الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ألا يعرف الرسميون العرب والفلسطينيون حقيقة انابوليس؟؟

عماد صلاح الدين

2007 / 11 / 29
القضية الفلسطينية


لم يعد خافيا حتى على غير السياسي أننا نحن العرب والمسلمين بإزاء مشروع أمريكي صهيوني خطير انطلقت شرارته في اتجاهين مع بداية العقد الأخير من القرن العشرين .

كان الاتجاه الأول قد بدأ في العراق مستغلين الخطأ الفظيع الذي ارتكبه صدام حسين في حينها باحتلاله للكويت ، ليكون ضرب العراق فاتحه لغزوه فيما بعد كما حصل في مارس آذار 2003 ، ومن ثم ليكون هذا البلد نموذجا حقيقيا وتطبيقيا لفكرة مشروع الشرق الأوسط الكبير أو الجديد القائم على فكرة الإقطاعيات المذهبية والعرقية والاتنية . وهذا ما حاولته وتحاوله أمريكا في العراق اليوم ، وما حاولت نقله وتحاول إلى بلدان أخرى في المنطقة العربية الإسلامية ، ولعل الحرب الأمريكية الإسرائيلية على لبنان في تموز العام الفائت دليل على ذلك . وأما الاتجاه الثاني فهو تصفية القضية الفلسطينية بالقضاء على أساسها وجوهرها القائم على حق العودة لثلثي الشعب الفلسطيني الذي هجر عن أرضه ودياره وممتلكاته في ارض فلسطين التاريخية وكان هذا الاتجاه قد بدأ بالتزامن بفترة قريبة أيضا مع مشروع عاصفة الصحراء الأمريكي من خلال إطلاق ما يسمى بعملية السلام ومؤتمر مدريد عام 1991 .

وقد تعثرت فكرة وواقع مشروع الشرق الأوسط الجديد أو الكبير الذي تنادي به أمريكا من اجل إحكام السيطرة النهائية على مقدرات المنطقة وثرواتها ، ولتكون إسرائيل هي الدولة الوحيدة الموحدة والأقوى استراتيجيا لخدمة مصالح أمريكا فيها ، ولعل هذا التعثر بدا في الاتجاهين السالفي الذكر. فعلى مستوى شطب القضية الفلسطينية بإلغاء حق العودة والحقوق الفلسطينية فقد فشل من خلال المعارضة المستمرة بكل الوسائل لمشروع أوسلو ، وما كان لهذه المعارضة الفلسطينية التي كانت تقودها حماس من دور في تبصير الفلسطينيين ابتداء بان أوسلو ليس إلا مشروعا لشرعنة الاحتلال على ما تبقى من ارض فلسطين ،وهو ما أثبتته المعطيات على الأرض لاحقا ، وهو ما أعطى هذه المعارضة من زخم وتأييد شعبي تمثل بإفراز قيادة جديدة حقيقة للشعب الفلسطيني في انتخابات يناير 2006 ، رغم تواصل الادعاء من قيادة أوسلو بأنها هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني ،أضف إلى ذلك مسيرة الفشل المتواصل للقضاء على المقاومة الفلسطينية منذ أوسلو وحتى يومنا هذا .

وفي العراق تعثر بل فشل المشروع الأمريكي الإسرائيلي فشلا ذريعا ، وكانت المقاومة العراقية بكافة أطيافها وتكويناتها لا سيما الإسلامية منها السبب الأساس في تسديد سهام الإصابة القاتلة للمشروع الأمريكي برمته ، والحديث عن الفشل لهذا المشروع ينسحب على لبنان وأفغانستان وربما الصومال والسودان .

لكن لان أمريكا وإسرائيل تعتبران ما جرى من تعثر يقع أولا في سياق المحاولة وثانيا لأنهما توقنان بان فشل المشروع سببه أطراف بعينها تمانع نجاح المشروع لما يمثله في النهاية من حالة من القضاء المبرم على أي أمل عربي إسلامي في التحرر والتطور والتنمية .

