الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


على هامش ما كشفه رجل الاعمال اللبناني قبل يومين ما الذي كان سيحصل لو لم تحدث الحرب الاخيرة في العراق

حميد الهاشمي
مختص بعلم الاجتماع

(Hamied Hashimi)

2003 / 11 / 14
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


على هامش ما كشفه رجل الاعمال اللبناني قبل يومين
ما الذي كان سيحصل لو لم تحدث الحرب الاخيرة في العراق*

كان لخبر توسلات صدام عشية شن حرب الاطاحة به، بمثابة نفخ في الروح المعنوية للنفوس المريضة التي لا زالت تنتحب على رحيل صدام وهزيمته المخزية.
فالخبر الذي جاء على لسان رجل الاعمال اللبناني عماد الحاج في جريدة نيويورك تامز وتأكيده في لقائه مع إذاعة (B.B.C.) البريطانية، حاولت ان تستغله بعض الاوساط المغرضة مرة اخرى كشماعة لتعليق خزي موقفها الداعم للنظام الساقط وتفسيرها اياه على انه كان "فرصة لتفادي الحرب"، ولم ينتبهوا الى الفرص الافضل منها والتي منحت في العلن لصدام وعصابته لتخليص العراق من تبعات هذه الحرب. من هذه الفرص دعوة الشيخ زايد بن سلطان رئيس دولة الامارات ومبادرة ملك البحرين الذين عرضا استضافة صدام وحاشيته من اجل تجنيب العراق هذه التبعات واللتين اعتبرتا تشريفا وتكريما لمجرم دولي كبير لا يستحقهما باعتبار ما جناه صدام على الشعب العراقي وشعوب المنطقة.
صوروا هذا الخبر الذي اتى به (البزنسمان) اللبناني على انه كان صفقة ومبادرة لتفادي الحرب، رغم شروطه "الخفية" المذلة والتي كشف جوانب منها رجل الاعمال هذا.
والحقيقة ان هذا الخبر وهذه التوسلات والذل التي ابداها صدام ليست بجديدة عليه. فقد سبق وان وقع اتفاقية خيمة صفوان في اعقاب هزيمته المذلة ابان حرب تحرير الكويت. حيث وقع شروطا مهينة له وللعراق للاسف.
ومع تشدقاته الكاذبة ولعبه على المجتمع الدولي ورفعه لشعارات فارغة، راح يعرض التوسل والتذلل للاميركان ولدول المنطقة والعالم. فمن عقود البترول المغدقة لروسيا وفرنسا الى العروض السخية لبعض دول الجوار الى تبويس اللحى التي قام بها عزة الدوري نيابة عن صدام لبعض امراء وشيوخ المنطقة، الى توسلات طه ياسين رمضان حينما قال بخنوع " ماذا يريد الاميركان ؟ نحن مستعدون للتفاهم معهم على كل ما يريدون" كان ذلك في نفس سياق التوسلات قبيل الحرب.
والان يريد البعض ان يفبركها على انها سرا انكشف وكان عرضا مشرفا ولم تستغله اميركا!!؟؟

وعلى اية حال فلو ان اميركا وافقت على عرض صدام وهو قد كان سخيا حقا، حيث الاذعان الكامل لفرق التفتيش عن الاسلحة، وفسح المجال ل 2000 من موظفي المخابرات الاميركية (CIA) لأداء هذه المهمة، وعدم تكرار "لعب الاطفال" الذي كان يعمله صدام ازلامه لعرقلة فرق التفتيش. وفتح المجال امام استثمار الشركات الاميركية في اراضي العراقية، و التعاون في مجال مكافحة الارهاب، وتسليم المجرم الخطير والمتهم الاول في قضية تفجيرات سبتمبر 2001، والتنازلات في قضية النزاع مع اسرائيل وغيرها.
لو حصلت موافقة اميركا، لكانت هذه كفيلة بحفظ راس النظام.
وبنفس الوقت لكانت صدمة اخرى للشعب العراقي الذي انتظر هذه البادرة الالهية لكي يتخلص من هذا الكابوس الذي طال ليله. حيث لحد يوم امس (السبت 8 – 11- 2003) اعلن ان عدد المقابر الجماعية المكتشفة لحد الان هو 263 في العراق ليكون حقا وبامتياز بلد المقابر الجماعية بفضل صدام وعصابته الارهابية.
ماذا لو وافقت اميركا على عروض صدام السخية هذه التي "كشفها" البزنسمان اللبناني؟

