الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشهرستاني يلغي العقود النفطية لحكومة الإقليم و التي لا تخص حقول كركوك وإنما في عمق أراضي كردستان العراق

طه معروف

2007 / 11 / 27
مواضيع وابحاث سياسية



أعلن وزير النفط حسين الشهرستاني قبل أيام في تصريحات صحفية إلغاء العقود النفطية التي أبرمتها حكومة إقليم كردستان مع شركات أجنبية وأوضح أن وزارة النفط مخولة بشكل تام بإدارة القطاع النفطي في جميع أنحاء العراق بما فيها إقليم كردستان.علما بأن العقود التي أبرمتها(أو تحاول أن تبرمها) الأحزاب القومية الكردية ليست في حقول مدينة كركوك وإنما في المناطق الجبلية المحيطة بمدينة دهوك.و في الظاهر يبدو أن الصراع محصور في إطار إبرام العقود و كيفية التصرف بالثروة النفطية، لكنه من حيث الجوهر ما هو إلا امتداد للصراع القومي الطائفي في الميدان السياسي. التهديدات في هذا الظرف بالذات في ظل مطرقة الحكومة التركية على الأحزاب القومية الكردية، يشكل أقوى رسالة سياسية من حكومة المالكي لحلفائها المهزوزين من حزب طالباني وبارزاني في الاتفاق الرباعي، مفادها : ليست في مدينة كركوك وإنما في جميع المناطق حتى في كردستان ممنوعة عليكم التصرف بالثروة النفطية للعراق العروبي-الإسلامي ،
لسنا الآن بصدد الحديث عن الموارد والعائدات النفطية التي تذهب إلى جيوب حفنة من اللصوص من العصابات الميليشياتية في بغداد أو بصرة أو كردستان و تستخدم كما كان أيام النظام البعثي الدموي لقمع وتجويع الجماهير، فهذه المسألة معروفة للجماهير منذ تصدير أول برميل من النفط الخام العراقي في القرن الماضي . فظهور ونشؤ هذه الأزمة، بين حكومة المالكي والأحزاب القومية الكردية، وليدة الإفرازات و المتغيرات السياسية على الساحة العراقية التي أدت في النهاية إلى تهميش و إضعاف الموقع السياسي للأحزاب القومية الكردية في المعادلة السياسية العراقية، جراء دعم أمريكا لدور الحكومة التركية في العراق. و من هذه الزاوية فقط يمكن للمرء أن يدرك تفاصيل ما جاءت به تهديدات الشهرستاني.فجميع الكتل السياسية الطائفية الموجودة على الساحة العراقية بشقيها السني والشيعي يتطابق موقفها مع الحكومة التركية من سياسة الأحزاب القومية الكردية ولن يسمحوا لها أكثر مما سمح لها النظام البعثي.
الموقف التخاذلي للأحزاب القومية الكردية من تهديدات الحكومة التركية أعطى الضوء الأخضر لحكومة المالكي لفرض إملاءاتها السياسية عليهم حيث بدأت برفض الدخول أو الخوض في المناقشات حول مدينة كركوك حسب المادة 140 من الدستور الطائفي المبني على المحاصصة والتقسيمات الطائفية والعرقية ، وأبدت موقفا لينا إزاء مطالب الحكومة التركية للقيام بالعمليات العسكرية داخل كردستان العراق بل وعدتها بالمشاركة والتعاون مع تلك القوات . وأخيرا أخذت تهدد بأن العراق ،هو العراق العروبي-الإسلامي من زاخو إلى فاو، أي نفس العبارات والخطاب الذي كنا نسمعه دائما من النظام البعثي التي سببت في خلق أكبر كارثة إنسانية لجماهير العراق وخصوصا جماهير كردستان.والواقع فإن الأحزاب القومية الكردية قد أقروا ووافقوا على عروبية –اسلامية للعراق في الدستور الطائفي حتى قبل أي طرف سياسي آخر، واجبروا جماهير كردستان بالقوة والخداع لتدلي بأصواتها وفقا لحاجاتهم ومصالحهم وحاجة ومصالح أمريكا والطائفيين .
حصر الشهرستاني شرعية و مركزية القرار في بغداد وعدم شرعية أي العقود النفطية خارجها لتصرف بالثروة النفطية، مسألة سياسية بحتة،ان دل على شئ إنما يدل على المحتوى الفارغ لتحالفات الأحزاب القومية الكردية ولبديلها الفيدرالي القومي الرجعي .فهو يبلغ علانية نية حكومته المشلولة والمحصورة في المنطقة الخضراء الذي لا يقبل بدور تلك الأحزاب أكثر مما هو مرسوم له أمريكيا. أي أن دورهم يبقى كما هي، في خدمة تشكيل الحكومة المركزية في بغداد .الموقف من النفط هو الموقف من السياسة نظرا لأهميتة الاستثنائية التي تتمتع بها هذه المادة عالميا ،فالتهجير والتعريب البعثي من المناطق الغنية بالثروة النفطية ما زال يشكل احد الركائز الأساسية للكتل السياسية الشيعية والسنية ودخول الأحزاب القومية الكردية في تحالفات مع هذا الطرف أو ذاك لا يؤدي إلا إلى تقوية هذا المد السياسي الرجعي .
لا الخوف من تلك الأحزاب وقياداتها الذين يمتلكون الخبرة التاريخية الكافية في فن الخضوع والمساومات لتأمين ولضمان مصالحهم السياسية والمادية الغير الشرعية.ها هو طالباني ومسعود بارزاني بدئوا يتحركون نحو جميع الأطراف ويبعثون بوفودهم إلى تركيا ودول أخرى لكي يخرجوا من هذه الأزمة ،ولكن الخوف الحقيقي هو الخوف من الجماهير الذي يدفعوا دائما ثمن تلك السياسات القذرة.
الأحزاب القومية الكردية تمر اليوم بأزمة حادة لا مثيل لها في تأريخها،لا تتمثل في انخفاض وزنها السياسي القبيح في التحالفات الطائفية والعرقية الداخلية ولا تتمثل في فقدان أهميتها واعتباراتها السياسية لدى أمريكا ،فموقف أمريكا كان مطابقا دائما قلبا وقالبا مع الحكومة التركية والسورية والإيرانية تجاه دور هذه الأحزاب ،إن المأزق الحقيقي لتلك الأحزاب هي أنها فقدت أهميتها السياسية كحركة قومية لدى جماهير كردستان التي طالما وعدوها بالجنة القومية(الكردايه تي) عندما كانوا في الجبال.
لدرء مخاطر هذه الصراعات ولقطع الطريق أمام تلك القوى الذي تحاول جاهدة إعادة سيناريو البعثيين لإدامة الصراع القومي ،فلا توجد طريق أمام الجماهير سوى النضال لردع القوميين والطائفيين واختيار الطريق الثوري والالتفاف حول مؤتمر حرية العراق ،كبديل جماهيري ثوري وإطارا مناسبا لجميع القوى اليسارية والعلمانية، من اجل إقامة دولة علمانية غير قومية في العراق.
طه معروف
26-11-2007








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كأس الاتحاد الإفريقي - -أزمة القمصان-.. -الفاف- يتقدم بشكوى


.. نيكاراغوا تحاكم ألمانيا على خلفية تزويد إسرائيل بأسلحة استخد




.. سيارة -تيسلا- الكهربائية تحصل على ضوء أخضر في الصين


.. بمشاركة دولية.. انطلاق مهرجان ياسمين الحمامات في تونس • فران




.. زيلينسكي يدعو الغرب إلى تسريع إمدادات أوكرانيا بالأسلحة لصد