الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


البعث هل هو وباء حقاً؟

سلطان الرفاعي

2007 / 11 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


((وان كثرة المقالات التي تهاجمه وتكسر حراب العدوان عليه, لهو الشهادة له التي تغني عن كثير من الأخذ والرد)) .. سأبدأ بمقولتك هذه ، والمؤلم في دفاعك هذا ، هو أنك ، تعرف لماذا تتكسر النصال على صخرة البعث المجيدة ؟! وردنا عليك ، يا سيدي لن يكون متكافئاً ، لما تتمتع به من قوة حجة (أمنية) . وأنا لا اتهمك أبداً ، ولكن أقصد أنك تستند الى صخرة أمنية قوية ، تُعطيك دفعاً قويا في المحاججة والنقاش ، على عكس وضعنا المزري ، والذي ، يدفعنا الى المواربة واللف والدوران ، من أجل ايصال بعض أفكارنا ، في أقل ضرر ممكن . سأخبرك شعراً نثراً مواربةً لفاً دوراناً ، لما تتكسر النصال على صخرة البعث المجيدة :
-لسجون تدمر وعدرا وصيدنايا وزنزانات الأمن مهابة كبيرة باعتبارها مؤسسات لتربية آلاف المواطنين السوريين .
-ورب الأسرة بدلاً من أن يعود إلى بيته في المساء ، يؤخذ الى زنزانات تناسب الجرذان ، ولكنها مكان سيئ للمواطنين .
-لم تكن عمليات القمع تنظر الى البشر ، وإنما الى المادة البشرية ، والمادة البشرية يا صديقي ليس لها شخصية أو روح .
أكتفي يا سيد يوسف بهذه الحجج الفكرية الفلسفية العلمية ، والتي تتكسر على قوة حجتها ، لا النصال فقط ، بل الرؤوس أيضاً .
تقول أيضا لا فض فوك ولا مات ابوك ولا سُجن اخوك : ((لأن المنطق إما أن يكون سليما أو أنه ليس منطقا على الإطلاق..)) .
هنا منطق سليم جدا ، منطق الحوار والنقاش واحترام رأي الآخر ، ولو داخل الزنزانة ------.
وحتى أوفر عليك عناء الرد وكيل الاتهامات ، أُنبئك ، بأنني أعتبر صدام من الطغاة الكبار ، وأعشق الآب والابن والروح القدس .
وليس هناك أحد يدفع لي ، على العكس أدفع من جيبي ، وأدافع من قناعتي عن وطني ورئيسي رمز بلادي . وأؤمن أن الراحل ، قد دافع عن المسيحيين ، بوجه نصابي الحركة الوطنية اللبنانية ، وحرامية القضية الفلسطينية . هكذا نكون جنبناك بعض الاحراج ، في كيل الاتهامات الجاهزة ، لكل مخالف في الرأي والفكر .
أرى يا سيدي في بداية اسمك حرف الدال ، ويعني هذا أنك حصلت على شهادة علمية ، درست وسهرت الليالي ، وكانت النتيجة نجاحك وحصولك على تلك الشهادة ، وأرجوا أن لا تكون مثل الشهادات البعثية الأخرى ؟ المهم حصدت نتيجة عملك ، خلال بضعة سنين . وسؤالنا لك ، ولكل البعثيين ، ماذا حصدت سوريا ، نتيجة ، فكركم ودراساتكم وعقيدتكم ونضالكم وقيادتكم وكفاحكم ؟
هنا السؤال الذي يجب أن يُحاكم البعث عنه ؟ نصف قرن من قيادة المجتمع والدولة ؟!نصف قرن من التنظير والتعتير والتكدير والقمع الكثير؟! نصف قرن من التخلف والفقر والألم والجوع ؟! نصف قرن من الفساد والرشاوى والتخريب والتدمير ؟!
