الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بربريّة اللاّ تخصُّص في الدراما السوريّة

هيثم حسين

2007 / 11 / 22
الصحافة والاعلام


انتهى موسمُ التلفزيون الرمضانيّ، حيث يكثر الحديث كلّ يوم، عن المسلسلات التلفزيونيّة، التي استقطبت وتستقطب الملايين من المشاهدين العرب، على امتداد الدول العربيّة، لكنّ الاكتشاف الأحدث على الساحة، وما يلفت النظر، هو أنّ الكثيرين من الممثّلين لم يعودوا يكتفون بأدوارهم في التمثيل فقط، بل بدؤوا يتجاوزون ذلك إلى الكتابة والإخراج والإنتاج، والإشراف العامّ، والرؤية الفنّيّة.. إلخ تلكم الأمور المتعلّقة بجوانب أخرى، فنّيّة وغير فنّيّة، وكلّ ذلك لإظهار الكمال والبراعة التي تُوهم صاحبها أنّه الكلّ، الكلّيّ الإبداع، المكتفي بذاته، ولا حاجة به إلى أيٍّ كان طلباً للتكامل، وتقديم النموذج الأفضل، إذ أنّ التخصّص لا قيمة له أو اعتبار، لأنّ هؤلاء الذين يقتحمون مجالات غيرهم، يُقحمَون فيها، إذ يستسهلونها، يبقون أسرى نجاح صغيرٍ تحقّق لهم، ربّما مصادفة في دور ثانويّ أو رئيسيّ، ليبنوا على أساس مضعضعٍ بناءً يفوق طاقته، فيكون البناء ذاك هشّاً، كهشاشة الظنّ الذي يتحوّل يقيناً بحكم إغلاق الأبواب في وجه الطاقات والقدرات الإبداعيّة الأخرى..
لا شكّ أنّ ذلك يعود في جوانب منه إلى احتكار الساحة الفنّيّة، كما غيرها من الاحتكارات المعروفة في سوريا، من قبل أناسٍ يتوارثون الامتيازات، ثمّ إغلاق كلّ طاقةٍ تُسرِّب ضوءاً ما لغير المرخَّص لهم، لا لشيء، فقط لأنّهم يتخالفون معهم في الرأي، ولأنّ سيادة الرأي الأوحد تغلّف الدراما كما غيرها، وكلّ محاولة جديدة تُقابَل برفضٍ وإلغاءٍ وتهميش.. حتّى أنّ المواطن السوريّ بدأ يشكّ بطاقات أبنائه، لأنّه لا يرى غير عددٍ ضئيلٍ من الممثّلين يستأثرون بمعظم النتاج المعروض، ينالون على أثرها الشهرة والمال، لكنّ المواطن نفسه ليس غبيّاً أو ساذجاً، كما يُظنّ به، كي يُغافَل أو يُستغشَم، لأنّه يعرف القصّة من أوّلها إلى آخرها، فهذا الوسط، لا يختلف عن غيره من الأوساط الأخرى التي يكون الحكم الفصل فيها لغير المتخصّصين فيه، بل يُفرَض ما يجب أن يكون، ومَن يجب أن يكون.. فتأتي الأعمال المنتجة قِشريّة تلبّي رغائب صنّاعها، دون التفاتٍ إلى المشاهدين..
إن كان المثل يقول: ما لا يُدرك كلّه لا يُترك جلّه. فإنّنا نلاحظ، سوريّاً، أنّ ما يُدرك كلّه، يُترَك كلّه، لأنّ المَرْكزة والاحتكار والفَرْض، وكلّها من قتَلة الإبداع، لم تترك من هذا الكلّ إلاّ على أقلّ من القليل.. ليناقض الواقع السوريّ تنبّؤ الإسبانيّ خوسيه أورتيغا دي غاست، في حديثه عن بربريّة التخصُّص في كتابه "تمرّد الجماهير"، ليمارس اللاّ تخصّص بربريّةً أشدّ قسوة وإيلاماً في الدراما السوريّة، وفي الواقع السوريّ عموماً..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سوليفان في السعودية اليوم وفي إسرائيل غدا.. هل اقتربت الصفقة


.. مستشار الأمن القومي الأميركي يزور السعودية




.. حلمي النمنم: جماعة حسن البنا انتهت إلى الأبد| #حديث_العرب


.. بدء تسيير سفن مساعدات من قبرص إلى غزة بعد انطلاق الجسر الأمي




.. السعودية وإسرائيل.. نتنياهو يعرقل مسار التطبيع بسبب رفضه حل