ولان الأمر كذلك ، فالولايات المتحدة الأمريكية وأداتها الإستراتيجية في المنطقة إسرائيل تريدان اتخاذ مجموعة من الإجراءات والتكتيكات السياسية والدبلوماسية بالتزامن أيضا مع التحضيرات العسكرية من اجل توجيه الضربة القاسمة والنهائية لقوى الممانعة والمقاومة في المنطقة العربية الإسلامية ، وهذه الضربة وكما تشير المعطيات منذ فترة ربما ستبدأ بقطاع غزة ليس باجتياحه فقط وإنما بإعلان حرب حقيقية على المقاومة فيه مهما كلف ذلك من ثمن ، وسيكون منوال العدوان على أطراف المقاومة والممانعة بعد ذلك تلقائيا وتصاعديا لتشمل حزب الله وسوريا وإيران ، ولذلك فان مؤتمر انابوليس الذي ستبدأ فعاليات انعقاده اليوم ليس هو إلا مؤتمر سياسي ودبلوماسي من اجل حشد دول الاعتدال العربي المتحالفة مع أمريكا وإسرائيل في مواجهة قوى الممانعة والمقاومة . ومن اجل دعم مواقف هذه الدول شعبيا على المستوى العربي أو الفلسطيني ستحاول أمريكا وإسرائيل إعطاء الفلسطينيين بعض تسهيلات حياتية ومالية في الضفة الغربية ، وإطلاق مفاوضات على شاكلة أوسلو بدون هدف أو جدول زمني محدد .وأما سوريا التي وافقت على الذهاب إلى مؤتمر انابوليس بشرط إدراج الجولان على جدول أعمال المؤتمر ، فهي سرعان ما سترفض الشروط الأمريكية والإسرائيلية للتفاوض معها لاحقا ، فسوريا تعلن وبصوت عال أن تفاوضها مع إسرائيل يحكمه الانسحاب الكامل من جميع أراضي الجولان، وعلى أن يكون ذلك في اطار زمني محدد ، وبالطبع هذا ما سترفضه إسرائيل والولايات المتحدة .

الدول العربية الحاضرة في انابوليس اليوم ،بما فيها الطرف الرسمي الفلسطيني تعلم علم اليقين ما هو الغرض الأمريكي والإسرائيلي من انابوليس ،والذي تقدمنا بشرحه والحديث عنه آنفا . لكن هذه الدول والطرف الفلسطيني معها يعرفون أيضا تمام المعرفة أن البديل الأمريكي والإسرائيلي بشروطه ورؤيته للمنطقة العربية الإسلامية ، أفضل تماما بالنسبة إليهم من المشروع الذي تقوده أطراف وقوى عربية وإسلامية مناوئة للمشروع الأمريكي الإسرائيلي . ذلك كله، لان العرب الرسمين ومعهم الوفد الفلسطيني يدركون أن لا مكان لهم في المنطقة إذا دبت في الأمة أوصال الحياة من جديد بنجاح أو انتصار القوى المقاومة والممانعة للخط الأمريكي والإسرائيلي . إنهم باختصار يعيشون على ضعف وذل العرب والفلسطينيين .

الشخصاني والفرداني الذي تحكمه مصالحه المالية والتجارية ، على استعداد أن يقبل بالقليل، ولو كان مشروعا أمريكيا إسرائيليا يحول قطره إلى إقطاعيات مذهبية وعرقية، لطالما أولا أن وجوده مرتبط بأصحاب المشروع ابتداء،وثانيا أن الأمل سيراوده بان يكون له حصة من هذه الإقطاعيات الفسيفسائية لقاء خدماته الجليلة للمشروع الأمريكي والإسرائيلي نفسه .
* باحث سياسي وقانوني فلسطيني








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. توقعات بتسليم واشنطن قنابل نوعية للجيش الإسرائيلي قريبا


.. غالانت: لا نسعى إلى الحرب مع حزب الله لكننا مستعدون لخوضها




.. حشود في مسيرة شعبية بصنعاء للمطالبة بدعم المقاومة الفلسطينية


.. فايز الدويري: الاحتلال فشل استخباراتيا على المستوى الاستراتي




.. ساري عرابي: رؤية سموتريتش هي نتاج مسار استيطاني طويل