الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


باقة ورد إلي الحوار المتمدن

عصام عبدالله

2007 / 11 / 23
ملف مفتوح : نحو مشاركة واسعة في تقييم وتقويم النشاط الفكري والإعلامي للحوار المتمدن في الذكرى السادسة لتأسيسه 9-12-2007


منذ نهاية القرن التاسع عشر، ومع ظهور «الصحافة» تحديدًا، بدأ ما يعرف بـ «تسريع الوقت الاجتماعي». وبين عامي 1870 - 1925 تم التوصل رسميًا إلى مستجدات بشرية جغرافية، في إطار ضبط النطاق الزمني للعالم، وإنشاء خط للمواعيد الدولية، والتبني العالمي للتقويم الجريجوري، وتأسيس شفرات تلغرافية وإشارية دولية، ومن هنا انتشر الوعي بالكونية بسرعة» .
بيد أن الصحافة أحدثت انقلابا في الحياة الاجتماعية بإشراكها مجتمعات متباعدة في الأحداث نفسها، وبنشرها في صورة استمرارية أخبار العالم، فشكلت بذلك وسيلة أولى «للتوحيد الزمني»- Synchronisation للعالم. «ففي مستهل عام 1918، أعلن فلاديمير لينين - Lenin أن الاتحاد السوفيتي الوليد، لا يعتبر حقًا عضوًا في المجتمع الدولي المتمدن، إلا إذا تبنى التقويم الجريجوري بينما في عام 1912، وفي اليوم الذي أعلنت فيه جمهورية الصين رسميًا، أعلن (صن يات صن) Sun-Yat-Sen زعيم الصين أن حكومته المؤقتة سوف تبذل قصارى جهدها نحو استكمال واجبات الأمة المتمدنة للحصول على هذه الحقوق» ثم ظهرت «الإذاعة» لتدخل وسائل الإعلام عصر «الحدث المباشر» أو «آنية الحدث»، ثم أكمل ظهور التليفزيون الدائرة، عن طريق البث المباشر للصورة، الذي سمح بنقل الحدث في «الزمن الحقيقي». وبدأ هذا الشكل الاتصالي تحولاً حاسمًا في مجال الإعلام، وحقق بالفعل هدف «الصحافة» الأساسي وهو «تسريع نقل الأحداث وربطها، وإشراك المجتمعات المتباينة والمتباعدة في نفس الأحداث». غير أن الصحافة قد حققت ما هو أكثر من ذلك، إذ أنها ظلت لعقود طويلة من الزمن ملجأ للمواطنين في وجه تجاوزات السلطات ضمن إطار ديمقراطي … وعرفت بـ «السلطة الرابعة»، وصوت الذين لا صوت لهم في وجه السلطات الثلاث التقليدية للدولة: السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية والسلطة القضائية.
ووفقًا لما يقوله «انياسيو رامونه» في مقالته «السلطة الخامسة» فإنه منذ ما يقرب من الخمسة عشر عامًا ومع تسارع وتيرة العولمة، أفرغت هذه «السلطة الرابعة» من مضمونها، وفقدت شيئًا فشيئًا وظيفتها الأساسية كسلطة مضادة. ومن يدرس عن كثب آليات العولمة ويلاحظ انطلاقة نوع جديد من الرأسمالية، أقل صناعية وأكثر مالية، قائم أساسًا على المضاربات. إذ نشهد في هذه المرحلة من العولمة مجابهة حادة بين السوق والدولة، بين القطاع الخاص والخدمات العامة، بين الفرد والمجتمع، بين الأنانية والتضامن الاجتماعي.
وباتت السلطة الفعلية بين أيدي طيف من المجموعات الاقتصادية الكونية والشركات المعولمة يزيد وزنها الاقتصادي أحيانًا على وزن بعض الدول والحكومات. هذه الشركات والمجموعات تلتقي سنويًا في «دافوس»ضمن إطار المنتدى الاقتصادي العالمي، وهي التي تملي على ثالوث العولمة سياسته: صندوق النقد الدولي، البنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية.
