق تجوال ) تشمين بقصائده عبق المتنبي والجواهري .. كان يحيى السماوي استاذنا الشفاف بشكله الجميل وقصائده التي تاتيك بالحلم ( بدراهمي جئت .. بدراهمي ..
حتى تجرأت .. لي كبرياء لن احطمها .. حتى اذا انت تحطمت ) كنا مزيج ما بين الفرات والصحراء يا سيدتي .. كنا نعشق اللامالوف .. التمرد .. التشرد .. الغربه .. كنا نمارس الغربه على اعتاب الوطن .. فكيف ونحن الان في احضان الغربه وبعيدين عن الوطن الحلم الجميل ...
ترى يا ( ايمان ) من الاحياء منهم ومن الاموات .... ترى هل يذكروني ..... انا اعلم ان الحبوبي قد
توفى ونحن هناك ... رحم الله حسن الحبوبي .. هذه وقفة استذكار اولى .. عن هذه المدينة الجميل
وعن ذكريات اجمل .. تنام بدفء على ضفاف الفرات .. وساحدثك يا جميلتي .. عن ذكريات اخرى
وعن عوالم اخرى في مدينة كلكامش , عن اناس لم يغلقو ابوابهم قط .. عن ديوان مفتوح الابواب
عن عشاق .... عن ناظم السماوي ووداعه ( ودعة السماوه بليل..... وهزني الشوك بالحسره...
اسافر لاصديج وياي بس جدمي النكل صبره ) عن كل ليالي المدينة وسمارها ونخيلها وشواطئها
ايمان حبيبتي ساكتب لك عن كل شيء .. في هذه المدينة افتحي دفترك وسجلي ... فها انا قادم اليك مرة اخرى وكم رائعة ان يقول سعدي يوسف ( توهمت .. اوهمت ... نخل السماوة ام نخل السموات ) ... موعدي معك في لقاء اخر ونخل السماوة يتحدث ولكن ماذا يقول ( نخل السماوة
يكول .. طرتني سمره ) ..
في الحلقه القادمة نفتح نافذة اخرى لهذه المدينة يا سيدتي ......
 
 
نجـــم عـــذوف
النــرويـــــــــــج 
 








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفنان محمد التاجى يتعرض لأزمة صحية ما القصة؟


.. موريتانيا.. جدل حول أنماط جديدة من الغناء والموسيقى في البلا




.. جدل في موريتانيا حول أنماط جديدة من الغناء والموسيقى في البل


.. أون سيت - لقاء مع أبطال فيلم -عالماشي- في العرض الخاص بالفيل




.. الطفل آدم أبهرنا بصوته في الفرنساوي?? شاطر في التمثيل والدرا