الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من يوميات معلم مشاغب (6) !

نايف أبو عيشه

2007 / 11 / 26
الادب والفن


(6)
قرر زيارة بيت اهل الفتاة التي التقاها يوم انتقاله للمدرسة البعيدة , وكانت ترعى اغنامها عند مدخل القرية ,وقت ان سالها عن المدرسة , وعرف منها , ان ظروف اهلها قد اجبرتها على ترك المدرسة بعد مرض والدتها المفاجيء, وصار مطلوبا منها ان تهتم باشقائها الصغار وتجهز الطعام وتقوم باعمال البيت كلها وتساعد والدها في رعي الاغنام والاهتمام بها حينما يذهب للمدينة . استقبله والدها مرحبا ونظرات الدهشة والاستغراب بادية على ملامحه ,وفي قرارة نفسه تساءل عن سبب زيارة المعلم المفاجئة له في االبيت وظن للوهلة الاولى ان الامر متعلق باحد اولاده مع ان المدير وباقي المعلمين أشادوا مرارا باخلاقهم واجتهادهم . وعندما جلب احدهم القهوة للمعلم , رفض الاخير ان يشربها الا اذا استجاب الرجل لطلبه . فوجيء الرجل مرة اخرى وظن ان المعلم جاء يطلب يد ابنته لاحد اولاده . ولكن لو كان الامر كذلك لبعث المعلم واسطة مع احد الاهالي يساله عن الامر اولا وبعدها ياتي بنفسه, ولكن قبل ان تذهب به الظنون كثيرا . الح على ضيفه ان يشرب قهوته وان طلبه مستجاب مهما كان . فرح المعلم كثيرا لنخوة الرجل ولهجته المطمئنة, وشعر بالارتياح لان نصف مهمته تحققت بعد ان خمن صعوبة اقناعه بما جاء من اجله .وبدا يخبره عن الكثير من القصص والتجارب التي عرفها طيلة حياته وخلال سنوات التعليم الطويلة حول اهمية تعليم الفتاة في مجتمعنا وما يشكله من سلاح قوي بيدها امام نوائب الزمن حتى وان تزوجت وصار لديها اسرة . كان اسلوبه المميز ونبرته الودية وابتسامته التي لا تفارق شفتيه وصوته الهاديء العميق لها اكبر الاثر على نفس الرجل الذي احس بداخله بتانيب الضمير والذنب الذي اقترفه بحق ابنته عندما اتخذ قراره المفاجيء بحرمانها من المدرسة وهي المتفوقة بجدارة في التوجيهي , وما ان انهى المعلم حديثه حتى شكره الرجل بحرارة وهو يصافحه مودعا بعد موافقته على عودة ابنته للمدرسة . اما الفتاة فكادت تطير من الفرحة وباتت ليلتها تحلم باجواء المدرسة وجهزت كتبها ومريولها وعيناها تغرورقان بدموع الفرحة التي غمرتها . وظلت لساعات طويلة خلال الليل تحدق بالسقف والابتسامة لا تفارق شفتيها ولم تشعر بنفسها متى غطت في سبات عميق. في اليوم التالي حين وصلت المدرسة فوجيء الجميع بها حتى مدير المدرسة لم يخف دهشته بعودتها وهو الذي يعرف ان قرار والدها كان حاسما يوم اخرجها من المدرسة ولم يكترث بمستقبلها او حصولها على شهادة التوجيهي ولم تجد كل المحاولات لاقناعه بان تنهي العام الدراسي الاخير لها , لقناعة الراسخة بان البنت طالما مصيرها الزواج وانجاب الاولاد وتربيتهم وتكوين اسرة في نهاية الامر فلا ضرورة لتعليمها وحصولها على شهادة كالاولاد .فاي انقلاب بموقف الرجل وكيف وافق على اعادتها للمدرسة رغم مرض امها ومسؤوليتها عن اعمال البيت لكونها البنت الوحيدة بين اخواتها ؟! هذا التساؤل اثار فضول المدير ,لكنه سرعان ما اكتشف الاجابة عندما رآها تترك زميلاتها وتتجه ناحية معلم العربي الذي جاء حديثا الى المدرسة بخطى ثابتة ونظرات خجولة وابتسامة رقيقة اضفت عليها نضارة الشباب وجماله . صافحته بحرارة وشكرته بامتنان , على مبادرته لزيارة بيتهم واقناع والدها الصعب بالتراجع عن قراره والذي كان بمثابة الحكم بالاعدام عليها . مسحت قطرات الدمع المتدحرجة على وجنتيها الصافيتين كحبات اللؤلؤ ,وعادت ادراجها نحو زميلاتها قرب الحديقة وهي تشعر بنفسها كطائر يحلق عاليا بالسماء اللازوردية الواسعة !

بقلم : نايف أبو عيشه
22/11/2007








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلمة أخيرة - ياسمين علي بتغني من سن 8 سنين.. وباباها كان بيس


.. كلمة أخيرة - المهرجانات مش غناء وكده بنشتم الغناء.. رأي صاد




.. كلمة أخيرة - -على باب الله-.. ياسمين علي ترد بشكل كوميدي عل


.. كلمة أخيرة - شركة معروفة طلبت مني ماتجوزش.. ياسمين علي تكشف




.. كلمة أخيرة - صدقي صخر بدأ بالغناء قبل التمثيل.. يا ترى بيحب