الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المصالح العراقية بين فكي الولايات المتحدة الامريكية وايران

علي جاسم

2007 / 11 / 27
مواضيع وابحاث سياسية


لايخفى على احد بان العلاقات الامريكية_ الايرانية تختلف في تجاذباتها وتوتراتها باختلاف مؤشرات بوصلت مصالح كل البلديين فتارة نجد هناك تعاون كبير ووثيق بينهما مثل قيام ايران بمساعدة الولايات المتحدة الامريكية بالافراج عن الرهان الامريكيين في لبنان والتي على اثرها قامت الولايات المتحدة بتزويد ايران بالاسلحة والمعدات العسكرية والصواريخ عام 1986 ابان حربها مع العراق والتي عرفت بفضيحة "ايران جيت" والتي تمت على اثر الزيارة السرية التي قام بها مستشار الامن القومي الامريكي الى طهران في الوقت الذي كانت فيه الولايات المتحدة وحسب المنطق والدليل تؤيد نظام صدام بشكل تام في حربه ضد ايران.
وتارة اخرى نجد وتيرة الخلاف بينهما تشتد بصورة كبير لتصل احياناً الى حرب الكلام والتهديدات العسكرية وابتدأت مع قيام الثورة الاسلامية عام 1979 وسقوط نظام الشاه محمد رضا بهلوي بعد حكم دام 37 سنة تحولت خلالها ايران الى مستعمرة امريكية بكافة المقايس،السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية وتحولت الى سوق كبيرة لترويج البضائع الغربية دون النظر الى مصالح للشعب الايراني الذي اصبح منذ سقوط حكومة محمد مصدق اثر عملية "اجاكس "بعد قرار تاميم النفط في ايران عام 1953، خاضعاً لاستبداد ودكتاتورية الشاه.
وتحولت ايران بسبب تحالفها اللصيق والقوي مع الغرب وخصوصاً مع امريكا الى اداة قوية وفعالة بيد التحالف الغربي"الامريكي_البريطاني" الذي حولها الى كلب حراسة او شرطي المنطقة لحماية مصالح الغرب في الخليج العربي..لذلك فان اندلاع الثور الاسلامية في ايران ادى الى خسارة جسيمة للولايات المتحدة الامريكية وضربة قوية لمصالحها الاستراتيجية في المنطقة اضافة الى ان الشعب الايراني ومعه قادة الثورة قطعوا كافة الروابط والمصالح مع امريكا بشكل تام وقطعي لدرجة ان قائد الثورة الاسلامية ومؤسس الجمهورية روح الله الخميني قال للشعب الايراني "اذا رايتم امريكا راضيةٌ عنكم فعليكم ان تراجعوا انفسكم" .
ومن هنا نستطيع ان نفهم مدى اتساع حجم الخلاف والصراع بين الطرفيين والذي بني على اساس عقائدي وثوري حاقد على الغرب من الرؤيا الايرانية وعلى اساس المصالح الاستراتيجية المستقبلية الضائعة من الرؤيا الامريكية التي كانت الخاسر الاكبر من تغيير نظام الحكم في ايران عام 1979 اضافة الى خسارتها السياسية والاقتصادية فانها خسرت هيبتها كدولة عظمى تشكل احد قطبي الصراع الدولي مع الاتحاد السوفيتي عندما اقتحم الطلاب الايرانيين السفارة الامريكية عام 1979 واحتجزوا 90 رهينية امريكية بقي52 منهم محتجزاً 444 يوماً واطلق سراحهم عام 1981 بواسطة جزائرية مقابل الغاء الولايات المتحدة قرار تجميد ارصدة وحسابات مصرفية ايرانية في امريكا والتي ادت الى خسارة الرئيس الامريكي الديمقراطي جيمي كارتر للانتخابات التي حسمها الجمهوري روناد ريغان.. ولكن لوحدث هذا الموقف في الوقت الراهن هل تستطيع ايران احتجاز رهائن امريكان لمدة 444يوم وهل ستخضع امريكا للاملائات الايرانية ؟ حتماً كلا لان ايران تدرك ان وضعها الحالي لايسمح لها بخوض هكذا رهان خاسر لاسيما مع خضوع العالم لسيطرة القطب الواحد بقيادة امريكا وترسانتها العسكرية .
لقد تحرشت الولايات المتحدة كثيراً بايران منذ انطلاق ثورتها الاسلامية ابتدأت بتأيدها لنظام صدام في حربه مع ايران مروراً باسقاط طائرة ركاب مدنية ايرانية بصاروخ امريكي قبيل شاطئ بندر عباس الايراني عام 1988 وراح ضحيتها 290 راكب ، انتهاءاً بمعارضة الولايات المتحدة الملف النووي الايراني الذي تحول الى عكاز يتكأ عليها البيت الابيض في صراعه مع طهران ، وفرض الولايات المتحدة عقوبات على ايران عن طريق قرار مجلس الامن الدولي رقم "1737" والذي وافقت عليه جميع الدول الاعضاء الـ15 والذي نص على حضر مواد أو تكنولوجيا نووية ، وتجميد بعض الاصول الايرانية وضرورة توخي الحيطة بشان سفر 12 شخصية ايرانية اضافة الى سعي الولايات المتحدة الى فرض عقوبا اكبر حجماً فضلاً عن امكانية استخدام القوة العسكرية في توجيه ضربة وشيكة الى ايران تستهدف المواقع العسكرية والمنشأة النووية .
