الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فيروز... افيون الشعوب!

صائب خليل

2007 / 11 / 27
الادب والفن


(لفيروز في عيد ميلادها)
.
عندما تنادي فيروز، تتوثب للرقس قلوب وكعوب اشد الرجال تصلباً وتديناً ووقاراً..
عندما تشدو فيروزتغمض الأعين مستسلمة للخيال وتلبس الدنيا روح فتاة تذوب في حبها الأول, ويهمس في الآذان سحر غريب:"لقد اكتمل العالم"!
عندما "تهذي" فيروز تترنح اشد الرؤوس ثباتاً. تنسحب الحقائق وتنحني المستقيمات باسمة ويستسلم المنطق مقراً بالهزيمة امام هذا الحصار الجمالي الذي لايترك مجالاً للمقاومة.
فبينما تتكفل الألحان والصوت بشل نصف ذهنك الأيمن، تقطع الكلمات الساحرة اتصالات نصفه الأيسر، فترى القمر "يرقص ويلعب عالشجر"، والناس ينسوا يكبروا.....والفيل يطير... والويل لمن يعترض!
.
كيف تستطيع اغنية سمعتها للمرة المليون ان تثير دهشتك وتتجاوز توقعك وتفتر ابتسامتك كأنك لم تسمعها من قبل؟ ربما.. لأن ذاكرتنا "الجمالية" تصل حدودها دون ان تستطيع الإلمام بكل خلجات صوت فيروز واداءها وكلمات شعرائها. و حين تشدو فيروز في المرة التالية نتمتع لأنها تتجاوز ما اختزنته ذاكرتنا من جمال، فنجد في كل مرة جمالاً جديداً لا نتذكر اننا سمعناه...فندهش ونهتف بحبور: "الله".
.
من لذاكرته ان تحتفظ بتفاصيل واجراس عالم "حلو كحلم العروس"؟ من لعقله ان يحتفظ بجمال منطق: يكتب اسم حبيبه ثابتاً "عا الحور العتيق"، بينما يمحو المطر اسمه المكتوب"عا رمل الطريق".
.
يهتف جبران بصوت فيروز معاتباً، يذكرنا اننا نسينا وعداً قطعناه لأنفسنا يوماً ان نتبع أحلام الشباب الجريئة، فنتبع السواقي ونتسلق الصخور، نفترش العشب ونتلحف السماء...لكننا استسلمنا، كغيرنا، لزحمة الحياة.
.
"كن مهذباً وانتظر نهاية الأغنية قبل ان تطفئ سيارتك وتنزل"، يؤنبك صوت في رأسك قبل ان تمد يدك الى المفتاح، فتنتظر راضياً...وحين تنتهي أغنية فيروز، ترن في اذنك بداية اغنية اخرى، اغنية محددة دائماً!
ذلك ان تلافيفك تذكر تسلسل اغاني فيروز في شريط قديم كنت تديره يوماً حتى اهترأ!
.
واغنية...تشعر بأن بها سحراً خاصاً وخيالاً غير اعتيادي, حتى بقياس اغاني فيروز نفسها....وتسأل نفسك لم؟ وتتذكر ان تلك الأغنية كانت الأخيرة في الشريط...وان الشريط انتهى بعد الجملة الأولى منها ليترك خيالك المتشوق يكمل طوافه السحري في عالم الأغنية الناقصة. ثم بعد سنوات، حين تحصل على تسجيل كامل للأغنية، لايختفي اثر النقص, بل يتمدد على طول الأغنية مانحاً اياها تلك الخصوصية المتحيزة.
.
وحين يطبق التشاؤم والقلق والإشمئزاز...لاتفشل فيروز في ان تأخذ بيدنا وتربت على اكتافنا بضربات صوتها المرح حتى تتراخى عضلاتنا المتصلبة المؤلمة... ويقنع الوحيد رغم الحاده، أن في صمت الكون المقفل، من يصغي له.
وحين تلح علينا حقائق الفلسفة المرعبة....ونبحث ونبحث فلا نجد للحياة من معنى...ونرتعد اننا لسنا باكثر من فقاعات تنتظر انفجارها...تأتي فيروز فإذا بنا نرضى بسريالية الحياة وفنائها ووهمها...ونهز رؤوسنا موافقين بأن "الناس سطوركتبت بماء" فنزهد لحظة "بما سيأتي" وننسى وهلة "ما قد مضى" ونراوغ هاتفين: "وما الداعي لأن يكون للحياة معنىً؟"
.
فيروز ...انت الحشيشة التي لايعاقب عليها لا القانون ولا الله, والخمرة التي لاتسبب الدوار بعد الصحو.. فيروز المخدر الوحيد بلا اثار سلبية جانبية، ولا حتى نعاساً...
فيروز...انت افيون الشعوب الجميل، و مدفأة الروح... نعبر بها شتاءات الحياة القارسة!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نصير شمة في بيت العود العربي


.. مفاجاة صارخة عرفنا بيها إن نصير شمة فنان تشكيلي ??? مش موسيق




.. مش هتصدق عينيك لما تشوف الموسيقار نصير شمة وهو بيعزف على الع


.. الموسيقار نصير شمة وقع في غرام الحان سيد درويش.. شوفوا عمل إ




.. بعيدا عن الفن والموسيقى.. كلام من القلب للموسيقار نصير شمة ع