تقول لا فُض فوك ولا مات ابوك ولا سُجن اخوك : ((هل يعقل أو يصدق عقل, أن كل البعثيين يتمتعون بشخصية وتركيبة نفسية واحدة؟ )) . نعم الكل يحمل نفس الفكر القمعي ، ولدي عدة تجارب ، مع عدد كبير من البعثيين ، وأحدهم استاذ جامعي ، يعتقد ، أن السيد علي دوبا ، قد ولاه ، مدينة دمشق قبل تنازله عن عرشها . وتراه يتكلم ، وغيره ، من البعثيين ، من منطلق ، أنهم يملكون الوطن بطابو أخضر ، وهو ملكهم . وبقية الشعب ، عليهم أن يقروا بذلك ، والا فإن الحجج التي تتكسر على صخرتها الأنصال موجودة ، ولا يستحي أحدهم من التهديد بالأمن والويل والثبور . فقط هم من يملكون الحس الوطني ، وبناء على هذا الحس ، يحق لهم ، السلب والنهب والشفط ! وتخوين الجميع .
-قلت: هل تعتقد أن البعث يستطيع إصلاح نفسه؟ وهل يستقيم الجسد بعد الشيخوخة؟ وهل يعود البصر إلى قوته عند الكهل؟
-قال: هناك من امتطى الحزب !! للحقيقة صدمني جوابه، فبعد أن تحدث عن المعارضة واصفا إياها بمعارضة أبو الزلف، والمعارضة المبعثرة، المشوشة، يقول أن هناك من امتطى حزب البعث!!!-------
ماذا يعني أن هناك من امتطى حزب البعث؟ في البديهيات مثل هذا القول يعني: وجود طرفين أحدهم قوي يستطيع الامتطاء والآخر ضعيف هش يعرف حقيقة واقعه ويقبل بالامتطاء. طرف يعرف أن الطرف الآخر فيه كم كبير من العاهات والأخطاء والانحناءات، في تكوينه، إضافة إلى ضعف في بنيته، وحالة من العجز تجعله غير قادر على السير وحيدا، أي دون من يقوده ويمتطيه. وطرف يعرف حقيقة حجمه، وضعف قامته، وهشاشة بنينه، ويعرف أن الزمن قد تجاوز كل ديكوره فأحنى رأسه وظهره وقبل بأن يمتطيه أحد ما، ويقوده إلى المراعي السورية الغنية، فهو في النهاية سيصل إلى الخيرات، سواء منتصب القامة كما يقول( مرسيل خليفة) أو منحني الظهر يغني مع (هيفاء وهبة): رجب حوش صاحبك عني ده ح يعورني؟
ماذا فعل البعث خلال هذا النصف أرن (قرن) :
على المستوى المعيشي الحياتي :
قصة المواطن السوري وما عاناه تحت قيادة البعث .
عندما سأل المواطن السوري : كيف مات أشقاءه ؟ قيل له: شقيقين ماتا في حفرة نسيتها إحدى البلديات بسبب الفوضى والفساد وضرورة أن يكون رئيس البلدية بعثي!. وليس مهما فيما إذا كان مؤهلا أو غير مؤهل. المهم أن يحظى بثقة الأمن، ومستعد لدفع المعلوم والمجهول.
وعندما سأل عن شقيقيه الآخرين، قيل له: في ليلة ماطرة، من شتاء عاصف، خرجت أمه لتشتري مزيدا من الشموع بعد انقطاع الكهرباء، وعلى ضوء شمعتين صغيرتين، احترق الشقيقين الصغيرين، وتم الشواء الآدمي، ولم نسمع وقتها أنهم شنقوا وزير الكهرباء أو حتى المُحصل.
مسكين المواطن السوري في ظل البعث ، يوم سأل عن شقيقته، لم يجبه أحد، لم يقل له أحد، أنها اتجهت إلى مدينة أخرى، بعد أن قرفت من فقرها وحياتها، وامتهنت أقدم مهنة في التاريخ.
المواطن المسكين، كان يركض وراء الرغيف والرغيف يركض أمامه. كان يقبل أن ينحشر في المكرو ويجلس على أرض المكرو ليصل إلى عمله، ولم يكن يستطيع أن يرى السيارات الفاخرة التي تقل أبناء الآلهة إلى أعمالهم فهم أيضا يعملون.(وقل اعملوا فسيرى الله وإبليس أعمالكم).
