الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نحو الأمس البعيد

نبال شمس

2007 / 11 / 27
الادب والفن


سأمشي نحو الأمس البعيد, فكيف للغد أن يتقاطع مع الأمس, وكيف للأمس أن يدخل أوراقي التي لا أمتلكها بعد.
للأمس حكاية, حدثتني عنها صديقة طفولة, حكاية طفل لم التق معه بعد, وللغد تكملة الحكاية لذات الطفل الذي تعلمت كيف أحبه فالحب ليس بأيدينا وتعلم حب الأطفال ليس سهلا.
ريما في زوايا المكتبة تبحث عن كتاب يعلمها حب الأطفال, بيني وبين نفسي قلت أن ريما لا عليها أن تتعلم كيف تحب الأطفال بل مجرد التفكير بذلك, هي أذن تحب الأطفال.
نظرت في عيون ريما فتذكرت مراد عندما قال لي: "جوان عضتني عندما اقتربتُ منها فهل سيعدني مرضها".
كيف سأشرح لمراد أن مرض جوان لا يعد..لا يََشْفى ولا يُميت؟
مضى مراد وعدت أتأمل ريما والمكتبة وأفكر كيف سوف أمشي نحو الأمس البعيد وأكتب حكاية طفل تعلمت كيف أحبه؟
طفل يبكي بصمت, يتألم بصمت ويعيش بصمت. طفل من صمت. بسمته من صمت, عيونه لا تطلب الرحمة فهو سعيد هناك في مكانه وصمته, سعيد بجسده الذي لا يحمله ولا يعرف الشكوى. لا يجيد الكلام, لا يجيد الحركة, لكنه يجيد الثورة. لا ينظر, لكنه يتأمل.
هذا هو الطفل الذي تعلمت كيف أحبه وكيف أمد يدي إليه لأصافحه من مكانه. تعلمت كيف اركع على الأرض للنظر في عيونه ومخاطبته , فهو لن يعدني ولن يعد أحدا, فالشيء الوحيد الذي عداني به هو: كيف أطأطأ رأسي وأتأمل الأرض والتراب بعد أن قضيت سنينا أتأمل الشمس والقمر والسماء, علمني كيف أكتب نصي وعيوني تعد غبار الأرض, فللأمس كانت حكاية وللغد حكاية سأكتبها وأهديها لريما التي ما زالت قابعة في المكتبة تبحث عن كتاب يعلمها حب الأطفال.
الحكاية ليست حلما طائشا, لا انفصاما ولا كبوة. الحكاية هي ذات الصديقة. ذات الطفل, ذات الألم, الحكاية هي مراد وجوان وريما. هي هو وهي أنا.
جوان, ريما, مراد والطفل الذي تعلمت كيف أحبه, ثم علمني كيف أبتسم له وأتأمله جعلني أتساءل بيني وبين نفسي:
كيف يفكر؟
ماذا يفكر؟
ماذا يقول؟
كيف كانت له القدرة العظيمة أن يجعلني أحبه؟ أحبه ليس لأني أشفق عليه, بل أحبه لأنه هو وفقط هو. لا يستطيع التعبير بالكلام ولا بالكتابة, تعبيره بالابتسام.
كيف أحببته وكيف أحبني.
أحببته عندما مسكت الملعقة وأطعمته للمرة الأولى كالذي يطعم العصافير, فلقمة العصفور ليست أكبر من لقمته.
أحببته عندما انتظرته بكل صبر ليرفع يده ويصافحني. أحببته عندما حاول رفع رأسه الذي لا يقو على حمله ليراني وينظر في عيوني.
مراد ما زال يتساءل عن العدوى. ريما اختفت بين الكتب وأنا أخذت العربة وعليها جلست جوان ومضيت نحو الأمس البعيد ابحث عن تقاطعه مع الغد وعن أوراق أكتب بها نصي كيف أحببت هذا الطفل لأنه هو.
أنا وريما ومراد تعلمنا كيف نحب, فمن يشرح لنا كيف أن جوان وذاك الطفل لا يجيدان شيئا سوى الحب ولملمة أحلامهم المكسورة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -بيروت اند بيوند- : مشروع تجاوز حدود لبنان في دعم الموسيقى ا


.. صباح العربية | الفنان السعودي سعود أحمد يكشف سر حبه للراحل ط




.. فيلم تسجيلي عن مجمع هاير مصر للصناعات الإلكترونية


.. جبهة الخلاص الوطني تصف الانتخابات الرئاسية بالمسرحية في تونس




.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل