الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المحتل في عون المستبد

حسن كريم عاتي
روائي

(Hasan Kareem Ati)

2007 / 11 / 25
الارهاب, الحرب والسلام


المحتل في عون المستبد
ما دام المستبد في عون المحتل
هل تمثل الحرب لعبة الأقوياء ؟
وهل تمثل الحرب حلاً لازمات الحكام مع الشعوب ؟
وهل تمثل الحرب مخرجاً لمأزق حرج للقوي : سلطة وتسلطاً ؟
وهل تمثل الحرب خياراً مفضلاً للشعوب ؟

أسئلة منافقة ، لأنها تمتلك إجابات متناقضة ، شبيهة بتلك الوجوه التي تضمر ما يناقض علانيتها . فلا فرق بين تجهم دبابة لقوات غازية ، أو عجلة شرطة حكومة مستبدة . ولا فرق بين صرامة الجندي المحتل ، وبين عبوس رجال الشرطة السرية . ولا تكمن ثمة فائدة من المقارنة بين غبار طريق الغزاة ، الذي يغطي تفاصيل الاحتلال ، من بينها ذرائعه لها ، وبريق أسلحة جيش السلطة ( الوطنية ) الغاشمة .

فالاثنان يمتلكان شروط الأذى المشترك للشعوب ، باعتقادهم الوحيد المؤكد ، بأنهما حلاً : من سلطة محلية . أو : بأعتبارهما حلاً لازمة وطنية يمثلها الاحتلال المحتمل . أو التهديد الخارجي بتدنيس كرامة الوطن التي سرقها من أبناء الوطن ، قبل تهديد العدو الخارجي لها .

فالحرب لعبة سياسية أطرافها المتضررة ، أصلاً ، غير سياسية . إنهم عامة الناس الذين يبحثون عن هناءة العيش ، التي لن يجدوها ، أبداً ، بين طيات الحروب التي كتبها سلاطين تاريخ بلدانهم.

فإذا كان التوصيف الدولي للحروب يعدُها ( نزاعاً مسلحاً ) . أو المواثيق الدولية التي تسميها ( حروباً ) على وفق اتفاقيات جنيف . أو بوصفها ( حلاً سياسياً )أخيراً ، وأحياناً ناجعاً ،على وفق تعبير أطراف النزاع . فانها لدى الشعوب تمثل التوصيف الدقيق باعتبارها ( كارثة )إنسانية لهول ما يتعرض له أضعف أطراف النزاع . وهو : المدنيون والنساء والأطفال والشيوخ . أي أولئك الذين لن تكون لهم مصلحة ، أبداً ،في خوض غمار الحرب . فهم لن تتوافر لهم الشروط لان يكونوا من تجارها . ولن يحققوا الربح المتوقع منها . بل ستكون الأرباح المتحققة لأطرافها ، أو أحدهما ، على حسابهم دائماً .

ومن المفارقة أن يكون كلا الطرفين يدعي الحرص عليهم . فباسم الوطن يُدمر المواطن من سلطته ( الوطنية ) المستبدة ، وينتهي بتدمير الوطن أيضاً . وباسم المواطن يََُدَمِرُ الاحتلال الوطن ، وينتهي بتدمير المواطن .

إنها عملية تبادل الاولويات في التدمير . فلا يَعدُ أحدهما يضع مبرراً مقنعاً بتقديم الوطن على المواطن ، أو تقديم المواطن على الوطن . ونتيجة الاولويات تبقى كما تمناها المستبد ، أو تمناها المحتل . والفئات المتضررة في صمت مريب من سلوك كلا القوتين . تدرك كذب التبريرات . وتعرف ، إن لم يكن بيقينها فبحدسها ، الصدق المناقض لها . وتسكت على وجع ممض من هول المفارقة . ويزداد ذلك الألم مع ازدياد مساحة خساراتها ، التي يطبل لها المحتل أو المستبد ، بوصفها أرباحاً ، بل إنجازات بالغة الروعة تشرق في القريب شموساً تضيء الوطن وتنير ذهن المواطن الكسول ، الذي لم يدرك فداحة التغاضي عنها . فانها ستجعل من الوطن قبلة الشعوب الطامحة إلى الحرية في تبريرات السلطة ( الوطنية ) المستبدة ، التي صادرت الوطن قبل المواطن ، وتطلب منه الاعتزاز بإنجازاتها ، وتحويل فمه إلى قمع هائل الحجم يصح النفخ فيه بقوة هائلة تسبيحاً بحمد رب السلطة الذي وكله الرب بتحقيق العزة للشعب ، كما يحاول أن يصور ذلك . وستجعل من الوطن واحة سعادة في صحراء الجوار والجور الإقليمي الذي تناسى حقوق مواطنيه ، على وفق وعود المحتل ، التي تحمل أعناب الجنة وتينها وملائكتها وحورياتها ، وان كانت بشكل أدمي .

وفي كلتا الحالتين ، فان المواطن لن يرى في الواقع اليومي أو في تبريرات كلا الفريقين ما يخفف الألم الموجع بين الضلوع ، لإنجازات مؤكدة التحقيق للمستبد (الوطني ) أو المحتل ( الأجنبي ) ، والتي (تنغزه) مع كل شهيق أو زفير . فالمستهدف (هو) من خلال التصدي للمحتل ، أو (هو) من خلال إسقاط المستبد .

فالمحتل والمستبد ،دائماً، من عائلة واحدة ، تربطهما قرابة مصالح أقوى من قرابة الدم أو النسب . فهي رابطة نتاج فكر واحد ، وان تنوع في تبريراته ، غير انه يتفق في نتائجه .

فليس مستغرباً أن يكونا متحالفين في زمن ما ، لان ما يرغبان به لا يتناقض . وان تفاوت في حجم الحصة لكل منهما من لحم المواطن . وليس مستغرباً أن يتخاصما ، لان الاتفاق الصريح أو الضمني على تقاسمهما ذلك اللحم قد تم الإخلال به . والحصة الأوفى تكون لأكثرهم قدرة على تعرية الأخر دعائياً ، وأكثر قدرة على هزيمته ميدانياً . فهو الذي يجري إلى الحرب بخطىً أسرع للاستحواذ على ما انتزعه الطرف الثاني في معادلة الإخلال بتوزيع حق المواطن ،الغاية من الاحتلال أو الاستبداد ، أو الوسيلة بوصفه ضحية المستبد ومبرر دفاع المحتل عنه . والوطن والمواطن بوصفهما سبب دفع الاحتلال والتصدي له .

ذلك ما يجعل من ظاهرتي الكبت والغليان في حياة الأمم صعبة التوقع في توقيتها . فالشعوب صبورة حد اليأس منها ، وعنيفه حد تدمير ذاتها . وهي تدرك أن خصميها ( المستبد والمحتل ) معاً. وتدرك أيضاً : إن المحتل في عون المستبد ما دام المستبد في عون المحتل . وان مدة الصفاء بينهما لن تدوم إلى الأبد . وهو ما يفسر سهولة اجتياح البلدان ، وسهولة سقوط الطغيان .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قادة الجناح السياسي في حماس يميلون للتسويات لضمان بقائهم في 


.. دعوات أميركية للجوء إلى -الحرس الوطني- للتصدي للاحتجاجات الط




.. صحة غزة: استشهاد 51 فلسطينيا وإصابة 75 خلال 24 ساعة


.. مظاهرات في العاصمة اليمنية صنعاء تضامناً مع الفلسطينيين في غ




.. 5 شهداء بينهم طفلان بقصف إسرائيلي استهدف منزلا في الحي السعو