المواطن في ظل البعث يحمل كيسه الخام ويركض في الشوارع القذرة التي ملأتها القمامة والحفر ، إلى المؤسسة منتظرا توزيع السكر والرز المغشوش، ويقبل أن يقولوا له تعال غدا، لأن ليس لديه بديل ولا وكيل، وهو المعيل.
بعد أن خدم في الدولة سنين طويلة وأضناه المرض والشيخوخة، يقف مثل الكلب(أجلكم الله) حتى يحصل على معاشه ألتقاعدي. في البرد والحر. تحت المطر وتحت الشمس الحارقة.
ليس المواطن وحده من يلعن السماء والأرض (في السر طبعا) فأمه أيضا ،تلعن السماء والأرض والكون والكرة الأرضية. فهي لا تستطيع شراء المازوت، من أجل تدفئة أطفالها، الذين يتحلقون حول مدفأة كهر بائية، ذات وشيعة واحدة. ولكن عندما تنقطع الكهرباء كل يوم الساعة السادسة مساءَ، تبدأ أم المواطن السوري والمواطن معها ، في لعن الساعة التي ولدوا فيها(كله في السر).
هذا المواطن السوري لا يعلم أن انقطاع الكهرباء، الذي أودى سابقا بشقيقيه، واليوم سيقضي الروماتزم على قلوب وأعضاء البقية من أشقائه. لا يعلم أن انقطاع الكهرباء هو لتعويض الخسارة في حمل الشبكة (الفنيين يعلمون ما أقصد) لتبقى تغذية السارقين مستمرة على المزارع والمسابح المدفأة بالكهرباء. وماذا يعني إذا مات أشقاء هذا المواطن ، أو أُصيبوا بالروماتزم في قلبهم، مقابل أن يصل الرفيق أبو فلان إلى مزرعته، والماء في المسبح غير دافئ؟ هي وقاحة ما بعدها وقاحة من هذا المواطن وأمه.
هل تريد أن تعرف يا يوسف كيف مات هذا المواطن ، أم الأمر سيان لديك ؟ .وهل لديك صخور تتحمل مأساة مواطن سوري في ظل البعث ، خلال النصف أرن من القيادة الرشييدة الحكيمة لهذا الجزب الفظيع ؟
هذا الحزب يا سيد يوسف ، انتهى تاريخه ،(بطلت موضته ) ، مثله مثل موضة الشارلستون ، والسوالف العريضة .
هذا الحزب أصبح ضرره أكثر من نفعه. والجميع يريد أن ينسحب ويهرب ، ولكن بأقل قدر من الخسائر، ولو أن قرارا من القيادة القطرية ، يصدر، ويسمح فيه ، لكل من يريد الانسحاب بأن يُقدم طلبا ، لما توقفت المطابع عن الطباعة مدة شهر.
هل حان الوقت لسماع صوت الشعب السوري؟ أم، أن هناك بقية خيرات على الرف السوري، وهي بحاجة إلى من يكنسها ويضعها بجيبه المثقوبة. من تهُن عليه نفسه تهون عليه محبة الأوطان، وأولئك اللصوص ، الذين فتح باب مغارتهم عبد الحليم خدام. وبدأوا يتساقطون الواحد تلو الآخر، وبدأت الفضائح تهل علينا، مذكرة برائحة النشادر في شارع مدحت باشا. باعوا شرفهم أولا، ثم باعوا ضميرهم، ثم كرامتهم. ولكن على من تقرأ مزاميرك يا داوود، فقلة الحياء والوقاحة أصبحت سمة كل مسئول عديم الضمير.