لكان صدام قد سلم وحافظ على عرشه وقصوره التي كانت ستزداد على جماجم العراقيين، ولاعتبره انتصارا ولاستنزف المزيد المزيد من ثروات العراقيين احتفالا بهذا "النصر العظيم"، ولذبح له القرابين الكثيرة من ارواح العراقيين الابرياء، كل من يشتبه بولائه او عزيمته او ايمانه "بحتمية انتصار صدام هذا" على قوى الشر، ولانشغلت الاذاعات ومحطات التلفزيون العراقية بهذا "الانجاز" وهذه القيادة "الرشيدة" ولتغنى الشعراء والمغنون وهاموا بها اكثر مما كانوا يتغنون او يأمرون بالغناء هذا.
ولإستمر الحصار على العراقيين داخليا اكثر منه خارجيا.
ولإستمر تجزؤ الوطن العراقي وزادت الهوة بين اقاليمه وخاصة كردستان التي عادت وفية مخلصة للعراق برغبة ابنائها.
ولزاد تمجيد صدام وارتفعت منزلته الى الالوهية.
ولإنتشرت "حكمه" في كل بقعة، تلك التخاريف والطلاسم المبهمة التي كانوا يحشروا في آذان المساكين من العراقيين في كل مكان. تخاريفه التي باتوا يلزمون الطلبة والموظفين بحفظها والامتحان بها.
ولإمتد دعاؤه الكاذب "وضع له دعاء ايضا يلحق بالآذان" يصم الآذان ويخرج المؤمن من دينه. ولزاد إيغال عدي وقصي المقبورين بدماء العراقيين ولاطلقت يد علي كيمياوي من جديد كالثور الهائج في معرض الخزف العراقي الجميل يدمره بهمجيته وهمجية ثقافته وساديته النابعة من ثقافة العصابة التي ينتمى لها تلك القيم الرعوية القروية التي ابتلى بها العراق والتي لاتكاد تجد لها مثيلا.
ولزادت عسكرة المجتمع العراقي ولشرب الطفل حليب صدر امه مكرمة من صدام، فكل شئ هو مكرمة "القائد".
ولزادت القابه القابه التي تعدت المائة الى مائتين او ربما اكثر.
ولو لم تحدث الحرب لو ضع صدام نواميسا جديدة لحياة العراقيين ما شهدت لها ارض قط، من عقوبات التشويه والاذلال والانتقاص من الكرامة والى زهق الارواح طبعا وهي ليست بجديدة عليه، لكن لتفنن بها اكثر واكثر وطورها مع تطور الحياة.
ولزادت عزلة العراقيين اكثر فأكثر وزاد حرمانهم من مكتسبات البشرية الجديدة التي ينعم بها جيران العراق (بلا حسد) ويصدم بها العراقيون حين مشاهدتها.
واخيرا وليس آخرا لو لم تحصل الحرب لكان المجرمون القتلة من أعوان المجرم الهارب صدام من مرتزقة وارهابيين والذين تطال قنابلهم الان ارواح العراقيين الابرياء وتخرب منشآتهم الحيوية في الظلام والخفاء، لكانت يد هؤلاء تعمل بكل طلاقة وتعيث فسادا وتحصد هذه الارواح او غيرها وتدفنهم في مقابر جماعية اخرى مضافةالى تلك، وما كان للبشرية ان تنطق وما كان لماخور الجزيرة (قناة الجزيرة) ان تتكشف وتتعرى بهذه الطريقة.
وهناك الكثير الكثير مما لم يخطر ببالنا الان ان نذكر العراقيين ممن ضعفت ذاكرتهم او تناسوا قليلا ما كان سيحل بهم فيما لو لم تتم ازاحة صدام وما كانت لتتم هذه الازاحة الا بهذه الطريقة.
وبعد ما حصل من نعمة التغيير وبغض النظر عما استتبعه من وجود قوات احتلال او تحرير او غيرها، فانها وقتية وسترحل عاجلا وسيثبت العراقيون احقيتهم في العيش بحرية وبكرامة ويتنعموا بخيرات بلدهم باعتبارهم مالكوها وليست منة من "قائد" فاقد للكرامة ذليل.
ستاتي خاتمته عما قريب وستطاله عدالة السماء على يد الشعب العراقي المكلوم جراء افعاله في القريب العاجل انشاء الله.

** استاذ جامعي وباحث في الشؤون العراقية مقيم في هولندا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. خبراء عسكريون أميركيون: ضغوط واشنطن ضد هجوم إسرائيلي واسع بر


.. غزة رمز العزة.. وقفات ليلية تضامنا مع غزة في فاس بالمغرب




.. مسيرة إسرائيلية تستهدف سيارة مدنية شمال غرب مدينة رفح جنوب ق


.. مدير مكتب الجزيرة في فلسطين يرصد تطورات المعارك في قطاع غزة




.. بايدن يصف ترمب بـ -الخاسر-