وبالرغم من اضطراب العلاقات بين البلديين الاان الصراع الامريكي _ الايراني بدأ يأخذ منحى اخر بعد الاحتلال الامريكي للعراق الذي اعادة الولايات المتحدة الى ايام الحرب الباردة لكن هذه المرة مع ايران مع الفارق بين الدولتيين من الناحية العسكرية والتكتيكية، حيث اخذت امريكا تلقي بوابل من التهم بشكل يومي على ايران تتهمها بالضلوع باعمال العنف في العراق ،وانها تقف وراء استهداف الجنود الامريكان في العراق ومسؤولة عن تزويد الجماعت المسلحة بالاسلحة والمعدات العسكرية خصوصاً بعد تدهور الوضع الامني في العراق خلال العاميين الماضيين وكذلك اعتقال القوات الامريكية اكثر من مرة لدبلماسيين ايرانين واحتجازهم في السجون الامريكية في العراق ،ولكن بالرغم من التوتر الكبير الحاصل بين واشنطن وطهران ليس على قضايا الملف النووي والعراق وحسب انما تشمل حزب الله في لبنان وحركة حماس في فلسطين التي ترى امريكا بان ايران تقف وراء تسليحهما وكذلك سوريا الاان العلاقات الامريكية الايرانية شهدت طفرة نوعية كبيرة على المستوى الدبلوماسي بالرغم من ان سياسة الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد متشددة ازاء امريكا ،انطلقت تلك التطورات من خلال موافقة الطرفيين على اقتراح تبنته الحكومة العراقية باجراء حوار مباشر بين البلديين بوساطة عراقية .
ولوتتبعنا الحوارت السابقة التي تمت بين الطرفيين لوجدنا انها لم تحقق اي شي يخدم العملية السياسية في العراق سواء وجود تطابق بوجهات النظر في مايتعلق بوجود عراق ديمقراطي فدرالي امن ومستقر اما الوقت الاخر من اللقاء فيذهب نحو تبادل التهم بينهما وبحث ملفات اخرى وتصفيت حساباتهما وفق ماينسجم مع مصالح الطرفيين ، اذن الحوارات الامريكية _الايرانية لم تخدم الشعب العراقي بقدر خدمتها المصالاح الاستراتيجية للطرفيين فامريكا وجدت فرصتها الذهبية لتخفيف الضغط على جنودها في العراق من جانب وكسب الراي العام الامريكي الذي بدأ يتذمر من السياسة الامريكية في العراق من جانب اخر ،اما ايران فتحاول خلال لقائها الامريكان ان تفتح صفحة جديدة لعلاقتها مع الغرب وكسب الوقت لاتمام مفاعلها النووي فضلاً عن محاولتها توجيه رسالة واضحة للدول العربية بانها تمتلك ثقلاً كبير في العراق وانها قادرة على تسيره بماينسجم ومصالحها واهدافها .
ان اجراء جولة جديدة من الحوارت بين الولايات المتحدة وايران نهاية هذا الشهر قد لايحقق شي جديد اذا بقيت بنفس وتيرة الحوارات السابقة لذلك فان الطرفيين ملزميين بانجاح العملية السياسية في العراق من خلال اعطاء الوضع الامني مساحة اكبر في حوارهما وتطبيق النتائج المتمخضة من الحوار الى افعال حقيقية تجسد على ارض الواقع وليس مجرد كلمات يرددها الطرفيين،فنجاح الحوار بينهما مرهون بمدى مصداقيتهما في تطبيق نتائجه وهذا ماينظر اليه الشعب العراقي في الحوار الذي من المقرر ان يعقده الطرفان خلال الايام المقبلة في بغداد ،وكذلك يقع على عاتق الحكومة العراقية ان تسير الحوارات باتجاه المصلحة العراقية الخالصة صحيح ان مجرد اقناع الطرفين باجراء حوارات مباشرة في بغداد يعد انجاز كبير للدبلوماسية العراقية لكن ينبغي ان يتوج هذا الانجاز بانجازات اكبر على المستويين الامني والاقتصادي.











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. خبراء عسكريون أميركيون: ضغوط واشنطن ضد هجوم إسرائيلي واسع بر


.. غزة رمز العزة.. وقفات ليلية تضامنا مع غزة في فاس بالمغرب




.. مسيرة إسرائيلية تستهدف سيارة مدنية شمال غرب مدينة رفح جنوب ق


.. مدير مكتب الجزيرة في فلسطين يرصد تطورات المعارك في قطاع غزة




.. بايدن يصف ترمب بـ -الخاسر-