رافق ذلك - حسب رامونه - تحول حاسم في حقل الإعلام الجماهيري، طال بنيته الصناعية نفسها، فباتت وسائل الإعلام الواسعة الانتشار الآن من [محطات الإذاعة والصحافة المكتوبة وشبكات الإنترنت والتليفزيون والأقمار الصناعية] تتجمع أكثر فأكثر داخل مجموعات إعلامية ذات بعد عالمي.
إذ أن «الثورة الرقمية» كسرت الحدود بين أشكال الاتصال التقليدية الثلاثة أي: الكتابة (الصحافة) والصوت (الإذاعة) والصورة (التليفزيون)، وفتحت المجال أمام ظهور «الإنترنت» وهو الشكل الرابع من أشكال الاتصال حتى الآن، ووسيلة جديدة «ناجحة» للتعبير والاستعلام والبحث والترفيه.
ومنذ ذلك الحين والشركات الإعلامية تحاول أن تتشكل في «مجموعات» تضم وسائل الإعلام التقليدية (الصحافة، الإذاعة، التليفزيون) إضافة إلى كل النشاطات المرتبطة بما يمكن تسميته قطاعات الثقافة الجماهيرية والتواصل والإعلام.
لقد كانت هذه الدوائر الثلاث مستقلة الواحدة عن الأخرى فيما مضى: من جهة، الثقافة الجماهيرية ومنطقها التجاري وانتاجاتها الشعبية وأهدافها المتوخية للربح أساسًا. من جهة ثانية، الاتصال بمعناه الإعلاني والتسويقي والدعائي ومنطق الإقناع، وأخيرًا الإعلام مع وكالات الأنباء الجديدة ونشرات الأخبار الإذاعية والتليفزيونية والصحافة وشبكات الأخبار المتواصلة أي عالم الصحافة والصحافيين على تنوعه.
إن تداخل هذه الدوائر التي كانت مستقلة في الماضي، لتتحول شيئًا فشيئًا إلى دائرة واحدة عملاقة، يصعب التمييز داخلها بين ما هو ثقافة جماهيرية أو تواصل أو إعلام، يؤثر على ما هو وطني أو محلي لحساب ما هو كوني أو عالمي، إذ أن العولمة هي بالأساس عولمة وسائل الإعلام الجماهيرية ووسائل الاتصال والأخبار، وهو ما جعل وسائل الإعلام تتلاعب بالحياة السياسية بقدر ما تتلاعب السياسة بها، مما يقلب مفهوم «السلطة» ويجعلها على حد تعبير «جورج بالانديه» (خاضعة لتكنولوجيا المظاهر).
لذلك يسعى اليوم كل الأطراف داخل المجتمع (من أفراد ومراكز ضغط ومؤسسات غير حكومية ورجال أعمال وسياسيين معارضين) إلى امتلاك قواعد اللعبة، والاستفادة قدر الإمكان من سلطة الإعلام بامتلاك أسرار من الإعلام والاتصال، لأن المجتمع المعاصر لم يعد مجتمعًا إعلاميًا وإنما «موجهًا إعلاميًا» .
بيد ان ظهور " الحوار المتمدن " كان له شأو خاص إذ مكن المثقفين اليساريين والليبراليين ، والمعارضين والمهمشين والناشطين غير الحكوميين من التنافس مع المؤسسات الرسمية للدولة التقليدية في الهيمنة على المواضيع الساخنة، والتسابق في إبرازها أمام العالم عبر شبكة الانترنت ، ولأن أهدافهم الإنسانية لا ترتبط بمكان معين، فإن مسألة «السيادة» الإقليمية لم تعد ذات بال، لأن هذه الأهداف تتطلب سيادة من نوع آخر: هي امتلاك وسائل الإعلام عبر الفضاء والأقمار الصناعية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. النموذج الأولي لأودي -إي ترون جي تي- تحت المجهر | عالم السرع


.. صانعة المحتوى إيمان صبحي: أنا استخدم قناتي للتوعية الاجتماعي




.. #متداول ..للحظة فقدان سائقة السيطرة على شاحنة بعد نشر لقطات


.. مراسل الجزيرة: قوات الاحتلال الإسرائيلي تكثف غاراتها على مخي




.. -راحوا الغوالي يما-.. أم مصابة تودع نجليها الشهيدين في قطاع