الإحساس بالمسؤولية، أصبحت سمة الشعب السوري بأكمله اليوم ، لأن القمع الأبدي الذي مارسه عليهم البعث، حفر في وجوههم أخاديد، لن يمحوها زمن ولا زمنان، بل هي بحاجة إلى جموع من الأزمنة. الشعب السوري. فقد حيويته، فقد كرامته، فقد عنفوانه، أحالوه على الحاويات، يمضي حياته، متلويا من الفقر والجوع والألم، ينظر إلى حيث تسكن آلة قمعه، فيرى القصور الفاخرة، والأحياء النضرة، والسيارات الخرافية. ويعود إلى حيه الفقير المحفور المتصدع، إلى غرفته المظلمة. لأن( ولسخرية القدر)الكهرباء لا تنقطع إلا عن أحياء الفقراء والمعوزين، لأن نور طهارتهم وبؤسهم كافيا، كما يقول رجال الدين المتحالفين مع رجال القمع والفساد.
الناس تموت من الجوع في عهد البعث الميمون . الشباب العاطل يسرح في الطرقات، الحمص والفول والفلافل، الأغذية التي لا بديل عنها، ولا وجود لغيرها. الأنيميا تغزو الثغور الشامية، والحمصية والحلبية. قال أحدهم يصف الحالة التي وصلت اليها البلاد في ظل البعث : قريبا سنبدأ بتشكيل عصابات للسرقة والنهب، فالعصابات عندكم ليست أفضل منا. سنسرق ونقتل ونسبي وننهب، من أجل إطعام أطفالنا، وسترة بناتنا. لقد طفح الكيل. ونحن سمعنا عن حجم السرقات التي سطت عليها عصابات المافيا الكبيرة عندكم.
ولن يهتم أحد بعد اليوم لا باسمه ولا بسمعته. فلديكم لصوص من الوزراء ورؤساء الوزراء والضباط القادة والأمراء، وأعضاء قيادة قطرية وقومية وتكويمية(قطرية وقومية وشوية فهلوة ) .
إحساس الشعب السوري في عهد البعث ، مات ولم يبك عليه أحد، دُفن مع نفايات أولاد خدام، ومروا بنعشه من شارع أولاد كنعان، وغسلوه أولاد الميرو، وألبسوه أولاد الزعبي، وصلى عليه المفتي صهيب. وعلى أنغام علي الديك فاضت روحه الطاهرة، وسرت في الخلاء مع خطوط سيرتل.
طبعا هناك الكثير من أولاد الأفاعي، من من ساهموا بحفر قبره وطمره وحرقه وذر رماده. ولكنني مثلي مثل أعضاء مجلس الشعب، لن أذكر إلا الأموات، والخارجين عن الطاعة، ومن يأتي اسمه، ويُطلب شتمه.
يا سيد يوسف ، لم أتحدث ، عن الفساد ، في الجامعات ، وفي القضاء ، المعقلين الحصينين ، واللذين تم تحويلهما بفضل البعث ، الى سواتر ترابية ؟! هناك مجلدات ومجلدات على ما قام به البعث في سوريا ، وحتى أكون واقعيا ، لا يحق لي أن أنكر ، وجود الشرفاء داخل هذا الحزب ، البعثيون الشرفاء ، والمعول عليهم اليوم ، السير في الخط الإصلاحي الذي نادى به رمز الوطن ، الرئيس العلماني الشاب .
وجدت سوريا نفسها أمام أصعب مأزق في تاريخها ، بأن تختار الشر مع الأمل -البعث- أو الشر بدون أمل -الاخوان المسلمين- . هكذا بدا الأمر ، ولكن ذلك كان وهماً فقط ، فالاثنين كانا شراً ، والاثنين بلا أمل .
كما قلنا الجعبة ممتلئة وننتظر ....
دمشق
20-11-2007









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سائق يلتقط مشهدًا مخيفًا لإعصار مدمر يتحرك بالقرب منه بأمريك


.. إسرائيل -مستعدة- لتأجيل اجتياح رفح بحال التوصل -لاتفاق أسرى-




.. محمود عباس يطالب بوقف القتال وتزويد غزة بالمساعدات| #عاجل


.. ماكرون يدعو إلى نقاش حول الدفاع الأوروبي يشمل السلاح النووي




.. مسؤولون في الخارجية الأميركية يشككون في انتهاك إسرائيل للقان