الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حدود العراق أزمة أزلية

احمد حسين

2007 / 11 / 27
مواضيع وابحاث سياسية


الحدود خطوط وهمية رسمتها الخطوات الأولى للإنسان في خارطة التمدن قبل آلاف السنين، ومنذ ذلك الوقت وحتى الآن وجدت هذه الخطوط لتحديد الملكية والسيادة الاجتماعية والسياسية وتمكين الأمن الداخلي والتحصن من الاعتداءات التوسعية والغزوات الاستيطانية والمطامع الاقتصادية.
اهتمت الدول الأولى بتعزيز دفاعاتها الحدودية والمبالغة في تحصين نقاط الضعف والثغور التي تسمح بمرور التدخلات الخارجية العسكرية منها والاقتصادية، كما أقلقت النوايا المجاورة الكثير من الملوك والرؤساء لذا نجدهم يكثفون حماية جهات حدودية معينة لردع واستباق الخطط الاستعمارية لدول الجوار.
ويكاد العراق أن يكون الأول منذ الأزل الذي عانى ولا زال من هذه المشكلة وتحديدا من حدوده الشرقية والشمالية، حيث لم يجف لعاب الممالك والجمهوريات التي قامت في هذه الدول منذ عهود ما قبل التاريخ حتى أصبح العراق ساحة لصراعاتهم وأطماعهم التوسعية والاقتصادية وحلبة لاستعراض العضلات الإيرانية والتركية. وفي حقب عديدة انتهكت حرمة الأمة العراقية واستبيحت أراضيها بترسانة الغزو الإيراني تارة والتركي تارة أخرى ليس لشيء سوى التحدي وإثبات الوجود على حساب ثرواتنا وأرواحنا وأرضنا التي تمزقت وتبعثرت أجزاءها على طاولات المعاهدات الباطلة والاقتسام اللصوصي.
في القرن الماضي وبعد ولادة الدولة العراقية في عشرينياته واكتشاف النفط، لم تتطهر نوايا الجوار من سوءها وظلت ترنو لثروة العراق الجديدة التي تفجرت آبارها حتى أغرقت جهاتنا الأربع بسيل المطامع، وفي أواسط القرن أضيف لتلك المطامع مطمع سياسي لما حققه العراق من تقدم بل قفزة تخطف الأبصار في المجال السياسي والاقتصادي وغيرها من المجالات التي صنفت العراق كأول دولة في عموم الشرق الأوسط والكثير من الدول الأخرى في الشرق والغرب التي صنف البعض منها الآن دولا عظمى كالصين والهند.
الآن في قرننا الحالي الذي يعد قرنا لحرب كونية على المياه، ثمة ما ينذر بخطر كبير يهدد بل باشر تنفيذ تهديده لبلادنا من قبل دول الجوار وعلى رأسها إيران وتركيا.
للعراق خزين واسع من عوامل الجذب الاستعماري فبالإضافة إلى ثرواته النفطية والزراعية والمعدنية والجغرافية لدينا الماء الذي أصبح سببا للموت بعد أن وجد ليكون سببا للحياة ودوام البقاء، وهناك عوامل سياسية محفزة لجشع الجوار وسائلها الانتماء القومي والعرقي والديني والمذهبي.
التهديدات التركية في شمال العراق عسكريا والانتهاكات المدفعية الإيرانية لحدودنا الشرقية لا يمكن قراءتها في ضوء حماية الأمن والاستقرار الداخلي لهاتان الدولتان بل يجب أن نضع جميع ذلك على طاولة المطامع الاقتصادية والسياسية والتوسع الجغرافي ونستدعي المعاهدات البغيضة التي سلخت الجسد العراقي بسكاكين الشاه والباب العالي لنقرأ بوضوح ما بين سطور هذا التاريخ الاستعماري الذي يدق نيابة عنا جرس الإنذار من هذه اللعبة المعدة بإتقان لاختراق العراق عسكريا.
من الضروري أن يلتفت الساسة العراقيون إلى الخلفية الاستعمارية لدول الجوار، فحزب الحياة الحرة الإيراني وحزب العمال التركي هما أشبه بمسمار جحا الذي سيتحول في فترة قريبة إلى مستوطنة مفتوحة الأبواب على العراق بأسره، هذه الدول تجيد انتهاز الفرص وتوظيف الفوضى العراقية لصالح نواياها، وعلى الحكومة ان تحول هذا المسمار الى مهماز تلكز به جيراننا ليلهثوا بعيدا عنا. علينا أن نجيد استخدام اوراق الآخرين للعب بها ضدهم ولدينا الكثير منها.
لدينا في إيران (جوكر) رابح ينتظر من يوظفه وهو إقليم الأحواز (خوزستان)، هذا الإقليم تقطنه عشائر عراقية وهي على خلاف حاد مع النظام الإيراني وتتحين الفرصة للانعتاق من قبضته التعسفية والعودة إلى العراق، ولدينا منظمة خلق التي باستطاعتها ان تشكل تهديد مسلح للاستقرار الإيراني ولدينا حزب الحياة الحرة وغيره من الاحزاب والحركات والجماهير الكردية الإيرانية التي اتخذت من شمال العراق وشرقه بلد آخر تمارس فيه حرياتها... وفي الجانب التركي لدينا التركمان العراقيين الذين يمكن استردادهم من خلال توفير الأمن لهم من التطلعات الكردية ومنحهم الحقوق التي حرموا منها، كما لدينا حزب العمال الكردي واكراد تركيا الذين يبحثون عن هوية هضمها النظام التركي بعجرفته القومية.
من جميع الجهات لدينا ادوات اختراق قومية وعرقية ودينية ومذهبية وسياسية وجغرافية واجتماعية واقتصادية تنتظر من يقدرها حق قدرها ويوظفها لما وجدت له.
ما زالت حكومتنا وساستنا عموما لا يفقهون من السياسة غير الجملة المستهلكة (السياسة فن الممكنات) حتى وإن كانت هذه الممكنات أدوات تمكين لكل من هب ودب بمقدرات العراقيين، بل أنها حق أصبحت أدوات شرعية للتدخل الخارجي الواضح في شؤوننا الداخلية وفتحت الباب على سعته للاقنعة الرجعية والشوفينية البعثية والقومية والطائفية إلى آخره من قائمتنا السوداء، قادتنا لا يعون أن السياسة الآن أصبحت (فن قهر المستحيل) وإذا لم يعمل قادتنا بهذا المبدأ فلا أمان لحدودنا ولا استقرار لأمننا وتحسن في اقتصادنا وتحضر لمجتمعاتنا وتطور لبلادنا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رئيس كولومبيا يعلن قطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل ويعتب


.. -أفريكا إنتليجنس-: صفقة مرتقبة تحصل بموجبها إيران على اليورا




.. ما التكتيكات التي تستخدمها فصائل المقاومة عند استهداف مواقع


.. بمناسبة عيد العمال.. مظاهرات في باريس تندد بما وصفوها حرب ال




.. الدكتور المصري حسام موافي يثير الجدل بقبلة على يد محمد أبو ا