الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لمثقف الجلاد

سعدون محسن ضمد

2007 / 11 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


ادائما وعلى مر التاريخ هناك معادلة مخجلة بين المثقف والسياسي. هذا ما تكلمنا وكتبنا عنه كثيراً. والسؤال المحرج بالنسبة لنا كمثقفين، هو: لماذا تكون المعادلة ـ دائماً ـ بهذا الشكل الفج. أقصد لماذا يكون المثقف هامشاً على متن السياسي؟
أعتقد بأن الجواب التبريري سيقول وبسرعة: لأن السياسي مستبد، وميال للعنف، ومغرق بالنرجسية. وأظن من جهة أخرى بأن الجواب الصريح سيقول: لا بل المثقف هو السلبي والمتهاون والميال للدعة والسلامة.
الأكيد أن هناك معادلة قوامها طرفان يتنافسان على التحكم بالقرار. وهناك من جهة أخرى قوانين تحكم هذا الصراع. عليه لا بد من أن يعمد الطرف الأضعف للبحث عن كيفية تغيير النتائج.
صحيح أن السياسي يمسك بقوة السلاح والمال، لكن هذا هو الحال دائماً فهل يجب أن تبقى المعادلة محكومة بهذا المنطق؟ ثم ألا توجد قوة لدى المثقف توازي وربما، تتفوق على قوة النار وتأثير المال؟
القضية باختصار هي أن المثقف سلبي ومهزوم وضعيف دائماً. وإلا فلماذا لا يظهر لدينا مثقف (جلاد) على طريقة السياسي الـ(جلاد) لماذا لا تنعكس معادلة الجلد بين السياسي والمثقف، خاصَّة في وضعنا العراقي الراهن. فالعراق مسيطر عليه من قبل السياسيين وكثير منهم ارتجاليون وانتهازيون وفاسدون. وليس من المنصف ولا من اللائق أن يبقى المثقف يراقب فقط، أو ينتقد بخجل أو خوف. وقوف المثقف عند حافَّة القلم تكريس لهزيمته.
أفكر دائماً بالمثقف الجلاد، ربما لأنني مصاب بنوع من أنواع النزعات العدوانية. وربما لأنني أشعر بالهزيمة لأنني لا أستطيع أن أفعل شيئاً لمن يقع على رؤوسهم وبال الفساد، من فقراء العراق وأطفال العراق ونساء العراق وشيوخ العراق.. الخ.
يوم أمس تفتقت غريزتي العدوانية عن فكرة برنامج تلفزيوني أسميته (المحكمة) البرنامج سيقلب المثقف العراقي الى جلاد. وفكرته باختصار كالتالي:
ديكور البرنامج يشبه المحكمة تماماً، المقدم يجلس كما القاضي والسياسي (المتهم بالفساد) يجلس كما المتهم، ثم تجري المحاكمة التي يعمل (المثقف) خلالها على محاصرة المتهم بالوثائق، ويترك المجال الكافي لهذا المتهم ليرد التهم عن نفسه. ثم ينتهي البرنامج بالحكم على المتهم بالبراءة أو بثبوت الذنب. بعد ذلك يستعرض المقدِّم لائحة بأسماء المطلوبين ممن توفرت بحقهم وثائق كافية.
فوائد مثل هذا البرنامج مهمة، فهو أولاً: يقطع الطريق على المزيد من الفساد، فمع (الفضيحة) التي يشكلها البرنامج لا يعود أمر العبث بمستقبل العراقيين متاحاً لهذه الدرجة، وثانياً: سيجبر ومن خلال لائحة الأسماء التي تستعرض بنهاية البرنامج جميع من يتهم بالفساد على الحضور أو يتحمل ثبوت التهمة بحقه. وثالثاً: سيحرك الضمير العراقي العام الذي أخذ ينسجم مع جرائم الفساد. ورابعاً: سيحرك الساكن من القضاء العراقي الذي يبدوا أن السياسي يمسك بخناقه بشكل مخجل.
لكن هناك مشكلتين تواجهان هذه (المحكمة) الأولى هي توفر المقدم، فمن يخاطر بفتح النار على (المجرمين)؟ والثانية هي القناة، فأي قناة تقبل بمثل هذه الحرب؟ لهذا السبب فالخيار الوحيد يتردد بين الشرقية والحرّة، فالمقدم بكلتيهما سيكون خارجا عن مدى (المسلحين) العراقيين، كما أن كلتا القناتين متمردة على المسؤولين، غير أن المشكلة مع الشرقية أنها ستحاكم المسؤولين الذين ينتمون لمكون واحد من مكونات العراق. أي أن المحكمة فيها ستكون غير عادلة، إذن الكرة متروكة بملعب قناة الحرة.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أول مناظرة في فرنسا بين الكتل الانتخابية الرئيسية في خضم حمل


.. وساطة إماراتية تنجح بتبادل 180 أسيرا بين موسكو وكييف




.. استطلاع: ارتفاع نسبة تأييد بايدن إلى 37% | #أميركا_اليوم


.. ترامب يطرح خطة سلام لأوكرانيا في حال فوزه بالانتخابات | #أمي




.. -أنت ترتكب إبادة-.. داعمون لغزة يطوقون مقر إقامة وزير الدفاع